خلل في ثلاثة مواقف
ابتليت فئة من أبناء المجتمعات المسلمة بداء الأحادية في التفكير والتمسك بالآراء حتى وإن كانت خاطئة، لا يرى إلا رأيه ولا يسمع من أحد ألبتة تصويبا لرؤيته الخاطئة ، فهو معتز بما يقول، ويراه الأصوب والأجدر بالتنفيذ دون غيره، لا يعجبه أن تسدي له رأيا ولا أن تقدم له نصيحة بأسلوبه الحسن، فهو كإبليس في الإباء وإن كان الاختلاف هو أن إبليس عصى ربه وخالفه وأبى تنفيذ أوامره، وهذا يسير على نهج وأسلوبه وإن اختلف حجم العمل ونوعيته من كفر وأمور متعلقة بحياة الفرد نفسه وتأمله مع الآخرين، وللأسف الشديد أن قضية الإباء والاستكبار مشتركة بين صاحب الخلل في التفكير وإبليس مع تنوعه واختلافه كما أشرت في النوعية وحجم الخطأ، هناك من بني البشر من يعصي والديه ولا يأبه لكلامهما ولا يشعر بمعاناتهما، ولا يفكر أن يحظى برضاهما، فهو يعيش لنفسه، فقد يصدم أحدنا عندما يسمع ما يندى له الجبين في مجتمعنا من قمة السفوح والكبرياء والاستهتار في تنفيذ الأفكار ولا يهمنا أن يكون ينظر لها بأنها في نظره ونظر الآخرين حرية شخصية أو تدخل في حياة الغير بل نظرتنا لها أنها خلل في التفكير وقد تكون في بعض الحيان معصية كبيرة:
الموقف الأول رجل كبير بالسن لكنه مازال في نظر والديه ابنا يعيش في مدينة بعيدة عن والديه يرفض السفر إليهما ولايفكر ألبتة في الذهاب إليهما توفيت والدته ولم يذهب حتى للمشاركة في دفنها ووالده طاعن في السن يأبى الذهاب إليه وعندما ينصحه من يعرفه يقول أنا حر في تصرفاتي ليس لكم دخل، وحتى الآن هو على النهج نفسه لايقتنع إلا بتفكيره وليس له مبررات، فقط أنه حر في كل ما يفعله.
الموقف الآخر شاب بدأ يشق حياته فاشل في دراسته رفض كل محاولات مساعدته الدراسية يريد تخصصا لا ينطبق عليه وكلما يحدثه من يعرفه بأن ذلك صعب المنال لايستمع للنصيحة والنتيجة ضياع أكثر من سنة عليه ومتمسك بآرائه والنتيجة عصيانه لوالديه بدعوى أنه حر في تصرفاته ولا يسمع لهم أمرا.
الموقف الثالث والأخير: شاب تخرج من المرحلة الثانوية لا يحافظ على واجباته الدينية يعيش لنزواته وكل وقته لنفسه لا يطيق كلمة نصيحة من إخوانه الكبار، وحطم كل آمال والدته به بعد وفاة والده، يعتبر رأيه هو الأصح، يرفض البحث عن عمل، ويقول إنه حر وليس لأحد دخل ولا يتقبل أي رأي من الناصحين.
قد يقول قائل ربما الأسلوب غير جيد غير لائق، لكن تجارب الناصحين من مختلف الشرائح لم تؤثر في هؤلاء، فماذا بعد ذلك، لقد جمع هؤلاء بين العقوق والأحادية في الرأي والتعنت فأي تأثير يمكن أن يصلح حال هؤلاء ورأيي أن من العلاج لهم وهو أهم وسيلة, الدعاء المستمر لعل وعسى أن يتبدل الحال للأفضل مع استمرار مناصحتهم بعدة وسائل ومن أشخاص مختلفين، فلعل أن يكون في ذلك تحقيق الحل الناجح الذي يغير حياتهم للأفضل. نسأل الله لنا ولهم التوفيق والعودة إلى جادة الصواب وكسب بر من تبقى من والديهم إنه جواد كريم.