رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السوق العقاري في غياب نظام اقتصادي وقانوني

من المستحيل أن نستطيع أن نتطرق للسوق العقاري في المملكة أو غيرها من الدول بمعزل عن التطرق للاقتصاد المتكامل للدولة. فالعقار هو القاعدة الاقتصادية الثانية بعد النفط. ويزيد ناتجه المحلي عشرات المرات عن غيره من القطاعات مثل سوق الأسهم. هو المحرك الأكبر لقطاعات الاقتصاد الوطني سواء التجاري أو الاقتصادي أو الصناعي. فالمستفيدون من التطوير كثيرون.
إن هذه الاستثمارات، إضافة إلى كونها مربحة لبعض المواطنين إلا أنها نوع من تدوير الأموال لتتوزع على جميع القطاعات الاقتصادية ليطول منها الجميع مثل البنوك والمكاتب الهندسية والمقاولين وتجار مواد البناء ودور النشر والصحف ومكاتب الإعلانات والتسويق وشركات الحاسوب والإنترنت وغيرها. كما أن المواطن سيدور هذه الأرباح لشراء متطلبات أخرى له ولأفراد عائلته سواء من الكماليات كسيارات وساعات وأدوات تجميل والعلاج في المستشفيات والمستوصفات أو الأغذية وغيرها من التدوير للقطاعات الاقتصادية الأخرى وبذلك تحرك الاقتصاد الوطني. كما أنها ساعدت على امتصاص جزء كبير من السعودة وتشغيل غيرهم من الدول العربية والإسلامية الشقيقة.
وهذا الخلفية سببها أن هناك ممارسات في سوق العقار تشكل عثرات وإعاقة لنموه أو نمو الشركات العقارية، وأهم هذه المعوقات:
1- عدم وجود الإطار القانوني والدستوري الذي يحفظ حق المستثمر صاحب العقار ويمكنه من إخراج المستأجر إذا تأخر أو لم يدفع الإيجار. وكذلك تأخر القسط الذي يحل عليه في حالة البيع المنتهي بالتمليك.
2- بعكس سوق الأسهم الذي تنظمه هيئة رأس المال يفتقد سوق العقار إلى جهة أو هيئة منظمة له تضع ضوابط وأنظمة وقوانين تحكمه وتحاول التنبؤ بالمشاكل المستقبلية لهذا القطاع ومحاولة توجيهه لتلبية الاحتياجات والعرض والطلب الحالي والمستقبلي. وقد تكون تلك إحدى الخصوصيات التي يتميز بها هذا القطاع لما تعود المواطن عليه من إعطاء الثقة برواد العقار الذين اكتسبوا هذه الثقة وتوارثوها في المجتمع السعودي منذ الأزل.
3- تأخر الموافقة على قانون الرهن العقاري الذي كان موجودا قبل عقود قريبة ولكن بسبب ممارسة سيئة من البعض وبدلا من معاقبتهم تم إلغاؤه. وبذلك فقدنا فرصة التمويل العقاري كمحرك وعامل رئيسي لازدهار السوق العقاري.
4- غياب دور البنوك المحلية والدولية بسبب ممانعة نظام مؤسسة النقد.
5- عدم وجود الإطار القانوني الذي يسمح بتأسيس شركات التمويل.
6- عدم وجود الرادع القانوني للممارسات الخاطئة التي بدأت تشوه صورة العقار والتي تركت آثارها السلبية على سمعة المهنة ومؤسساتها العريقة ورجالها الموثوق بهم، وألحقت الضرر ببعض المواطنين الضعفاء. وهؤلاء استغلوا ثقة المسؤولين وولاة الأمر لمباركة تلك المشاريع ولكنهم خذلوا وزعزعوا تلك الثقة. واستعملوا أسلوب مبالغا فيه ومغريا لخداع الناس. وهي ممارسات لدخلاء قليلي الخبرة وحديثين على المهنة سواء بحسن أو سوء نية. وتمتد تلك الممارسات الخاطئة إلى مواضيع الاعتداء على الأراضي والصكوك المزدوجة التي يظهر أصحابها بعد البيع والتصرف في الأموال. أو الشراء بسعر وإدخال المساهمين بسعر أعلى متجاوزين بذلك الأنظمة والقوانين التي حددتها وزارة التجارة. أو التبايع فيما بينهم لرفع سعر الأرض على الصك.
7- قلة الوعي الاستثماري لدى بعض المواطنين الذين يسعون وراء الربح السريع وما يصور لهم من أرباح خيالية.
8- تعقيدات المساهمات العقارية، حيث إن الاشتراطات والانتقادات للإجراءات التي يجب اتباعها لتنظيم المساهمات العقارية بدأت تأخذ منحى آخر معقدا وشائكا وكثر الجدل حولها والمطالبة بشروط أكثر لمحاولة تقييدها وتعقيدها. وهذه الاشتراطات كثيرة تبنتها وزارة التجارة ونشرت في الصحف المحلية والندوات وكتب عنها الجميع.
وهي ممارسات يجب ألا نغمض أعيننا عنها ولا ندعها تمر بسهولة وأن تطرح على طاولة النقاش لوضع حد لها ولردع غيرهم، وإلا فإنها ستبقى وصمة سوداء في تاريخ إحدى أهم قواعدنا الاقتصادية وستترك سلبياتها على بقية الاقتصاد الوطني وفي نهاية المطاف ستساعد على هجرة الأموال والاستثمارات إلى الدول المجاورة مما يؤثر سلبيا على اقتصادنا ومدخراتنا.
فالاستثمار العقاري يعتبر إحدى أهم القواعد الاقتصادية للدولة ويقدر حجمه بالمليارات. وهو في ظل وجود بعض التعقيدات في الأنظمة التي تقيد القواعد الاقتصادية الأخرى مثل التجارة والصناعة والسياحة والزراعة وما تلقاه هذه الأنشطة من مشاكل صعوبة الاستقدام في وقت لم تهيأ له فكرة السعودة، يبقى الاستثمار في العقار والأسهم أسهل وأسرع فرصة للاستثمار وأكثرها جاذبية لحين نجاة وإعادة الحياة لقنوات الاستثمار الأخرى التي أشبعت تعقيدا، وقد سلك الاستثمار العقاري منحى متميزا خلال السنوات الأخيرة لينافس التجارب الدولية الرائدة. وليصل إلى مرحلة الإبداع والتميز وليضفي صورة وسمعة متميزة عن التطور العمراني والحضاري للمجتمع السعودي. إلا أن هذا التميز والإبداع بإيجابياته الواضحة ما زال يواجه بعض التحديات التي تعكر المناخ الاستثماري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي