الصيد الثمين

الصيد الثمين

<a href="mailto:[email protected]">salsuhamee@yahoo.com</a>

لا يكاد يمر ببعضنا يوم دون أن تعترض طريقه نائبة أو تعترض طريقه مشكلة، يقف حائرا حيالها لا يدري كيف يتصرف؟ وكيف يقضي على فكره الشارد وعلى قلقه المتزايد، يستعين بالقريب اللبيب، وبالصديق الحبيب، لعله يخرج من هذا الهم المحيط به، والحزن المسيطر عليه، يتساءل في نفسه ما المخرج، وما الطريق المساعد على تجاوز هذا الأمر؟ ويفوت عليه في غمرة النسيان، وآلام الحياة، أنه تناسى كاشف الهموم والأحزان ومن بيده تفريج الكربات، إذا لجأ إليه بصدق كشف ما يعاني منه، يقول الله تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون) سورة النمل. فالله يجيب دعوة المضطر ولو كان كافرا، فهل فكرنا في هذا الدعاء ولجأنا إلى الله في السراء والضراء وليس فقط حين يعترضنا بعض أمور الدنيا، ما أحوجنا إلى ذلك، وما أحوجنا إلى السير على نهجه، صلى الله عليه وسلم، فقد علم أصحابه، صلى الله عليه وسلم، الاستخارة وحثهم على الاستشارة معها وجعل ذلك نبراسا لكل مسلم يسير عليه في كل خطوة يخطوها وهذه الاستخارة الصيد الثمين الذي لا تقدر بأموال الدنيا كلها وتنصب في مصلحة الإنسان المسلم وهي التي ورد دعاؤها ليكون خطوة مهمة في تحقيق السعادة والراحة في حياة كل مسلم، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري. أو قال: عاجل أمري وآجله فأقدره لي، ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله. فاصرفه عني، واصرفني عنه، وأقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به) رواه البخاري وأبو داود والترمذي.
هذه هي الاستخارة الشرعية وفي حديث آخر (ما خاب من استخار وما ندم من استشار) فقد كان ديدن أصحاب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، اتباع نهج النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى أن بعضهم يبحث عن الطرق التي كان يسير فيها النبي، صلى الله عليه وسلم، كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فالعمل بنهج المصطفى، صلى الله عليه وسلم، هو هدفهم وأساس منهجهم لا يحيدون عنه قيد أنملة، ومن هنا أصبح لزاما عليهم السير على النهج الصحيح، والاستمرارية على ذلك، وفي ذلك تحقيق مكاسب عديدة، وشخصيا أذكر قبل سنوات أنني كنت مترددا في نائبة مرت بي ما الذي أفعله حتى ترتاح نفسي خصوصا أنها شغلت تفكيري كثيرا، وقد استشرت بعض الأصدقاء والدعاة ولكني لم أتوصل إلى نتيجة وصادف في إحدى زياراتي أن رافقت أحد الأصدقاء في زيارة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، وفقه الله، وتجرأت وسألت الشيخ عنها مع أنني كنت متكتما عليها لكنني رأيت أن أستشير الشيخ فيها فقال لي الشيخ عليك بالاستخارة ولا تكثر من الاستشارة وفوض أمرك إلى الله وستجد النتيجة والثمرة بإذن الله، وفعلا بعدها استخرت الله واتجهت إليه ففرج الله عني ما كنت فيه من كرب وهذا من نعم الله التي لا تحصى، فلله الحمد أولا وآخر، ولذلك فإني أتمنى أن نعطي جانب الاستخارة والاستشارة أهمية في حياتنا مع اللجوء إلى الله دوما كل ما يعترضنا حتى ننال رضاه ويتحقق المبتغى بمشيئة الله إنه القادر على كل شيء.

الأكثر قراءة