"لعنة النفط" تهدد الاقتصادات الإفريقية وتنشر الفساد والمحسوبية

"لعنة النفط" تهدد الاقتصادات الإفريقية وتنشر الفساد والمحسوبية

يتحدث خبراء عن "لعنة النفط" في إفريقيا حيث لا تستخدم الدول المصدرة مثل نيجيريا سوى القليل من العائدات لتحسين حياة ملايين الفقراء ويعرقل
الذهب الأسود التنمية. ويحتل النفط خصوصا في خليج غينيا، الذي يثير أطماع الولايات المتحدة والهند والصين، محور قضايا حسن الإدارة والتنمية في القارة السوداء.
وقال البروفسور في جامعة باريس دوفين جان ماري شوفالييه مدير مركز كمبريدج لأبحاث الطاقة إن "أموال النفط تتبخر في السافانا، ولا تستخدم في التنمية الإفريقية".
وتشكل تشاد إحدى الدول الأفقر في العالم والبلد المصدر للنفط الخام (200 ألف برميل يوميا) منذ 2003 نموذجا للآمال الكاذبة المعلقة على النفط.
وقال الباحث جيرو ماجران في ندوة نظمتها أخيرا في باريس الوكالة الفرنسية للتنمية إن "التشاديين لا يفهمون كيف لا تؤدي زيادة النفط إلى تحسين حياتهم".
وكان استثمار النفط التشادي من قبل كونسورسيوم أمريكي - ماليزي عن طريق الكاميرون موضوع اتفاق مع البنك الدولي اعتبر مثاليا. وقال ماجران إن "الأمر يتعلق باستخدام النفط للتنمية المستدامة". ويفترض
الاحتفاظ بـ 10 في المائة من العائدات للأجيال المقبلة وتخصيص 85 في المائة من العائدات المتبقية للتنمية.
لكن نظام الرئيس إدريس ديبي إيتنو الذي تهدده حركات تمرد مسلحة لا يريد تطبيق هذا البرنامج معارضا بذلك البنك الدولي مما يقضي على الأمل في أن تنجو تشاد من "لعنة النفط" التي ضربت الدول المصدرة الأخرى في إفريقيا.
وأدى الذهب الأسود إلى تغييرات كبيرة في بنية الاقتصادات وعرقل تنمية نشاطات التصدير الأخرى وغذى المحسوبيات والفساد والبيروقراطية دون أن يحسن حياة الفقراء.
وقال جان ماري شوفالييه إن مؤشرات التنمية للدول المنتجة ليست أفضل من مؤشرات الدول المستوردة في إفريقيا التي تؤمن نحو 11 في المائة من الإنتاج وتضم 4 في المائة من الاحتياطي العالمي.
وفي إفريقيا جنوب الصحراء تصدر بعض الدول منذ فترة طويلة النفط الخام من بينها الجابون ونيجيريا والكونغو والكاميرون. ومنذ سنوات انضمت دول أخرى إلى السوق هي تشاد وغينيا الإستوائية والسودان وساو تومي وبرانسيب وأخيرا موريتانيا. وتشكل نيجيريا مدرسة في هذا المجال، فهي الدولة الأولى المصدرة للنفط في إفريقيا بـ 2،5 مليون برميل يوميا لكن "التطور فيها كارثي والبلد يسجل تراجعا في مجال التنمية البشرية"، على حد قول فيليب سيبيل لوبيز من المعهد الفرنسي للشؤون الجيوسياسية.
ويعيش أكثر من 70 في المائة من السكان البالغ عددهم 130 مليون نسمة في البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في القارة السمراء، في الفقر وبأقل من دولار واحد يوميا. ويغذي البؤس مشاعر الإحباط والعنف في دلتا النيجر كبرى مناطق الإنتاج.
وقال جان ماري شوفالييه إن خبراء من موريتانيا "جاؤا ليسألونا ماذا نستطيع أن نفعل لننجو من لعنة النفط؟". ورأى بول كولييه الاقتصادي في جامعة أوكسفورد أن الدول الغنية "يجب أن تمارس ضغوطا لوضع آليات لسلطة مضادة" يمكنها تحسين مراقبة الثروة النفطية وتشجيع النمو.
ومع أن الصورة قاتمة، يلوح بعض الأمل. فالمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في نيجيريا كما في تشاد تحاسب الحكومات اكثر فأكثر وتحاول الضغط من أجل استخدام أفضل للذهب الأسود.

الأكثر قراءة