الأسهم الإماراتية تخسر 52 مليار درهم وسط تضارب أنباء عن عمليات تسييل لسعوديين
هوت أسواق الأسهم الإماراتية بحدة أمس، مستعيدة بذلك أسوأ تداولاتها التي مرت بها منتصف الشهر الماضي وسط حالة من الذعر أصابت صغار المستثمرين الذين اندفعوا إلى البيع العشوائي الذي أسفر في نهاية التعاملات عن خسارة تقدر بنحو 52 مليار درهم بعدما تراجعت القيمة السوقية إلى 616,9 مليار درهم من 668,9 مليار درهم أول أمس.
وهبطت سوق دبي المالية إلى ما دون 600 نقطة عند 586 نقطة بانخفاض نسبته 4.7 في المائة وبذلك تخسر السوق مكاسب عام كامل بعدما تراجع بنسبة 51 في المائة منذ هبطت من أعلى نقطة بلغتها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وهي 1200 نقطة.
واستبعد كل من هاني حسين مدير أول صناديق الاستثمار في بنك المشرق وزياد الدباس مدير السوق الداخلية في بنك أبو ظبي حدوث عمليات تسييل من قبل مستثمرين سعوديين من منطلق أنه لا يوجد مبرر لأصحاب المحافظ للبيع بخسارة، نافيا تماما ما يردده عدد كبير من المستثمرين عن وجود ربط بين السوقين السعودية والإماراتية، حيث تـتراجع الثانية مع تراجع الأولى.
وقال لـ "الاقتصادية" متعاملون في سوق دبي إن هناك عددا كبيرا من المستثمرين ينتظرون لمدة ساعة كاملة من بداية عمل سوق الإمارات لحين افتتاح سوق الأسهم السعودية ليحددوا قرارهم الاستثماري بناء على حركة السوق السعودية تحت توقع أن تراجع السوق السعودية في البداية سيدفع المستثمرين السعوديين إلى بيع أسهمهم في سوق الإمارات التي ستتراجع بناء على تحركاتهم وبالعكس في حالة الصعود.
وحسب إحصائيات سوق دبي عن تداولات الأمس، شكلت تداولات الخليجيين نحو 11.7 في المائة من إجمالي تعاملات السوق البالغة 1.3 مليار درهم بما يعادل 152 مليون درهم, ويشكل السعوديون عادة نحو 90 في المائة من إجمالي تعاملات الخليجيين، في حين بلغت قيمة تعاملات العرب 17.7 في المائة والجنسيات الأخرى 4.8 في المائة لتصل بذلك حصة المستثمرين الأجانب إلى 34.2 في المائة من إجمالي تعاملات السوق وبما يعادل 443 مليون درهم.
وسجلت الأسهم المتداولة في سوق دبي تراجعا (16 سهما) كبيرا باستثناء ثلاثة أسهم فقط سجلت ارتفاعات متفاوتة لكن التراجع الحاد جاء في سهم شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة "دو" في ثاني أيام تداولاته، حيث سجل السهم أعلى نسبة انخفاض مسموح بها في السوق (15 في المائة ) بل إن شاشات التداول شهدت عروض بيع مكثفة للسهم من دون طلبات شراء وهو ما جعل السهم ينحدر إلى 5.83 درهم بعدما كان قد سجل أمس الأول وفي أول أيام تعاملاته ارتفاعا بنسبة 126 في المائة بلغ 7.38 درهم.
وقال متعاملون في السوق إن الانخفاض الذي بدأه سهم "إعمار" مع بداية افتتاح جلسة التعاملات أثر بالسلب على حركة بقية الأسهم التي تراجعت هي الأخرى متأثرة بانخفاض"إعمار" الذي ما إن وصل سعره إلى ما دون 14.50 درهم حتى شهدت قاعة تداولات سوق دبي حالة من الذعر تجتاح صغار المستثمرين الذين أعطوا أوامر للوسطاء بالبيع العشوائي وهو ما قاد السهم إلى انخفاض أكبر أوصله إلى 14.05 درهم قبل أن يرتد قبيل إغلاق الجلسة بعشر دقائق ليغلق عند 14.50 درهم بانخفاض نسبته 4.2 في المائة.
واعتبر هاني حسين أن تراجع السوق ككل وسعر "إعمار" بالتحديد غير مبرر على الإطلاق، مضيفا أن عمليات البيع التي شهدتها السوق جاءت بدافع من الخوف غير المبرر لدى صغار المستثمرين. وا ستبعد أن تكون المحافظ وصناديق الاستثمار قد قامت بعمليات بيع مكثفة خصوصا من سهم "إعمار".
وأوضح أن السوق تفتقد دور الصناع، حيث لا توجد محافظ أو صناديق استثمارية قوية تلعب مثل هذا الدور. وقال الدباس إن تراجع السوق غير منطقي نهائيا، حيث باتت السوق مدفوعة بالشائعات التي تسببت في عمليات البيع العشوائي التي كانت سمة تعاملاتها، مشيرا إلى أن شريحة كبيرة من صغار المستثمرين باتوا يتبعون ما يسمي بالتحليل الفني ويبنون عليه قراراتهم الاستثمارية على الادعاء بأن السوق ستتراجع عدة نقاط بناء على التحليل الفني الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى عدم استقرارها.
وأوضح أن هناك محافظ استثمارية قامت بعمليات بيع إلى جانب عمليات البيع العشوائي لصغار المستثمرين لتسديد ما عليها من التزامات تجاه البنوك رغم أن إدارة البنوك لم تضغط عليها لسداد مستحقاتها لكن الخوف من تراجع أكبر هو الذي يدفعها للتسييل.
غير أن الدباس استبعد لـ "الاقتصادية" قيام أصحاب محافظ استثمارية سعودية بعمليات تسييل على نحو ما يتردد في السوق من أن: التكلفة عالية عند الكثير من المستثمرين السعوديين لذلك لا يعقل أن يقوموا بعمليات تسييل بخسارة باهظة خصوصا من سهم "إعمار" الذي وصل سعره إلى مستوى بداية العام الماضي 2005.
وأوضح أن المضاربين يتعمدون نشر معلومات غير صحيحة للتأثير في السوق، فيما يتعلق باستثمارات السعوديين في الفترة الحالية، حيث لم يعد لهم دور مؤثر كما كان في السابق وقت صعود السوق، حيث لا تتعدى نسبتهم 4 في المائة من إجمالي تعاملات السوق لذلك لا أرى ربطا حتميا بين أداء السوقين السعودية والإماراتية.
وانتقل الجدل بين أوساط المستثمرين حول تأثير الاستثمارات السعودية في سوق الأسهم الإماراتية من قاعات التداول والمنتديات إلى صفحات الصحف المحلية التي تناولت الاستثمارات السعودية وعرضت لمختلف الآراء حولها وإن ظهر هناك إجماع على أن الاستثمارات السعودية قفزت خلال العامين الماضيين قفزات كبيرة في سوق الأسهم الإماراتية لكن وعلى حد قول بعض الآراء التي وردت في التقارير الصحافية فإن " العامل النفسي الذي يجتاح السوق بدأ يضخم مدى تأثير تداولات المستثمرين السعوديين, وعلى الرغم من أن مبيعات السعوديين من الأسهم المدرجة في سوق دبي لم تتجاوز منذ بداية الشهر الحالي 7.4 في المائة من إجمالي تداولات السوق يسود انطباع عند نسبة كبيرة من المستثمرين في الأسواق المحلية بأن هذه الأسواق تتبع حاليا السوق السعودية التي تشهد تراجعا حادا من خلال قيام المستثمرين السعوديين ببيع أسهمهم في الإمارات لتغطية مراكزهم في المملكة، بل إن الأرقام تظهر أن تداولات السعوديين تشكل نسبة معتدلة من إجمالي تداولات السوق خلافا للأحاديث التي تداولها المستثمرون في الأسواق على نطاق واسع بأن عمليات تسييل ضخمة يقوم بها سعوديون تؤدي إلى التراجع في أسعار الأسهم المحلية ليظهر عمليا أن هذا الانطباع هو الذي يترك تأثيره عمليا في السوق وليس المبيعات الفعلية التي يقوم بها المستثمرون السعوديون.
و يرى الدباس أن حركة السعوديين متوقفة حاليا على درجة الاستقرار التي توقع أن تصل إليها السوق حتى يعاودوا الدخول مجددا بقوة كما كان في السابق، مضيفا أنه من المفترض أن تكون السوق قد وصلت إلى مستوى يقترب من القاع وكل المؤشرات تقول إن السوق باتت جذابة بعدما أصبحت الأسعار مقارنة بالربح مغرية وهو ما يشجع الناس على الدخول وليس الخروج من السوق، حيث لا تزال هناك شريحة كبيرة من كبار المستثمرين خارج السوق في انتظار أن تصل الأسعار إلى مستويات متدنية أكثر.
واعتبر أن تراجع سهم "دو" في ثاني يوم تعاملاته إلى مستوى "ليمت دون" ليس غريبا من منطلق أن الشركة حديثة الإدراج.