كلام ذو مذاق خاص

كلام ذو مذاق خاص

يختلف الناس في تعاملهم مع الآخرين، فذاك شخص طيب الكلام يألفه الناس، يأسر محدثيه بعذب الكلام، وحلاوة اللسان، فلا يجد إلا رغبة دائمة في الحديث إليه، فقد احتوى الآخرين بدماثة الخلق، ورحابة الصدر، وحب الخير لهم، فلذلك استحوذ على قلوبهم، هكذا هم خيار الناس، سباقون لما يسعد الآخرين، يفرحون لفرحهم، ويتألمون لألمهم، ربما كان بعضهم فقيرا معدما من المال لكنه غني النفس، عزيز المقام، خفي العمل، حلو المعش، لا يزيده الود إلا تواضعا، فقد استحق أن يصل لذلك بحسن الكلام وطيب القول وهو جماع الخلق الحسن، وقد حث النبي، صلى الله عليه وسلم عليه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة" لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس إنه ليس من المهم توصيل الحقيقة إلى الناس فقط ولكن الأهم هو الوعاء الذي سيحمل تلك الحقيقة بها.. فإذا كان الرسول، صلى الله عليه وسلم يقول: "زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا" فمن باب أولى أن يكون كلام أحدنا حلوا جميلا طيبا، يدخل البهجة والسرور في قلوب الناس، ومن هذا ديدنه دون شك هو الكاسب في أي صفة سنة ينتهجها، فإذا كان معلما ودودا لطلابه شغوفا بالاطلاع على معلوماتهم، ساعيا لأن يتلقى استفساراتهم وملاحظاتهم فيما يعترضهم في دروسهم، فيحظى باهتمامهم وحبهم فيضاعفون جهودهم، ويتفوقون في دراستهم، وكذلك إذا كان قياديا في إدارته في أي مؤسسة كانت فهو ينال محبة موظفيه إذا حرص على حقوقهم والاهتمام بهم، والسؤال عن مريضهم، والإحسان إلى متفوقهم، ومراعاة ظروفهم فهو هنا يأسر قلوبهم فينفذون ما يطلبه منهم بكل سعادة وحرص فهو احترمهم وكسب رضاهم وأصبحوا تواقين لتقديم ما يساعد على تفوق إدارته، وهكذا دواليك فالنماذج الجيدة تدفع لكي تكون الثمرة يانعة محققة الأهداف المرجوة. فعلى المسلم أن يكون من الذين يعملون الحق ويرحمون الخلق واسمع إلى يحيى بن معاذ يقول: "أحسن شيء كلام رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق" وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت الصفوف وزرعت الحقد والبغضاء والكراهية والشحناء في النفوس؛ ولذلك ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" فلا يكن أحدنا من هذا الصنف الذي يقع في شر أعماله وديدنه الإفساد في الأرض ومخادعة الآخرين وزعزعة الصف وتفريق الشمل، منهم الذي يفسد العلاقة بين الأخ وأخيه ومنهم الباحث عن المال من أي وجه كان فلنحرص على أن نكون من السعداء الأنقياء الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، نسأل الله أن يقينا وإياكم هذا الصنف وأن يجمعنا وإياكم في الفردوس الأعلى من الجنة.

الأكثر قراءة