القاسم: لا أؤيد من يطالب بإيقاف العمل في سوق الأسهم
أكد الدكتور يوسف القاسم الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء أن القضايا المستجدة تحتاج إلى تتبع واستقراء؛ وذلك لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره, والواقع أن عالم الاقتصاد, بل والعالم بأسره، أصبح يطل علينا يومياً بكل جديد.
وقال في حوار لإسلاميات معاصرة إن أهم ما يجب أن يتعلمه المشتغلين بالسوق: التفقه في مسائل البيع والشراء. وأبان أن الاختلاف بين المفتين ظاهرة طبيعية وجدت منذ عصور متقدمة، ولهذا لا ينبغي أن ينتقد أهل العلم في ذلك، وقد شعر العامة بهذا المأزق بسبب كثرة برامج الفتاوى التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة، وتحدث عن جوانب أخرى تهم المتابع كالجوانب الاقتصادية وفيما يلي نص الحوار ..
ما سبب التوجه للكتابة في الاقتصاد الإسلامي؟
الحقيقة أن أول اهتمامي للكتابة بهذا الموضوع كان عبر البحث الذي كتبته للترقية قبل أكثر من سنة، وعنوانه " زكاة الأسهم المتعثرة " وقد نشر بعد تحكيمه في مجلة العدل الفصلية، وفي بعض المواقع والمنتديات، وقد دفعني للكتابة في هذا الموضوع كثرة المساهمات المتعثرة التي شهدها بلدنا - وللأسف - هذه السنوات الأخيرة، وكثرة سؤال الناس عنها، مما دفعني للكتابة في هذا الموضوع حيث لم أقف على أي بحث أو كتاب عن هذه المسألة النازلة، وبعدما نشر هذا البحث، هاتفني أخي الفاضل الأستاذ عبد الحي شاهين الكاتب في موقع الإسلام اليوم طالباً الكتابة حول أي موضوع يتعلق بالأسهم، حيث كان تعلق الناس حينها بالسوق على أشده، وكانت رغبته تلك من أجل أن ينشر المقال في مجلة الإسلام اليوم، وكنت حينها أسمع ببعض السلوكيات الخاطئة في سوق الأسهم، فقررت أن يكون المقال حول هذا الموضوع، وحيث لم يكن لي سابق خبرة في هذا المجال فقد سألت بعض الإخوة المهتمين بالسوق عما يدور في الكواليس وفوق الطاولة وتحتها، فوقفت على تجاوزات يندى لها الجبين، فكتبت المقال حينها، ونشر في المجلة، وكان عنوانه "قراءة نقدية لواقع المساهمات في السوق المحلي" وكان له صدى طيب في أوساط المهتمين بالأسهم، حيث نشر في عدد من المواقع والمنتديات، وقد أشرت في ذلك المقال إلى ما يقع في سوق الأسهم من مخالفات شرعية، من نجش, وتدليس, وإشاعات كاذبة، حتى أصبح من المقولات السائدة "اشتر على الإشاعة وبع على الخبر!!" وهكذا أصبح السوق في الحقيقة مجموعة من السلوكيات الخاطئة، وزاد الطين بلة تلك المضاربات التي رفعت بأسعار بعض الشركات إلى معدلات غير حقيقية، حتى نطق المجانين قبل العقلاء، والبسطاء قبل العلماء، بأنها قمار، وأنها ستهوي بالسوق نحو القاع، وقد أشرت في المقال الآنف الذكر إلى هذه الحقيقة، ومن الطريف حقاً أن الأستاذ المحرر عبد الحي أضاف إلى هذا المقال شيئاً من السخونة، حيث أعطاه عنواناً آخر، وهو " سوق الأسهم على شفا انهيار " ونشر في المجلة في عددها الثامن، ثم نشر على الصفحة الرئيسية لموقع الإسلام اليوم قبل الانهيار بأيام قليلة، وكأنه صيحة تحذير للمضاربين في السوق !
هل تعتقد أن الاهتمام بقضايا الاقتصاد ونوازل العصر يحتاج إلى متابعة مستمرة؟
لاشك أن هذه القضايا المستجدة تحتاج إلى تتبع واستقراء؛ وذلك لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والواقع أن عالم الاقتصاد، بل والعالم بأسره، أصبح يطل علينا يومياً بكل جديد، وهذا يحتاج من طالب العلم إلى أن يتابع كل ما يستجد في الساحة قدر الإمكان، حتى يضع الحكم الشرعي في محله الصحيح، ولهذا قرر ابن القيم في أعلام الموقعين أن المفتي لا يتمكن من الفتوى إلا بنوعين من الفهم، أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، والثاني: فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله تعالى الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يطبقه على هذا الواقع.
هل ترون أن هناك أموراً وضوابط لا بد أن يتعرف عليها المتعاملون في أي سوق تجاري ؟
أهم ما يجب تعلمه على المشتغلين بالسوق: التفقه في مسائل البيع والشراء، ولهذا روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:"من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا " بل استدل بعض المفسرين ومنهم القرطبي على ما قرره عمر بقوله تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) وعلق القرطبي على هذه الآية بقوله: "لا تدفع مالك مضاربة ولا إلى وكيل لا يحسن التجارة"، وكثير من الممارسات الخاطئة الواقعة في أسواق المسلمين سببها الجهل بأحكام التجارة، وإن كان الدافع الأكبر لها هو الهوى وحب المال الذي يعمي ويصم .
يفتقد الناس الطرح التربوي الاقتصادي لمعالجة قضايا التعامل الساخنة بين المتعاملين في المجال الاقتصادي.
في الواقع هذا الطرح موجود، ولكنه بشكل محدود جداً, وينبغي تفعيل هذا الطرح، ليس على المستوى الاقتصادي فحسب، بل على جميع المستويات، فمراعاة الجانب التربوي هي من صميم وظيفة الأنبياء والرسل، ولهذا نجد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد أعطى هذا الجانب حقه من الاهتمام، ففي مجال السوق والبيع والشراء نجده عليه الصلاة والسلام يدخل السوق بنفسه, ويراقب سلوك الباعة, ويقوِّم ما اعوج منها بأسلوبه الحكيم, ولهذا حين دخل مرة السوق, ومر على صبرة طعام، أدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال ما هذا يا صاحب الطعام ؟ فقال : أصابته السماء يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني، والحديث في صحيح مسلم. وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض" وفي صحيح مسلم"ولا يسم الرجل على سوم أخيه " فهذه الأحاديث القولية, والعملية, كلها تغرس في نفس المسلم حس المراقبة، وتحمله على الأخلاق الفاضلة في السوق وخارجها، ولهذا ورث منه أصحابه الكرام هذا الأسلوب التربوي العملي, فكان عمر يمارس هذا الأسلوب ذاته، فقد روي عنه أنه دخل السوق مرة، فرأى رجلا يحمّل جمله أكثر من طاقته، فقال له عمر منكراً عليه: "حمّلت جملك ما لا يطيق!" ومرة دخل السوق فمر بحاطب بن أبي بلتعة وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فسعّر له مدين لكل درهم، فقال له عمر: قد حدّثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيباً، وهم يعتبرون سعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت. فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطباً في داره، فقال له: إن الذي قلت ليس بعزمة مني ولا قضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع " وبتأمل هذا الأثر نجد عمر قد اهتم بشأن السوق حين دخله وقام فيه بجولة, رغم مكانته رضي الله عنه، ثم إن هموم الناس قد خالطت شغاف قلبه، حين خشي أن يؤدي تخفيض سعر البيع إلى الإضرار بالباعة، ولهذا أمر حاطباً أن يبيع بسعر السوق، وبعد أن خرج من السوق لامته نفسه، وخشي أن يكون قد تدخل فيما ليس من شأنه، فرجع إلى السوق ثانية، وقال له ما قال معتذراً، وهذا من تواضعه رضي الله عنه، ثم صرح له بالبيع كيف شاء، وترك سعر السوق يخضع لقانون العرض والطلب دون تدخل منه، أو من غيره. ومما روي عنه رضي الله عنه أنه رأى مرة رجلاً خلط اللبن بالماء، ويبيعه على هذه الصورة، فأراقه عليه. فهذه المواقف ونحوها، تعطي المتعاملين في السوق دروساً عملية في التربية، واستحضار مراقبة الله تعالى في البيع والشراء، وتحريم إلحاق الأذى بالناس .. إلخ، وهكذا ينبغي أن يكون ورثة الأنبياء، وهم العلماء، فينبغي أن يكرسوا الجهد في سبيل الدعوة, والتربية, والإصلاح.
يقف المستفتي حائراً في أحيان كثيرة بسبب تضارب الفتوى، فكيف يمكن للمستفتي أن يتجاوز هذا المأزق؟
الاختلاف بين المفتين ظاهرة طبيعية وجدت منذ عصور متقدمة، ولهذا لا ينبغي أن ينتقد أهل العلم في ذلك، وقد شعر العامة بهذا المأزق بسبب كثرة برامج الفتاوى التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة، وهي ظاهرة صحية وليست مرضية، ما دام المفتي المستضاف على قدر من العلم والحكمة، وقد كتبت مقالاً في موقف العامي من خلاف المفتين - منشور في موقع الإسلام اليوم - بينت فيه المخرج من هذا المأزق بكلام مفصل، حاصله: أن المستفتي لا يجوز له أن يتتبع الآراء الشاذة ولا أن يتتبع رخص الفقهاء بإجماع أهل العلم كما حكاه الحافظ ابن عبد البر، وإذا اختلفت عليه الفتوى فالراجح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أن العامي يجتهد حسب تمييزه، ويتقي الله حسب استطاعته، فإن ترجح له قول أحد المفتين لكونه الأعلم الأورع أخذ بفتواه، فإن استويا في العلم والورع، أو شق عليه معرفة الأعلم منهما، وكانت نفسه تسكن لفتيا أحدهما ويطمئن لها قلبه دون فتيا الآخر، أخذ بهذا المرجح، وكذا لو ترجح له قول أحدهما لكثرة من أفتى به من أهل العلم.
كيف ترى أهمية دراسة الاقتصاد والاستفادة مما فيه من إيجابيات، وهل هناك أخطاء يتم تصديرها للعالم الإسلامي؟
أرى أن هذا من الأهمية بمكان؛ إذ لا ينبغي أن نبدأ من حيث بدأ غيرنا، وإنما نبدأ من حيث انتهوا، وهذا يعني أن نستفيد مما لديهم من حسنات وإيجابيات، لا أن نستورد ما عندهم بعجره وبجره، بمعنى أن نؤسس اقتصاداً إسلاميا مستقلاً لا تابعاً، مع الاستفادة من الخبرات والتجارب الأخرى, لا أن نقوم بعملية ترقيع للاقتصاد الشرقي أو الغربي، مع الاحتفاظ بالأسس التي تقوم عليها تلك الأنظمة، فيصبح التعديل في الشكل لا في المضمون، والنتيجة اقتصاد مسخ، كما هو الحال في برامج الأطفال الكرتونية التي تستورد من هنا وهناك، ثم يجرى عليها بعض اللمسات الإسلامية التي لا تغير المضمون، وهكذا نعتمد على عقول الآخرين، ونستغني عن عقولنا وإبداعاتنا، ونكون عالة على غيرنا، ونبقى متخلفين في ركب العالم الثالث.
وبالنسبة إلى الشق الثاني من السؤال، فإنه لا شك أن هناك أخطاء كثيرة تم تصديرها لعالمنا الإسلامي بقصد أو بغير قصد، ومن أبرزها هذا الربا الذي يمارسه عدد من البنوك في بلادنا الإسلامية، مع كونه كبيرة من أكبر الكبائر، والغريب أنه بدأت تظهر هناك في الغرب بعض النداءات المطالبة بإلغاء الربا؛ لأنه لأن الواقع أثبت فشله أمام التعاملات المصرفية الإسلامية، وأنها أكثر جدوى ربحية منه، وقد نشر في جريدتكم الاقتصادية خبر أو تقرير عن هذا الموضوع، وأنه قامت بعض المصارف الأوروبية بافتتاح فروع إسلامية في بلادها لما ثبت لديها من الجدوى الاقتصادية لهذه المصارف، ومع هذا كله نجد من بني جلدتنا من يأكل الربا بكلتا يديه، ويؤكل غيره، بل ويحرم كثيراً من أبناء الوطن من الدخول في بعض الشركات المساهمة؛ لأنه أبى إلا أن يأكل الربا ويدعو الناس معه على مائدته!!
ومن الأخطاء التي تم تصديرها إلى بلادنا الإسلامية هذا النظام الغربي لسوق الأسهم, الذي ضحاياه اليوم أكثر من مليوني شخص مابين قتيل وجريح ! وهذه الضحايا كما تهاوت في سوقنا، فقد تهاوت قبل في نيويورك، وفي الكويت، وفي دول جنوب شرق آسيا، وغيرها، ولا عجب مما حل في سوقنا إذا علمنا أن هذه الصالات تدعى في بعض البلاد الغربية بصالات القمار، وما حرم الله تعالى الرحيم بعباده على خلقه شيئاً إلا لما يشتمل عليه من ضرر في العاجل والآجل، ولو لم يكن فيه من ضرر إلا أنه أدى إلى ركود اقتصادي في البلد، بل أدى إلى نقيض ما أسست الشركات من أجله وهو الاستثمار، حتى قامت بعض الشركات باستثمار 60 في المائة من السيولة التي لديها في هذه السوق التي تلقف ما صنعوا، ولهذا فالواجب أن نستلهم الدروس والعبر مما يمر بنا من أزمات، حتى لا نلدغ من جحر واحد مرتين، أو أكثر!! ومن الخطأ أن نعتقد أن هذا النظام القائم هو قدرنا الذي يجب علينا أن نختاره، فنلزم أنفسنا بتجربة أو تجارب أثبت الواقع فشلها، فكم سمعنا في وسائل الإعلام المختلفة أن هذه السوق قوية واقتصادنا واعد، فلا يمكن أن تنهار السوق، وخالف الواقع كل هذه القناعات! وانهارت السوق بين عشية وضحاها. والواقع أنه لا غرابة من هذا الانهيار، ولأضرب لذلك مثلاً: لو أن مجموعة من المضاربين اجتمعوا على سيارة أجرة قديمة مستعملة أكل عليها الدهر وشرب وتقيأ، وليس للناس رغبة للركوب فيها، فهي لا تدر على صاحبها ربحاً يذكر، بل ربما ينفق عليها أكثر مما يأخذ منها، كما هو ظاهر من حالها، ومع هذا كله أخذ هؤلاء المضاربون يبيعونها ويشترونها في اليوم أكثر من ألف مرة، وبأسعار لا تتفق مع الواقع، وهي واقفة لا تراوح مكانها ! وسبب هذا الغلاء لهذه السيارة المهترئة، أن المشترين كثر، فمهما اشتريتها بسعر غال فستجد من يشتريها منك، وهي واقفة لا تتحرك، فهل هذا بيع أسس على تقوى من الله ورضوان، أم هو قمار أسس على شفا جرف هار، فانهار به، وهكذا الأسهم حين هوت بأصحابها، حيث كانت المضاربات تتم على شركات تراوح مكانها، والمضاربون يساومون عليها وهي تغط في نوم عميق!!
هناك بعض الآراء لكم تشير إلى تشابه الأسهم مع القمار، هل بنيت ذلك على أسس معينة؟
أحب أن أنبه أولاً: بأن هذا الرأي سبقني فيه غيري من أهل العلم، ممن هم من مشايخي وأساتذتي في هذا المجال، وما أنا إلا تلميذ صغير من تلامذتهم، ومن أبرز هؤلاء العلماء: الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير وهو عضو في مجمع الفقه الإسلامي، والدكتور صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ عبد القادر شيبة الحمد المدرس بالمسجد النبوي، وكذا الشيخ عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء الذي أشكره حقيقة على شجاعته حين أعلن هذا الرأي، وأراه اقتنع به أخيراً حين رأى وسمع هذه الآثار المدمرة للإنسان والاقتصاد على حد سواء، حتى أصبح البعض منا عالة يتكففون الناس!
وأما بالنسبة إلى الأدلة التي استندت إليها، فهي في مقالي الذي نشر في جريدتكم الموقرة، كما نشر في بعض المواقع والمنتديات، وعنوانه "المتاجرة بالأسهم مضاربة أم مقامرة ؟" فأحيل إليه القارئ الكريم، ففيه إجابة عن هذا التساؤل.
ظهرت لبعض العلماء أقوال ودعوات بخصوص الرغبة في انتهاء معاملات الأسهم إلى الأبد، ما رأيكم في ذلك؟
في الحقيقة لا أؤيد هذا القول إطلاقا؛ لأن الشركات القائمة على أسلوب الاستثمار أثبتت جدواها، وكانت داعماً اقتصادياً قوياً للبلد، هذا بالنسبة إلى أسلوب الاستثمار. أما بالنسبة إلى أسلوب المضاربة، فهو بأسلوبه الحاضر قائم على مفهوم القمار, وينبغي إعادة هيكلته بما يجنب الناس الحرام والوقوع في شرك الانهيار والإفلاس، ولدينا ولله الحمد من الطاقات والخبرات، ما هي كفيلة بإذن الله بوضع الأسس السليمة لذلك وقد قرأت لأحد الخبراء في هذا المجال وهو الفقيه الاقتصادي (د. محمد الشباني) اقتراحاً جيداً لأسلوب المضاربة يساهم في تنشيط الاستثمار، ويضع حداً للمضاربات سيئة الصيت، وذلك أولاً: بأن يتم تحديد سعر السهم على أساس القيمة الدفترية للسهم مضافاً إليها نسبة مئوية على القيمة الدفترية للسهم، وتحدد هذه النسبة وفقاً لمؤشرات ربحية الشركة في الماضي والمستقبل، وتتغير هذه النسبة كل أربعة أشهر وفقاً للبيانات والمعلومات عن الشركة نفسها وعن القطاع الاقتصادي الذي تنتمي إليه هذه الشركة، وتتولى هيئة السوق المالية تحديد هذه النسبة. وثانياً: أن يتم تحديد مدة زمنية بين حركة البيع والشراء، بحيث يمنع بيع السهم إلا بعد مرور هذه الفترة؛ لمنع حمى المضاربة في الأسهم، ومن أجل العمل على استقرار السوق المالية، وقد أشرت إلى هذا كله في المقال الموسوم بـ "سوق المال وصورة طبق الأصل".
عودة بعض المهتمين بالاقتصاد في الغرب وخصوصاً المصارف إلى الاستفادة من النظام الإسلامي، إلام تعزو ذلك ؟
أعزوه إلى عدة أسباب، منها:
أولاً: النجاح الذي حققه عدد كبير من المصارف الإسلامية، وثبوت الجدوى الاقتصادية لمعاملاتها المصرفية، وأنها أكثر جدوى من المعاملات الربوية.
الثاني: رغبة كثير من الجاليات المسلمة هناك في المعاملات المصرفية الإسلامية، وقد حقق هذه الرغبة بعض البنوك، مما اضطر بنوكاً أخرى إلى الدخول في هذا المشروع الإسلامي الكبير نزولاً عند رغبة عملائها، ولا سيما وقد أثبتت جدواها الربحي.
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/11s1.jpg" width="499" height="300" align="center">