هل تبدأ أسعار النفط رحلة الهبوط؟

هل تبدأ أسعار النفط رحلة الهبوط؟

بدأت أصوات متباينة في الصناعة النفطية تتحدث عن متغيرات في السوق على رأسها احتمال حدوث تراجع في الأسعار. وأعاد لورد برواني كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة "بي. بي" سابقا المعروفة حاليا بـ "ما وراء البترول،" تسليط الأضواء على وضع الأسعار وإذا كانت تتجه إلى الهبوط إثر ارتفاع مستمر خلال العامين الماضيين. وتوقع المسؤول النفطي خلال مقابلة مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن تتراجع الأسعار إلى نحو 40 دولارا للبرميل في المدى المتوسط وربما إلى 25 دولارا للبرميل في المدى البعيد، وذلك بسبب النمو في الإمدادات وتحسين معدلات استخلاص النفط من المكامن.
وأضاف أنه في الوقت الذي كان يمكن فيه استخلاص ما نسبته 20 إلى 30 في المائة من النفط الموجود في المكامن، فإن نسبة الاستخلاص وصلت في الوقت الحالي إلى 40 إلى 45 في المائة يمكن أن تزيد إلى 50 إلى 60 في المائة، الأمر الذي سيزيد حجم الإمدادات وتدفقاتها إلى الأسواق وينعكس تلقائيا على الأسعار.
من جهتها قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن سعر البرميل من خام ويست تكساس الحلو سيراوح في حدود 68 دولارا خلال هذا العام وأن النمو على الطلب سيكون في حدود 1.7 مليون برميل يوميا، بزيادة طفيفة من توقعات الإدارة في الشهر الماضي بنحو 100 ألف برميل يوميا، وهي الزيادة التي ستتم مقابلتها من المنتجين من خارج "أوبك".
ويضيف التقرير أن الإدارة تتوقع نموا في الإمدادات من خارج "أوبك" استنادا إلى أداء الربع الأول من هذا العام إلى جانب نمو في حجم السوائل المنتجة، وأن إنتاج النفط الخام من أنجولا التي ستزيد بمقدار نصف مليون برميل، البرازيل أكثر من 200 ألف و400 ألف برميل يوميا من بحر قزوين وغيرها ستعوض عن تراجع الإنتاج من بعض الحقول الشائخة في بحر الشمال والمكسيك.
لكن تبقى علامة الاستفهام الكبرى معلقة بخصوص موسم الأعاصير في منطقة خليج المكسيك في الولايات المتحدة، الذي بدأ هذا الشهر ويتوقع له الاستمرار حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. فمنذ موجة الأعاصير التي ضربت تلك المنطقة قبل تسعة أشهر بسبب أعصاري كاترينا وريتا فإن ما مجموعه 162 مليون برميل لا تزال مفقودة، وهي تمثل تقريبا ثلث إنتاج المنطقة المغمورة.
تقديرات إدارات الرصد الجوي تتوقع ما بين 4 إلى 6 من الأعاصير القوية من منطقة حوض الأطلسي، وإذا تجاوزت معدلات القوة والعنف المتوقعة، فإن ذلك سيؤثر على الإنتاج بصورة كبيرة.
الوكالة الدولية للطاقة أصدرت من باريس تقريرها الشهري يوم الثلاثاء تحدثت فيه عن بروز مؤشرات على حدوث تأثير للأسعار المرتفعة على الطلب، وأن الاقتصاد الأمريكي يبدو الأكثر تأثرا، حيث يتوقع للنمو أن يكون في حدود 900 ألف برميل يوميا، وهو ما يقل كثيرا عما كان متوقعا.
من جانبه، تناول المركز الدولي لدراسات الطاقة اللندني موضوع الأسعار بصورة مفصلة في تقريره عن حالة السوق الذي نشره أواخر الشهر الماضي، وأشار فيه بصورة واضحة إلى نمو في احتمالات انبعاث خطر التضخم وبالتالي الدفع باتجاه رفع معدلات الفائدة.
ويشير تقرير المركز إلى أن سعر البرميل ارتفع بمقدار الضعف بين الربع الثاني من عام 2004 والربع الثاني من هذا العام من نحو 35 دولارا إلى 70 دولارا للبرميل من خام ويست تكساس، وأنه خلال هذه الفترة ارتفع الطلب بنحو 2.6 مليون برميل يوميا. هذا في الوقت الذي حققت فيه الإمدادات من خارج "أوبك" نموا في حدود نصف مليون برميل يوميا فقط، وأنه تمت مقابلة هذه الزيادة من قبل السوائل التي تنتجها إلى جانب النفط الخام طبعا، حيث قامت الدول الأعضاء في المنظمة بالإنتاج بأقصى طاقة متاحة لديها تقريبا مضيفة نحو 1.8 مليون برميل يوميا، الأمر الذي أثر في حجم الطاقة الإنتاجية الفائضة المتاحة وسحب منها نحو 900 ألف برميل يوميا.
وبينما شكل حجم الطاقة الفائضة عنصر اطمئنان خلال فترة العقد الماضي، فإن تراجعها إلى أقل من 3 في المائة من حجم الطلب العالمي من نحو 8 في المائة قبل سنوات أربع، أصبح في حد ذاته عنصر إقلاق وحافزا لدفع الأسعار إلى أعلى، خاصة وهي تتركز في النفوط الثقيلة إلى حد كبير، بينما النمو خلال الفترة الماضية تركز في ميدان النفوط الخفيفة.
ويخلص تقرير المركز الدولي إلى أنه مع استمرار الأسعار في كسر الحواجز أحيانا ومواصلة الصعود لأسباب جيوسياسية وأمنية، إلا أنها تكاد تكون قد وصلت إلى ذروتها ولم يبق أمامها إلا التراجع خاصة والمخزونات المتوافرة يمكن أن تسهم في التعويض عن الاضمحلال في الطاقة الفائضة.
ويرى المركز أن النمو في الطلب سيكون سنويا هذا العام في حدود 1.4 في المائة، أو 1.17 مليون برميل يوميا كما يقدر أن إسهام المنتجين من خارج "أوبك" قد يكون في حدود 950 ألف برميل يوميا بسبب معاناة بعض المنتجين لمختلف الأسباب.
لكن من ناحية أخرى فإن حجم المخزون الذي يغطي في الوقع الراهن فترة 71 يوما يمكن أن يضيف يومين ونصف اليوم وذلك بسبب الإنتاج العالي المطرد للدول الأعضاء في "أوبك"، الذي يقدر المركز أنه سيكون في حدود 30.1 مليون برميل حتى نهاية العام، وهو ما سيوفر الفرصة للمخزون ليحقق نموا في حدود مليون برميل في الربعين الثاني والثالث من هذا العام ونصف مليون برميل في الربع الأخير، وسيسهم هذا في رفع غطاء المخزون لنحو 73.5 يوما من الاستهلاك، ويجعل سعر الخام من نوع برنت في حدود 64 دولارا للبرميل وسلة "أوبك" 60 دولارا خلال هذا العام.
ويخلص التقرير إلى أن المتغيرات الهيكلية التي تمر بها السوق من تباطؤ في النمو على الطلب ورفع للطاقة الإنتاجية في جانبي العمليات الأمامية والنهائية بما يوفر طاقة إضافية ستشكل ضغوطا على هيكل الأسعار وتدفعه إلى أسفل على المديين المتوسط والبعيد ويدفعها إلى التراجع بالسرعة نفسها التي صعدت بها.
وركز فريدون فشارسكي رئيس مجلس إدارة "فاكتس" للاستشارات على التقليل من أهمية العوامل الجيوسياسية والأمنية في رفع الأسعار، مضيفا أنها لم تسهم بأكثر من خمسة إلى سبعة دولارات في سعر البرميل الحالي، مضيفا أن السوق تحركها الأساسيات، وأن أسعار المشتقات تلعب دورا في دفع أسعار الخام إلى أعلى، خاصة بنزين السيارات الذي يعاني من ضعف الطاقة التكريرية، لكنه يتوقع حدوث تحسن في الوضع في ظرف أربعة إلى خمسة أعوام مع دخول طاقة تكريرية إضافية إلى السوق، خاصة أن الولايات المتحدة وحدها يتوقع لها أن تضيف 1.2 مليون برميل يوميا إضافة إلى نحو ثلاثة ملايين من منطقة الشرق الأوسط وأربعة ملايين من آسيا، وهو ما سيدفع إلى تراجع هامش الربح للمصافي ومن ثم ينعكس على أسعار الخام.

<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/jujujuju.jpg" width="499" height="300" align="center">

الأكثر قراءة