رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاستثمار السياحي في جازان

<a href="mailto:[email protected]">fah_arab@yahoo.co.uk</a>

السياحة في جازان مشروع استراتيجي مهم في مراحل تنفيذ خطة التنمية المستدامة في المملكة. ولقد بذلت الدولة كل الجهود والأموال عبر العقود الخمسة الماضية في جعل جازان المنطقة الحالمة المحافظة على خيراتها وما تكتنزه من ثروات طبيعية. فمنطقة جازان تعتبر الأعلى في كثافتها السكانية مع احتوائها على مساحات كبيرة من المناطق المتميزة بالتنوع النباتي والأحياء الفطرية. المتتبع لمراحل التنمية في هذه المنطقة يجد أنها مرت بتقلبات طبيعية واجتماعية جعلتها تنشغل ولحقبة زمنية طويلة في بعض مناطقها ببعض الحشرات غير المرغوب فيها, الأمر الذي جعل الوقت يصرف في التعامل مع مخلفاتها ونتائج إصاباتها سواء بالرش أو الردم أو معالجة المرضى من أفراد المجتمع والمصابين بما تنقله من جراثيم ممرضة. فيما يتعلق برش المبيدات الحشرية فقد كان وما زال رش المبيدات الحشرية هو الآلية المستخدمة لمكافحة نواقل الأمراض ولكن الكمية والنوعية اللتين يتم استخدامهما هما ما يشغل الباحثين والمسؤولين وأفراد المجتمع. ففي عام (2002 م) ازدادت نسبة الرش بالمبيدات في منطقة جازان إلى درجة بلغت أقصاها بعد ظهور وانتشار مرض حمى الوادي المتصدع, حيث كثفت جميع الجهود لمكافحة الناقل والفيروس فوق معظم مساحات جازان الخضراء واشتركت في ذلك ثلاث جهات للتعاون على دحر المرض. بالطبع فإن استخدام المبيدات الحشرية في نطاق زراعة المحاصيل الغذائية يلوث التربة الزراعية ومياه الري وبالتالي المحاصيل الزراعية. وقد أثبتت الدراسات أن وجود الزئبق والرصاص بكميات مختلفة في بعض المبيدات, ينبئ بخطرهما الممكن انتشاره واستمراره للأجيال المقبلة, حيث ورد في تقرير سابق لهيئة الأمم المتحدة (1982م) أن استخدام المبيدات الحشرية يؤدي إلى وفاة أكثر من 50 ألف نسمة ويسمم ما يزيد على 400 ألف نسمة سنويا, الأمر الذي أجبر منظمة الغذاء والزراعة "الفاو" على إعداد دستور المبيدات الحشرية واستخداماتها وتحديد مسؤوليات الحكومات ومنتجي المبيدات الحشرية عن بيعها وتوزيعها واستخدامها وحفظها. وإذا ما استمر استخدام المبيدات في ازدياد ودون خطة منظمة فإن المتوقع بعد ذلك هو زيادة عبء المراضة بهذه المنطقة والمناطق المجاورة لها. والشيء بالشيء يذكر, فقد أرسل فريق متخصص من المملكة وعلى درجة عالية من التأهيل لليونان للانخراط في دورة مكثفة عن قياس عبء المراضة, للعودة إلى أرض الوطن وتنفيذ البرنامج قبل أربع سنوات ولكن تأخر تنفيذ البرنامج إلى منتصف العام الماضي ودون أن يولي أهمية إعلامية. لذلك من أولى الأولويات الانتهاء من هذا الاستقصاء على وجه السرعة لما سيعود أثره على رسم خريطة المراضة بالمملكة وبمنطقة جازان بالذات, وتحديد الكيفية التي يجب التعامل بها مع الوضع الصحي المتغير من منطقة لأخرى. وسيعين المسؤول على كيفية استغلال السلبيات ليعيدها إيجابيات على المنطقة, كما أن ذلك سيوفر قاعدة معلوماتية جيدة للأبحاث العلمية للمنطقة بشكل عام.
الآن وبعد مرور ثلاثة أعوام من الاستقرار البيئي والصحي نسبيا على المنطقة, قد يكون مفيدا لو تمت الاستفادة من هذه المنطقة الثرية سياحيا. في الواقع لقد بدأنا نتلمس بعض التحركات الإيجابية تجاه الاستثمار فيها واستغلالها أفضل استغلال. فقد تم صرف أربعة ملايين ريال تعويضات لأصحاب المناحل وعددهم (926 مواطنا), وهم المتضررون من عمليات الرش الجوي أثناء انتشار مرض حمى الوادي المتصدع. كما تم منح بعض التسهيلات للمستثمرين في المنطقة مثل توافر الحوافز ورفع الرسوم عن كثير من البضائع, وفرض إعانات وصرف تعويضات مالية وحوافز تمويل للمشاريع الصغيرة، وحوافز الإعفاء الضريبي، والاستقدام مما عكس نضجا تجاريا على المجالات الاستثمارية كافة، وقد بني على خطة تنفيذية متأنية. بقي أن تتم دراسة الوضع الحالي من منظور طموح أصحاب القرار لحتمية تقويم وضع البنية التحتية بصفتها أحد مقومات تحقيق التنمية، وتحديد أوجه القصور، وعلى الأخص للمحافظات الأقل نموا واستكمال البنية الاستثمارية برفع معدلات النمو فيها والترويج لها.
لقد تنوعت أنشطة الاستثمار إلى زراعية وصناعية, كما أضيف تحسين النطاق العمراني إلى مشاريع الاستثمار باستكمال وتجهيز المنتجعات وإتاحتها للسائح, وتحسين ورفع سعة الفنادق الموجودة حاليا واستحداث جديدة لإحداث النقلة النوعية, إضافة إلى الاستثمار في المواشي وإنشاء المحاجر الصحية, وتسهيل عمليات نقل وتخزين البضائع والسيطرة على حركتها إلى المستودعات. هذه المطالب ملحة لدخول جازان مرحلة تاريخية غير مسبوقة. وإذا ما حاكينا وقوعها على شواطئ البحر الأحمر, فجازان تتمتع بثروة سمكية هائلة متعددة الأصناف والأنواع تضيف للسياحة البحرية أنشطة تتمثل في الصيد والإبحار والرياضات المائية المختلفة وزيادة المعرفة العلمية بالتعاون مع الجامعات التي لابد أن تكون من ضمن خطة مفصلة لتطوير وتنمية سياحة البحار والشواطئ. أما جزيرة فرسان فلأهميتها الجغرافية والتاريخية فإننا نناشد هيئة حماية الحياة الفطرية والهيئة العليا للسياحة, للتدخل بدرء خطر خلخلة النظام البيئي فيها, حيث أدى انخفاض منسوب مياه الأمطار في السنوات الأخيرة إلى اضمحلال الغطاء الخضري الذي كان سمة للجزيرة, وعدم توازن الحياة الفطرية المتعددة فيها مثل كثافة أسراب الطيور المهاجرة التي تمر بالجزيرة في رحلة هجرتها السنوية, والثروات السمكية والمرجان والأصداف والحيوانات البحرية المتنوعة. أما عمليات الصيد الجائر فلا تزال مستمرة للغزلان مشجعة الكثير على المتاجرة بها بطرق ملتوية وغير نظامية.
لا شك أن خطوة وزارة الزراعة بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الأخيرة لإطلاق برنامج شامل لحصر مناطق الغابات في مختلف مناطق المملكة، المقدرة مساحتها بنحو 7.2 مليون هكتار, وباستخدام صور الأقمار الصناعية, خطوة إيجابية جدا, وسيكون اختيار مواسم السياحة ومناطقها مبنيا على قواعد البيانات الدقيقة ومحددا فيه مع الرصد المناخي لمواسم الأمطار, بدايتها ونهايتها ومناطق هطلها سواء على المرتفعات أو الأراضي المنبسطة. وقد يوضع في الحسبان بدء السياحة الحقيقية في جازان في شهور الخريف والشتاء من كل عام مؤملين أن تبدأ من العام القادم (2006/2007م) بعد أن نكون قد دعمنا الأنشطة الاستثمارية بكل الإمكانات بجهود كل الوزارات المعنية وبأسلوب عصري في التخطيط والتنفيذ والتقييم والتطوير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي