الاغتصاب أكثر الجرائم شيوعا في الوقت الحاضر لأسباب اجتماعية

الاغتصاب أكثر الجرائم شيوعا في الوقت الحاضر لأسباب اجتماعية

يسود مجتمعاتنا المسلمة بين الحين والآخر وقوع بعض الجرائم المزعجة المنافية للفطرة السليمة والسلوك الحسن ويأتي من أبرز هذه السلوكيات المحزنة المبكية ما يسمى جريمة الاغتصاب وما أدراك ما الاغتصاب الذي أصبح سمة تلازم تصرفات فئة من الشباب يؤلمنا وقوعهم في هذه التصرفات السيئة والسلوكيات الخارجة عن طباع المسلم المتمسك بأمور دينه، ويقف خلف هذه الجريمة البشعة عوامل متعددة وأسباب متنوعة، وللوقوف على هذه العوامل والمسببات يتحدث لنا عدد من المختصين والتربويين ويصفون العلاج المناسب وفق رؤيتهم وتجربتهم الحياتية والتخصصية والشرعية.
الرأي الاجتماعي
يتحدث في البداية الإخصائي الاجتماعي على السلطان الذي أكد أن الاغتصاب هو سلب حرمة الغير سواء في العرض أو المال أو الوطن بغير وجه حق سواء بالتهديد أو بالسرقة أو بوضع اليد، وحيث إن المجتمعات الغربية تعاني من ظاهرة الاغتصاب وبخاصة في العرض ونخشى أن يتفشى هذا لدينا بشكل أكبر تأثرا بالحياة الغربية، وهذه الظاهرة لها أثرها على المدى البعيد ولا بد من التصدي لها بكل ما أوتينا من قوة وردعها سواء بتطبيق الحدود الشرعية وهو ما تحرص عليه هذه الدولة وفقها الله، ولأن بذل الجهد في سبيل مواجهته أمر مطلوب من أجل راحة المجتمع وأفراده. ويشير الباحث الاجتماعي نايف القحطاني إلى أن الاغتصاب من أكثر الجرائم شيوعا في الوقت الحاضر وقد يكون لشيوعها وتفشيها في الوقت الحاضر أسباب اجتماعية منها تفكك الأسرة وغياب الوالدين عن التوجيه ما يؤدي إلى الانحراف، وعلينا معالجة الأسباب التي تساعد على انتشار الاغتصاب ومن أهمها الحرص على تقوية الوازع الديني وتوجيه الشباب وإرشادهم حتى لا يكون لذلك آثار سيئة مستقبلا، وكذلك البعد عن القنوات الفضائية وما يبث فيها وغيرها من المسببات لهذا الداء الخطير.
ومن جهته قال التربوي مفرح إبراهيم الحقوي المدرس في مدرسة المنتزه في الرياض إن جريمة الاغتصاب من الجرائم المؤلمة التي تترك آثارا سيئة، ومن وجهة نظري أن التربية في الصغر لها دور في التنشئة الحسنة والسير في الطريق الصحيح، ولذلك فإني أتمنى أن تعالج مثل هذه المشكلات بأسلوب مناسب قبل وقوعها حتى يتم تلافيها في المستقبل، وخصوصا مع تنامي هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، نسأل الله أن يحمي المجتمع منها وأن يدلنا جميعا على الطريق الصحيح إنه سميع مجيب الدعاء.

الرأي الشرعي
ويوضح الشيخ الدكتور علي بن محمد باروم الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة أم القرى الدواء والبلسم النافع الذي عالج به الشرع جريمة الزنى، والاغتصاب تبعا لها، فأنَّه ما من داء إلا وجعل الله له شفاء إلا السَّام، فلننظر إلى الطرق التي عالج الشرع بها الزنى علاج الزنى ببعث جانب الغيرة 1) أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامه؛ ( أن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال :أدنه فدنا منه قريباً، فقال: اجلس فجلس، قال: أتحبه لأمك؟، قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله؛ جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟، قال: لا والله؛ جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟، قال: لا والله؛ جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وأحصن فرجه، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. ومن العلاج بالتخويف بالآخرة يقـول سبــحانه وتعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثاما) الفرقان/ قال ابن كثير: في تفسير (وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً) أن عبد الله بن عمرو قال: أثاماً؛ واد في جهنم. وقال عكرمة (يَلْقَ أَثَاماً) أودية في جهنم يعذب فيها الزنىة .وكذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد ومن العلاج للزنى الذي يدخل فيه الاغتصاب التخويف من غيرة الله على محارمه) روى مسلم بسنده عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغَارُ. وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ. وَغَيْرَةُ اللّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ) ومن العلاج الإخبار عن ارتفاع وصف الإيمان، روى البخاري بسنده عنِ ابن عباس رضيَ الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَزني العبدُ حينَ يَزني وهو مؤمن، ولا يَسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشربُ حين يشرب وهو مؤمن، ولا يَقتُلُ وهو مؤمن» قال عِكرمة قلتُ لابن عباس كيف يُنزَع الإيمانُ منه؟ قال هكذا ـ وشبَّكَ بينَ أصابعهِ. ثمَّ أخرجها ـ فإن تاب عادَ إليه هكذا ـ وشبك بين أصابعه. ومن العلاج التنكيل بصاحبه) عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ قالَ: رأيتُ ماعزَ بنَ مالكٍ حينَ جيء بِهِ إلـى النبـيِّ صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ، قال: «أَلاَ كُلَّـمَا نَفَرْنَا فـي سبـيلِ الله خَـلَفَ أَحَدُهُمْ لهُ نَبِـيبٌ كَنَبـيبِ التـيسِ، أَلاَ وإِنِّـي لا أُوْتَـى بأَحَدِهِمْ إلا جَعَلْتُهُ نَكالاً». رواه مسلـم ومن العلاج بيان أن الزنى سبب العذاب وأن صاحبه ملعون ) روى الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كَمَه الأعمى عن السبيل، ولعن الله من سبّ والده، ولعن الله من تولّى غير مواليه، ولعن الله من عَمِل عَمَل قوم لوط، ولعن الله من عَمِل عَمَل قوم لوط] ومن علاج الزنى ذكر أحوال العفيفين وبالوعد بالجنَّة لمن عفَّ نفسه، واسأل الله أن يقي أمتنا وشبابنا شر ذلك إنه ولي ذلك والقادر عليه. ومن جهته قال الشيخ الدكتور طلحة محمد توفيق الأستاذ السابق لعلم القراءات في جامعة أم القرى إنه لا عاصم من هذه الجرائم ومنها جريمة الاغتصاب إلا باتباع منهج الله والتعفف عن الحرام بالبعد عن الزنى وأسبابه الداعية إليه من نظر محرم واستماع إلى محرم ومس المرأة الأجنبية والخلوة بالأجنبية والتساهل في دخول الأقارب غير المحارم على النساء ومن أهم الوسائل للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة إشباع الغريزة بالطريقة الشرعية وهي الزواج، وعلينا أن نيسر للشباب من الجنسين تكاليف الزواج وأن نذلــل كل العقبات من طريق الحـــلال وعلينا جميعا مراقبة الأبناء بنين وبنـات ومنع كل ما يفســـد أخلاقه من أفلام وبرامج وقصص وروايات بعيدة عن العفة وتخدش الحياء والدين، ولنراقبهم حتى لا يصحبوا إلا الأخيار ولا يختلطوا بالأشرار ولنبعد عنهم كل ما يثير الغرائز ولا يختلطوا بالأشرار ونشغلهم بالطاعات والمباحات لأن الشباب والفراغ والجدة (الغنى) مفسدة للمرء أي مفسدة ولعل قصة الشاب الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راغبا في الزنى ليست بخافية على الكثير منا وفيها من التربية النبوية الشريفة التي تحض المسلم على محبة الخير للآخرين كما يحبه لنفسه وندعو الله أن يقينا وشبابنا وأمتنا هذه الفتن الكثيرة وشرورها.

الأكثر قراءة