إنها ليست مدينة الملك عبد الله الاقتصادية
الحمد لله على ما أنعم به علينا من إعلان مشروع بحجم هذه المدينة الكاملة المتكاملة التي أتت في الوقت المناسب والرائع والشكر لمن أسهم في جعل هذا الحلم واقعا ملموسا قد سر الجميع على اختلاف توجهاتهم وأشبع رغبتنا كمواطنين في رؤية تميز اقتصادي جديد يدعم التوجه العام ويؤكد الثقة في اقتصادنا.
أعود إلى عنوان هذه المقالة لأؤكد أنها فعلا ليست مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بل هي مدرسة الملك عبد الله الاقتصادية الشاملة التي أخرجت هذه المدينة وحولتها إلى حقيقة وسيخرج من هذه المدرسة بإذن الله الكثير والكثير من نوعية هذا المشروع وقيمته المادية والمعنوية. فمدرسة خادم الحرمين الواقعية والمنطقية هي التي استطاعت أن تستثمر مقدرات هذا الوطن وأن تستثمر في المميزات الكثيرة التنافسية منها والنسبية لتجعل المعادلة ذات حل وحيد وهو أن هذا البلد يملك الكثير والكثير ليجعله في مصاف الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي ويجعله حلم المستثمرين ووجهة الاقتصاديين. ليس هذا وحسب، فهذه المدرسة التي أخرجت المشروع أخرجت معه عقليات رائعة استطاعت أن تدير هذه المبادرة باحترافية كبيرة وتصنع من التحديات محفزات لتجعل النجاح حقيقة والكسب مضاعفا.
إن من شاهد هذا المشروع يعلم أن الوقت والمكان وآلية الاستثمار تنم عن قراءة مستفيضة وواعية لمتطلبات العصر, فالوقت مثالي كونه يأتي في ظل طفرة اقتصادية استثنائية مما يجعل محفزات النجاح متكاملة من حيث وجود السيولة الضخمة التي تستوعب مثل هذه المشاريع وكذلك المشاريع المساندة التي سيحتاج إليها هذا المشروع من مصانع وخدمات وكذلك الحاجة الملحة لنموذج مطور للجبيل وينبع وهذا التطور تم عن طريق إيجاد بيئة اقتصادية متكاملة من حيث وجود مدينة صناعية ومالية ومنطقة إعادة تصدير ضخمة مما يجعل من نجاحها بإذن الله مسألة وقت لا أكثر. هذا النجاح يدعمه الموقع الجغرافي المميز على البحر الأحمر أحد أكثر خطوط الملاحة ازدحاما على مستوى العالم وموقع جغرافي داخلي يؤكد الاهتمام بالمناطق بما يعرف بالأقل نموا وكذلك قرب هذه المنطقة من أهم المناطق التجارية في الشريط الغربي هي عنوان آخر من عناوين النجاح لهذا الصرح الكبير.
هذا النجاح على المستوى الجغرافي سينعكس بإذن الله على جميع أوجه الاقتصاد المحلي فحجم التجارة الداخلية لا شك أنه سيتضاعف بشكل كبير خصوصا وأن هذا المشروع سيجتذب رساميل أجنبية كبيرة ظلت لسنوات طويلة متلهفة للاستفادة من المميزات النسبة والتنافسية التي تمتلكها المملكة خصوصا في ظل هذا الموقع الذي يخدم بلا شك توجهات الشركات العالمية إضافة إلى أن هذا المشروع يتوافق مع مبادرات الجسر البري مما يجعل التواصل بين مفاصل الاقتصاد الجغرافية دعامة لتجارة داخلية كبيرة. هذا التغيير في نمط الاستثمار الداخلي سيكون له تأثير خارجي كبير فإن هذا المشروع ببساطة هو رسالة واضحة للاستثمار العالمي بجميع أطيافه بأن المملكة تملك بيئة استثمارية صحية حيث يعكس مثل هذا التوجه جاذبية الاستثمار في السعودية والتي بدأت تحتضن العديد من الاستثمارات الأجنبية ذات قيمة مضافة والتي في نهاية المطاف ستصب في خانة ناتجنا المحلي وتسهم في نقل تجارب عالمية ناجحة إلى أرض الوطن، ولعل دخول "إعمار" بهذا الأسلوب ما هو إلا إثبات لهذا التوجه الذي أكاد أجزم بأنه أدخل على الاستثمار العقاري المحلي نكهة جديدة ولا أشك أن انعكاساته على توجهات مستثمري العقار المحليين ستكون إيجابية.
إن جميع ما ذكرته هنا إنما هو تحليل على مستوى التحليل الكلي ولم يتطرق أبدا إلى أرقام المشروع بأي شكل من الأشكال، فأرقام المشروع تحتاج إلى تحليل مستقل وهي بحد ذاتها نجاح آخر.
فهنيئا لنا هذه النجاحات وإلى لقاء جديد مع إنجاز جديد.