مفاوضات التجارة الإماراتية - الأمريكية تركز على قضية الاستثمار
استأنفت أمس مفاوضات التجارة الحرة بين الإمارات والولايات المتحدة, بعد تأجيل قارب ثلاثة أشهر إثر انتكاس صفقة "موانئ دبي" للاستحواذ على بعض الموانئ الأمريكية.
وهيمن على المباحثات موضوع واحد هو الاستثمار. وستمهد المباحثات الحالية الطريق أمام الجولة الخامسة للمفاوضات التي سيحدد موعدها في ظل نتائج المحادثات الحالية التي لا تخلو من المصاعب والتعقيدات.
وعلمت "الاقتصادية" أنه نظرا لاقتصار أجندة المباحثات الحالية على بند الاستثمار فقط, أجريت المباحثات على نطاق ضيق فقط ضم عددا قليلا من مسؤولي الجانبين, واقتصر الجانب الأمريكي على مسؤولين تجاريين اثنين فقط ,لأن الفرق التفاوضية الأخرى لم تشارك في المفاوضات الحالية.
وأكدت مصادر مطلعة أن نجاح الإمارات أخيرا في انتزاع صفقة تملك شركة "دونكاسترز" التي تتضمن تسعة مصانع أمريكية لإنتاج مكونات تدخل في تصنيع معدات للطائرات الحربية والدبابات, نفّس قسما من الاحتقان الذي خلفته الزوبعة التي أثارها مشرعون أمريكيون ضد إدارة "موانئ دبي" العالمية ستة مرافئ أمريكية, وبالتالي تمهيد الطريق بصورة ملحوظة أمام المحادثات الحالية.
وتجري المحادثات الحالية في ظل تزايد مطالب الفعاليات الاقتصادية بضرورة إطلاعهم على تفاصيل مباحثات التجارة الحرة, ولم يخف رجال الأعمال انزعاجهم من عدم إطلاعهم على تفاصيل المفاوضات ومستجداتها وشددوا على أهمية مراعاة القطاع الخاص والمصارف والقطاعات الخدمية بصفة عامة لطرح ملفات هذه المجالات في المفاوضات مع الجانب الأمريكي.
وطالب رجال الأعمال الوفد المفاوض الرسمي بالاستعانة بفرق مساندة من رجال الأعمال من القطاعات والمناحي الاقتصادية والتجارية سواء المصارف أو الخدمات المالية الأخرى، إضافة إلى المستوردين وشركات التوزيع, لطرح رؤيتها في بنود الاتفاق المرتقبة. وشددت الفعاليات الاقتصادية على أن ذلك سيقوي الموقف التفاوضي للإمارات في وجه ضغوط الجانب الأمريكي.
ولفتت فعاليات اقتصادية إلى أن الإمارات وبموجب الاتفاقية لن تستطيع أن تشترط قيودا أو مستلزمات معينة متعلقة بالنوعية والأداء بالنسبة للبضائع والخدمات الأمريكية. ويعني ذلك قبول معايير الجودة والأداء المطبقة في الولايات المتحدة، إضافة الى فتح سوق المناقصات الحكومية أمام الشركات الأمريكية حتى وإن لم يوجد لها وكيل محلي في الدولة.
كما أن الاتفاقية ستفرض شروطاً معينة متعلقة بالحد الأدنى للأجور، تحسين مستوى العمالة، وتحسين المستوى البيئي في الدولة، ما قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الصناعات المحلية.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه على خلاف اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التي يقدم فيها كل طرف لائحة بالمنتجات والخدمات المسموح بإدخالها دون رسوم أو جمارك، فإن اتفاقيات التجارة الحرة تفترض أن كل السلع والمنتجات والخدمات معفية من أي قيود أو رسوم باستثناء تلك التي تطلب الدولة عدم إدراجها بمعنى أن الأصل هو فتح الأسواق ما لم تشترط الدولة المعنية خلاف ذلك بالنسبة لبضائع أو منتجات أو خدمات بعينها. كما أنه يمكن للدولة أن تؤخر إعفاء بعض السلع والمنتجات والخدمات لمدد مختلفة لا تزيد على عشر سنوات.
وأشار مختصون إلى أن هذه الأمور ستؤدي إلى قلب جميع المفاهيم التقليدية التي اعتاد عليها قطاع الصناعة والتجارة لسنوات طويلة. فمفاهيم الرعاية، الحماية، والأولوية ستصبح من آثار الماضي وسيكون على قطاعات الصناعة والتجارة الوطنية أن تتأقلم مع الواقع الجديد الذي ستفرضه الاتفاقية.
يذكر أن الميزان التجاري بين الإمارات والولايات المتحدة استمر لصالح أمريكا, وبلغ الفائض سبعة مليارات دولار عام 2005 بزيادة قدرها 138 في المائة عن عام 2004، حيث سجل الفائض ثلاثة مليارات دولار.
وتتكون الصادرات الأمريكية إلى الإمارات من الآلات والمعدات الكهربائية والإلكترونية التي تشكل 17 في المائة، فيما تشكل معدات النقل 52 في المائة, وتبلغ حصة السلع الأخرى 26 في المائة فقط من قيمة إجمالي الصادرات.
والسبب الرئيسي للفائض التجاري المرتفع عام 2005 يعود إلى الصادرات الأمريكية من الطائرات وأجزائها إلى الإمارات، حيث بلغت قيمتها 3.3 مليار دولار.
وتوقع مختصون أن تزيد الصادرات من الإمارات إلى الولايات المتحدة بعد توقيع الاتفاقية بمعدل 10 في المائة على الأقل, وأن تزيد الواردات من الولايات المتحدة إلى الإمارات بمعدل 23.2 في المائة, أي أن إجمالي التجارة سيرتفع بمعدل 19.4 في المائة.