مصانع السيارات اليابانية تصمد أمام المنافسة العالمية
تواصل صناعة السيارات في اليابان الاستفادة من مجموعة من العوامل والمؤثرات العالمية في عالم صناعة السيارات العالمية، حيث نجحت الشركات اليابانية في زيادة وتيرة إنتاجها على مستوى العالم وبالتزامن مع مشاكل متنوعة تعاني منها شركات السيارات في باقي دول العالم وبالأخص الأمريكية منها وللمفارقة فإن حجم الإنتاج والمبيعات للسيارات اليابانية ارتفع في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة عالية خلال العامين الماضيين، كما أن شركة تويوتا تقترب مع نهاية هذا العام من الوصول إلى المرتبة الأولى عالمياً على مستوى الإنتاج متخطية بذلك مجموعة جنرال موتورز الأمريكية التي تبوأت هذا المركز منذ عقود طويلة.
ومن العوامل التي أسهمت في تحسين وضع السيارات اليابانية في مختلف أسواق العالم انخفاض سعر صرف الين الياباني مقابل الدولار واليورو، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المبيعات بشكل كبير في مختلف مناطق العالم.
مقابل ذلك شكل الطلب على السيارات الهجينة عاملاً مساعداً في رفع حجم الإنتاج، على الرغم من أن هذه السيارات لا تعتبر من الناحية الاقتصادية ذات جدوى كون سعر مبيعها يقل بدرجة كبيرة عن سعر تكلفتها بشكل عام، ولكن رغبة الشركات اليابانية في تقديم حلول مبتكرة لمسائل مثل ارتفاع أسعار الوقود والمحافظة على البيئة دفعت هذه الشركات إلى توفير هذه السيارات كنوع من الدعاية، وأبرز دليل على ذلك ارتفاع مبيعات شركة مثل تويوتا إلى ما يزيد على نصف مليون وحدة من السيارات الهجينة، إضافة إلى دخول شركات مثل هوندا، ونيسان على هذا الخط.
وفي هذا التحقيق نستعرض أبرز شركات السيارات اليابانية وأعمالها خلال الأعوام الماضية إضافة إلى خططها المستقبلية ومجموعة طرزها ونذكر بشكل خاص تلك التي يتم توريدها إلى منطقتنا.
تويوتا
الصانع الياباني الأول والذي يتوقع مع نهاية العام الحالي تربعه على عرش صناعة السيارات العالمية يعيش هذه الأيام أفضل أيامه على الإطلاق، ويمكن أن نقول إن العصر الذهبي لهذه الشركة قد بدأ منذ عدة سنوات عندما بدأت الشركة تطبيق استراتيجية التوسع والهجوم عبر إنشاء مجموعة من المصانع الجديدة في بعض مناطق العالم.
كما تستفيد مجموعة تويوتا من وضع اقتصادي مريح جداً يتمثل بداية من وضعها المالي في السوق، حيث تقدر قيمة أسهمها السوقية بما يزيد على 220 مليار دولار، كما أنها تملك مخزونا ماليا ضخما جداً يسمح لها بابتلاع مجموعة من شركات السيارات إذا أرادت وبكل سهولة، كما أن الشركة تحقق في كل عام أرباحاً قياسية جديدة, والدليل على ذلك ارتفاع أرباحها خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة تزيد على 50 في المائة.
من ناحية أخرى، عمدت الشركة خلال العامين الماضيين على تجديد مجموعة طرزها من سيارات الإنتاج التجاري وقامت، على سبيل المثال، بتقديم الجيل الجديد من طراز "كامري" الذي ينتمي إلى فئة السيارات المتوسطة الذي يعتبر من أنجح السيارات في فئته في الأسواق الأمريكية والشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بفرع تويوتا للسيارات المترفة وهو "لكزس" فقد قامت الشركة بتجديد مجموعة طرزه بشكل كامل، حيث تم تقديم الجيل الجديد من كبيرة الشركة إل إس بفئتين مختلفتين وبمحركات جديدة، إضافة إلى الاستفادة من تقنيات عالية أبرزها علبة تروس أوتوماتيكية تتكون من ثماني نسب أمامية تعتمد لأول مرة في سيارة سيدان.
أما السيارات الهجينة فقد سجلت نمواً كبيراً خلال العامين الماضيين، حيث بلغ عدد السيارات التي باعتها تويوتا عام 2004 ما يقارب 135 ألف سيارة، في حين ارتفعت المبيعات عام 2005 إلى ما يزيد على 195 ألف سيارة.
يُذكر أن تويوتا بدأت في إنتاج السيارات الهجينة في عام 1997 وكانت مخصصة للسوق اليابانية وبلغت مبيعاتها آنذاك 300 سيارة فقط، وعام 2000 تم البدء في بيع هذه السيارات خارج اليابان ووصلت المبيعات في ذلك العام إلى 19 ألف وحدة توزعت بين اليابان وخارجها.
نيسان
تستمر "نيسان" في نهوضها وتحقق نتائج قياسية على صعيد المبيعات خلال عام 2005، وهذه الشركة التي تستفيد من تحالف مميز مع رينو الفرنسية حققت في العام المالي أرباحاً صافية بلغت 512 مليار ين (4.57 مليار دولار) بنسبة بلغت 1.1 في المائة، وذلك على الرغم من العوائق التي واجهت الشركة التي واجهت قطاع صناعة السيارات بشكل عام، وهي ارتفاع أسعار المواد الخام وتكاليف الطاقة المرتفعة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة. وقد بلغت مبيعات الشركة في العام الماضي 3.599.295 سيارة وقد توزعت المبيعات على الشكل التالي:
- الولايات المتحدة الأمريكية = 1.075.097 سيارة بارتفاع بلغ 6.1 في المائة.
- اليابان = 842.062 سيارة بانخفاض بلغ 0.7 في المائة.
- أوروبا = 540.945 سيارة بانخفاض بلغ 0.6 في المائة.
- باقي الدول = 1.111.191 سيارة بارتفاع بلغ 13 في المائة.
وباشرت الشركة بتطبيق خطة توسع عالمية جديدة تتمثل في طرح مجموعة تتكون من تسعة طرز جديدة خلال عام 2006، كما تنوي الشركة استثمار ما يزيد على 200 مليون يورو في إنشاء مصنع للشركة في روسيا الاتحادية من المقرر أن يبدأ الإنتاج عام 2009.
أما فيما يتعلق بسيارات إنفينيتي المترفة فقد قررت الشركة التوسع في مبيعاتها حيث من المقرر أن يتم طرحها في الأسواق الروسية خلال الصيف المقبل وفي الصين خلال العام القادم، كما سيتم تسويق هذه العلامة في أوروبا خلال عام 2008، إضافة إلى ذلك سيتم تعزيز وجود هذه السيارات في الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
هوندا
شركة هوندا كانت مثل نيسان، حيث ارتفعت المبيعات العالمية وانخفضت مبيعات اليابان، فقد باعت الشركة ما مجموعه 3.365.000 سيارة في مختلف دول العالم مع تسجيل ارتفاع للمبيعات في الولايات المتحدة، حيث حققت سيارة أكورا آر إل ـ ليجند في اليابان - مبيعات عالية جداً، كذلك ارتفع حجم الإنتاج الكلي بنسبة 7.2 في المائة، ففيما يتعلق بالإنتاج الذي يتم في اليابان وصلت نسبة الزيادة إلى 1.6 في المائة، أما على صعيد إنتاج مصانع الشركة في الولايات المتحدة وآسيا فقد ارتفع إلى 10 في المائة، وهذه الزيادة في الإنتاج هي التاسعة على التوالي منذ عام 1997.
وفي الشرق الأوسط تحقق "هوندا" مزيداً من التقدم على مستوى المبيعات وذلك بعد تقديم الجيل الجديد من هوندا سيفيك الذي يتميز بتصميمه العصري وبتقنيته العالية إضافة إلى أدائه المتفوق وقلة استهلاكه للوقود. كما أن تعديل شكل طراز "أكورد" زاد من مبيعاته بشكل لافت، ولا يمكن إغفال طراز سي آر في الذي ينتمي إلى فئة سيارات الدفع الرباعي التي تعتبر الفئة الأكثر مبيعاً في الوقت الحاضر خصوصاً في دول الشرق الأوسط ومجلس التعاون الخليجي.
مازدا
من المعروف أن شركة مازدا تتبع لمجموعة فورد الأمريكية، ومن المعروف أن مجموعة فورد غارقة في مشاكل اقتصادية متعددة، لكن ذلك لم يؤثر على شركة مازدا حيث تحقق الشركة اليابانية الأصل أفضل نتائجها على الإطلاق، فقد وصل حجم المبيعات العالمية إلى 1.210.000 سيارة خلال العام الماضي بارتفاع وصل إلى 5 في المائة، وبلغ صافي أرباح الشركة خلال العام الماضي 66.7 مليار ين ياباني (567 مليون دولار)،ومن ناحية أخرى يتوقع المسؤولون في مازدا ارتفاع مبيعات الشركة خلال العام الحالي بنسبة تصل إلى 12 في المائة وذلك مع طرح مجموعة من الطرز الجديدة مثل طراز إم بي في الذي ينتمي إلى فئة "الميني فان" وطرز "سي إكس7" و"سي إكس9" اللذين ينتميان إلى فئة سيارات الدفع الرباعي التي يتوقع أن تحقق مبيعات متقدمة في أسواق الولايات المتحدة.
ميتسوبيشي
ميتسوبيشي هي الشركة اليابانية الوحيدة التي عانت مشاكل اقتصادية حادة، وبعد أن تخلت مجموعة دايملر كرايسلر عنها في أواخر العام الماضي كان لا بد من القيام بخطوات جادة من أجل الخروج من الوضع الحالي فبدأت الشركة في وضع استراتيجية جديدة تعتمد على التعاون مع بعض شركات السيارات، وبالفعل فقد تم توقيع اتفاق مبدئي بين كل من ميتسوبيشي و مجموعة بي إس أيه الفرنسية (بيجو + سيتروين) من أجل تطوير سيارة دفع رباعي خاصة بالمجموعة الفرنسية وبواقع ثلاثين ألف سيارة سنوياً.
ومن الخطوط العامة لهذه الخطة أيضاً إنتاج مجموعة جديدة من السيارات أبرزها سيارات صغيرة الحجم من أجل المنافسة في القارة الأوروبية التي انخفضت فيها مبيعات الشركة بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
أما فيما يتعلق بالمبيعات فقد ارتفعت بنسبة تصل إلى 20 في المائة مقارنة بمبيعات عام 2004، كما حققت الشركة مبيعات متقدمة في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ وصلت نسبة الزيادة إلى ما يقارب 57 في المائة مقارنة بمبيعات عام 2004. وتخطط ميتسوبيشي حالياً للوصول إلى حجم إنتاج يبلغ 1.5 مليون سيارة خلال العام الحالي ورفع هذا الرقم بشكل تدريجي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وفيما يتعلق بالطرز الجديدة فمن المتوقع البدء في طرح طراز أوتلاندر الرباعي الدفع خلال الصيف المقبل، وهذا الطراز خضع إلى تعديلات كبيرة ستعمل على تفعيل منافسته مع شقيقاته اليابانيات مثل "تويوتا راف4" و"نيسان إكس ترايل".
ويجب التذكير أن طراز "باجيرو"، وعلى الرغم من التعديلات الأخيرة قد وصل إلى خريف العمر وهو سيخضع إلى عملية تجديد كاملة خلال العامين القادمين على أقصى تقدير.
وتنوي "ميتسوبيشي" ضمن خطتها الاستراتيجية الجديدة تخفيض قواعد العجلات المعتمدة في سياراتها من 15 إلى 6 قواعد فقط، كما تنوي الشركة دراسة أوضاع الأسواق العالمية بتعمق من أجل تحديد متطلبات السوق بشكل كاف والعمل على تعزيز وجود "ميتسوبيشي" من خلال طرح طرز جديدة في فئات مختلفة.
وبالمجمل نجد أن الشركات اليابانية استطاعت مواجهة الضغوط التي تواجه قطاع السيارات العالمي ونجحت في استثمار الظروف الصعبة التي تعاني منها بعض الشركات واستطاعت تعزيز حضورها في مختلف الأسواق العالمية، كما ساعدها في ذلك عمليات الإنتاج الخارجي عبر مصانعها المنتشرة في مختلف دول العالم، الأمر الذي سمح بخفض التكاليف من جهة وزيادة المبيعات من جهة أخرى.