مجلس التعاون .. فرصة الوحدة الذهبية

دول مجلس التعاون الخليجي أمامها فرصة ذهبية الآن للمضي بقوة لاستكمال الوحدة الاقتصادية, فالقطاع الخاص الخليجي دخل في مرحلة متقدمة من الشراكة والاعتماد المتبادل, والمشاريع العملاقة في قطاعات الصناعة والسياحة والتعليم وصناعة المؤتمرات تصدى لها القطاع الخاص في دول المجلس منذ بضع سنوات, ولقاءات ومنتديات وقيادات القطاع الخاص في السنوات الماضية فاقت اجتماعات ومباحثات المسؤولين الحكوميين.. وهذا مؤشر إيجابي.
إيجابي, لأنه يعكس تطورا عمليا في أداء المؤسسات الحكومية, وبالتالي القطاع الخاص استطاع التحرك والمبادرة في إنشاء المشاريع المشتركة, وأسواق المال في العامين الماضيين كشفت لشعوب المجلس مخرجات القرارات التي اتخذها الزعماء في العقدين الماضيين, وكلها تستهدف تقريب مصالح الناس وربطها بإنجازات حقيقية تجعل خيرات المنطقة متاحة لأبنائها جميعا.
في الأشهر الماضية ومع طفرة الاستثمار وحيوية أسواق المال شاهدنا كيف كانت الناس مشدودة للفرص الاستثمارية ومبادرة بقوة للاستفادة مما هو مطروح في دول المجلس, سواء في المشاريع العقارية أو في أسواق الأسهم, وهذا الحراك الاجتماعي للفوز بمنافع اقتصادية يعد نقلة نوعية في التقارب الخليجي ويبشر بالكثير من المعطيات.
نحن نتفاءل لأننا نعرف أن الإرادة السياسية متوافرة لدى القيادات في جميع دول المجلس, ولكن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي في مشاريع الوحدات الاندماجية الكبرى, والدول الأوروبية ومنذ 40 عاما ما زالت تعاني في سبيل الوحدة والتكامل السياسي والاقتصادي, وحتى التصويت على رفض الدستور الأوروبي الموحد في عدد من الدول, لم يقض مضاجع الزعامات الأوروبية, بل تعاملوا معه على أنه عقبة في مشوار طويل, وسوف يتجاوزون هذه العقبة مع الاستمرار في انضاج الرأي العام ورفع وعيه السياسي وشرح أبعاد التحالفات الاقتصادية الكبرى التي تتشكل الآن وتستدعي وجود أوروبا موحدة وقوية.
وهذا ما نحتاج إليه في دول المجلس, نحتاج إلى المضي في شرح الأبعاد الضرورية للتكامل الخليجي ومدى أهميته الاستراتيجية في عالم اليوم, فالتكامل هدفه أولا وأخيرا رفع مستوى معيشتنا والتأثير الإيجابي على حياتنا في مختلف المجالات. التكامل الخليجي لن يكون أداة للهيمنة السياسية أو الاقتصادية أو ممرا لمصالح كبرى, غايته الإنسان الخليجي الذي يتطلع إلى المقومات الأساسية التي تجعله إنسانا حرا وكريما ومنتجا ومتمتعا بخيرات بلاده.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي