الأوقات الثمينة

الأوقات الثمينة

إن من المؤسف في حياتنا أننا نعيش دقائقنا وثوانينا ونحن في غفلة من الآخرة، فلا نفكر كثيرا في مراجعة أنفسنا، ولا نحرص على التزود للدار الآخرة، وفوق ذلك كله أوقاتنا الثمينة تضيع هباء منثورا، والقليل منا الحريص عليها وعلى استغلالها فيما يعود عليه بالنفع، وكم من أيام وسنوات مضت وبعضنا لم يتغير للأفضل في دينه، فيستمر خاسرا وقد يغادر الدنيا وهو على هذا الحال، بل إننا نعيش طول أمل عجيب يمتد في حياتنا بلا نهاية، وهذا وللأسف الشديد عواقبه وخيمة، ومن الضروري أن يكون لدينا تفكير مستمر في الآخرة والعمل لها. ولعل هذا الحديث الذي يرويه ابن عمر يوضح تحفيز الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفكير المستنير للمآل، يقول ابن عمر رضي الله عنهما: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. هذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً، فيطمئن فيها، ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر: يهيئ جهازه للرحيل: قال تعالى: (يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها". ومن وصايا المسيح عليه السلام لأصحابه أنه قال لهم: من ذا الذي يبني على موج البحر داراً، تلكم الدنيا، فلا تتخذوها قراراً. وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل. قال بعض الحكماء: عجب ممن الدنيا مولية عنه، والآخرة مقبلة، إليه يشتغل بالمدبرة، ويعرض عن المقبلة. إن أوقاتنا ثمينة، وكلما كان عملها فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة كان النفع أكبر والنتيجة بإذن الله جنة عرضها السموات والأرض، فعلينا أن نشمِّر سواعدنا ونهتم أكثر بما فيه خير دنيانا وآخرتنا، نسأل الله أن يعيننا على العمل للآخرة، وأن يجعل لنا حرصا مستمرا على ذلك.

الأكثر قراءة