مطالب بتطوير البنية التشريعية والفنية للبورصات الخليجية وتوسيع العمل المؤسساتي
دعت دراسة اقتصادية دول مجلس التعاون إلى الاستفادة من دروس الهبوط الكبير في أسعار الأسهم خلال الأسابيع الماضية من خلال العمل على تطوير البنية التحتية التشريعية والفنية لأسواقها، وتوسيع رقعة العمل المؤسساتي سواء على صعيد الوسطاء وصانعي السوق أو المستثمرين.
وقالت النشرة الاقتصادية التي يصدرها بيت التمويل الخليجي إنه بغض النظر عن الأسباب الأساسية لموجة الانخفاض الأخيرة في أسواق الأسهم الخليجية، فإنه يبدو واضحا أن مختلف الجهات الرسمية المسؤولة عن المراقبة والإشراف على نشاط أسواق الأسهم كانت غير متأهبة لمواجهة المتطلبات المفروضة عليها إثر ذلك الهبوط.
ويتمثل الفرق المهم في هذا الإطار بين أسواق المال المتطورة والناشئة في مدى نضج وتطور المؤسسات والأجهزة التنظيمية والرقابية التي تشرف على هذه الأسواق. كما يتمثل في مدى تطور أنظمة التداول وحجم السوق وعمقها، والأنظمة المصرفية والنظام القانوني والوسطاء والمستثمرين وغيرها من العوامل.
ووفقا للدراسة، فإنه في دول مجلس التعاون تعد هذه المؤسسات إما غائبة وإما غير متطورة بالمستوى المطلوب، ولذا فإن الأولوية المطلوبة من المسؤولين وواضعي السياسات المبادرة بتسريع تطوير هذه المؤسسات الحيوية اللازمة لحسن عمل الأسواق.
وتعليقا على التفاوت في نمو أسواق الأسهم الخليجية، الذي تصدرته سوق الأسهم السعودية التي نمت بنحو 150 في المائة منذ عام 2004 يقول التقرير إن سوق الأسهم السعودية تعد الأضخم من حيث حجم الرسملة في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها كانت آخر سوق تعاني من مثل هذه التدني في أسعار الأسهم المتداولة فيها.
وأوضح التقرير أن التباين في أداء أسواق الأسهم الخليجية واتجاهاتها كان واضحا بشكل ملموس في الفترة ما بعد تشرين الأول (أكتوبر) 2004، حيث كان الاتجاه السائد في أسواق المملكة ودبي مختلفا عن النمط السائد في الأسواق الأخرى. ويتعين القول إن سلوك السوق السعودية له أهمية بالغة بالنظر إلى أنها أكبر أسواق الأسهم في المنطقة، حيث تمثل نحو 60 في المائة من إجمالي حجم رسملة السوق في دول مجلس التعاون، بينما تشكل سوق دبي ما لا يزيد على 9 في المائة.
وأرجع المحللون الزيادات الكبيرة في الأسعار في أسواق الأسهم إلى الكثير من العوامل، أهمها الطفرة الاقتصادية منذ بداية عام 2003، حيث أسهمت المقومات الاقتصادية القوية التي سادت جميع دول مجلس التعاون في إيجاد بيئة توفر فرصا تجارية هائلة لجميع الشركات والمؤسسات. وما ساعد على تسارع النمو الاقتصادي وجود أوضاع تشجع على تزايد معدلات الاستهلاك والاستثمار من قبل القطاعين الحكومي والخاص في كل دولة من دول المنطقة. ولا شك أن القطاع الخاص استفاد من الانتعاش الناتج من ارتفاع معدلات الإنفاق الحكومي في جميع المجالات بما في ذلك الأجور والتحويلات والبضائع، الخدمات، ومشاريع البنية التحتية.
ومن الطبيعي كما يوضح التقرير، أن هذا انعكس بدوره في النمو الهائل في أرباح الشركات وميزانياتها العمومية. ومع ذلك فإن هذا الاتجاه كان السائد في جميع دول المجلس ولا يوضح مثلا الفرق الهائل في الاتجاهات السائدة في كل من أسواق السعودية والكويت.
كما أن توافر معدلات ضخمة من السيولة يشير إلى توافر الأموال القابلة للاستثمار من مختلف المصادر بما في ذلك أرباح الشركات، المدخرات العائلية، وتسييل الأصول الأخرى سواء كانت أصولا أجنبية أو محلية. والأهم من ذلك توافر التسهيلات الائتمانية السهلة وزهيدة التكلفة.. وما يشجع هذا الاتجاه أن أنظمة البنوك المركزية التي تحكم الإقراض تتباين كثيرا من دولة إلى أخرى ضمن دول المجلس. وحتى في الأحوال التي لا تسمح فيها الأنظمة بتقديم الائتمان فإن البنوك والأفراد لا يعجزون عن إيجاد الوسيلة الكفيلة باقتراض الأموال لسبب ما بحيث يتم استعمال الأموال لاحقا لسبب آخر.
وعلى الرغم من صحة القول إن ارتفاع الأسعار في أسواق الأسهم الخليجية كان جزءا من الاتجاه العالمي، فإن الارتفاع في مؤشرات أسواق الأسهم في اقتصاديات الأسواق الناشئة الرئيسية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية كان محدودا، فيما أخذ كثير من أسواق الأسهم الخليجية في الارتفاع بمعدل أكبر كثيرا من ذلك قبل أن تأخذ في الانخفاض بشكل حاد. وفي الواقع فإن أداء أسواق الأسهم في اقتصاديات الأسواق الناشئة الرئيسة كان أقل اضطرابا وتذبذبا مقارنة بما هو عليه الحال في أسواق الأسهم الخليجية، إضافة إلى ذلك فإن مؤشر الأسواق الناشئة تفوق كثيرا على أداء معظم الأسواق الخليجية في الأعوام الثلاثة الماضية.