كلمة سواء مع وزارة العمل

"السعودة بين المنجزات وأوهام الاستقداميين"، مقالة معالي الدكتور غازي القصيبي وزير العمل لم تكن بغريبة علي فكلما أعدت قرأتها تأكد لي قدرة الدكتور الأدبية ولو أنني لم أعرف بعض المفردات التي استخدمها لقلة معرفتي بالأدب العالمي، ولكن معاليه كان حاملا على كثير من الكتاب الذين لا أشك في قدراتهم الأدبية ونقل بعضهم ما يسمعون من حولهم. أتمنى ألا تشغل هذه المناكفات الأدبية معاليه عن استراتيجية الوزارة المعلنة ولو أنها مسلية للقراء والجلساء وموضوع لقضاء السهرات، ولنترك الأدباء والكتاب ونتحدث في المفيد.
إنني من عشاق معالي الدكتور غازي ولا يستطيع أحد أن يقلل من وطنيته أو إخلاصه أو قدراته وعندما أدافع عنه في بعض المواقف فإن ذلك ينبع من إيماني بأن أي شخص يكلف بملف وزارة العمل الآن سيواجه نفس الضغوط إن لم تكن أكثر. وأعلم أن بعض الناس يتمنون أن يبدل الوزير وهذا إن شاء الله أمل إبليس في الجنة، لذلك فالوزير باق بإذن الله ولن يجدوا أفضل منه وما دام أنه باق في منصبه فعليه طولة البال وعليه أن ينصت للنصائح ممن يحبونه لأنه لو تكابر وعاند فلن يكون الخاسر إلا اقتصاد هذا الوطن .
لقد قرأت مثل غيري بعض التعقيبات التفصيلية على مقالة معاليه ولست هنا بصدد ذلك، ولقد أظهر معاليه ما يزعجه وما يسره لذلك وددت أن يعلم وزير العمل أنه ليس وحده في هذا الموقف، بل نحن معه في أنه لا ينبغي أن يشغل غير السعودي وظيفة يوجد سعودي أو سعودية مؤهل ويرغب في شغلها. فإن كانت هناك فئة حاقدة لأنك قطعت رزقها بمنعها المنح السهلة ومؤسساتها الوهمية التي تستعبد خلق الله وتضيق على المواطن العادي أو المستثمر المستقيم في الحصول على التأشيرات أو على وظيفة فجزاك الله خيرا ومن أيدك في ذلك. إن الحمل ثقيل وعلى معاليك الصمود لأنك تخدم الاقتصاد وأبناءنا وتحمي فرص عملهم المستقبلية وأما القسم الثاني كما صنفه معاليكم "مؤسسات التستر من ألفها إلى يائها المملوكة لموظفين من الدولة أو الشركات وكثير منها يحمل زورا أو بهتانا اسم امرأة " فنحن معك في تدميرها خصوصا أن جميع الوزارات المعنية بمحاربة التستر فشلت فشلا ذريعا فكيف تميز الوزارة الآن بين ما هو حقيقي أو متستر؟ ما هو المعيار حتى نشارككم الرأي، أم أن كل مؤسسة باسم امرأة هي مؤسسة تسترية ؟ لا أظن ذلك ويعلم معاليكم أن المؤسسات التسترية تحتوي على جميع أطياف المجتمع دون استثناء؟ وما هو البديل لهذه المؤسسات المتسترة التي تشارك رضينا أم أبينا في حركة الاقتصاد. وماذا لو وطنت هذه المؤسسات عمالتها إلى 70 في المائة، هل ستقوم وزارتكم بدور وزارة التجارة والصناعة أم بدور وزارة الداخلية في محاربة التستر. نعم إنها حكومة واحدة ولكن لنحدد التخصصات حتى لا نترك ما نحن مسؤولون عنه ونهتم بغيره. نريد أن تكون عند الوزارة الخطة والقدرة على مساعدة المؤسسات الصغيرة في العمل والإنتاج والتوطين والاستقدام دون تدميرها وإلا قتلتم أساس النمو في الاقتصاد. حاربوا التستر إن استطعتم ولكن لا تدمروا المؤسسات الصغيرة على أساس شككم في تسترها ولا تتركوا القرار لموظفين صغار أعجز من أن يكونوا قادرين على التميز. إن أردتم أن تعدلوا فلا تظلموا جميع المؤسسات الصغيرة القائمة والجديدة . وباستطاعة الوزارة توظيف العدد الكافي من المفتشين إن سمحوا لكم بميزاينة كافية ليذهبوا إلى أماكن هذه المؤسسات والتأكد من أعمالها وحقيقتها قبل أن يمنعوها من الاستقدام إن كانت في حاجة إليه خصوصا إذا تجاوبت مع نسب السعودة أو كانت وظائفها المطلوبة لا يقبل بها مؤهل سعودي سواء لنوع الوظيفة أو لموقع نشاط المؤسسة. أقترح أيضا تحويل كفالة العامل الذي يعمل لدى غير كفيله مخالفا لنظام العمل إلى صاحب العمل الجديد دون موافقة الكفيل فإن امتنع العامل يرحل.
يبقى القسم الثالث الأصغر كما ذكر معاليكم " المؤسسات الفعلية التي يديرها مالكوها الفعليون، وهذا القسم تحرص وزارة العمل على التعاون معه إلى أبعد الحدود". وكما يرى معاليكم فنحن معكم في القسم الأول والثاني أما القسم الثالث فهو مربط الفرس، هذا القسم هو الذي أسمع صوته وشكواه وهم من أفضل رجال الأعمال ولكن يلاقون صعوبات كبيرة مع مكاتب العمل ومع النسب التي لا تتناسب مع طبيعة أعمالهم. نعم قد تكون هناك قلة منهم لا يرغبون في السعودة أو ألفوا العمالة الرخيصة أو لا يرغبون في تحمل مسؤولية التدريب، وهؤلاء تستطيع الوزارة أن تميزهم وتتعامل معهم لكن الأغلبية العظمى من هذه الفئة الجادة تلاقي فعلا مشاكل استقدام تعوق استثماراتهم. ولن أضرب الأمثلة خصوصا أن معاليكم أعلن " أن الوزارة حريصة على التعاون معهم " وهذا ما نريد وقد تصلون إلى حل عام في ورش العمل الخاصة مع رجال الأعمال ولكن على الوزارة ألا تكابر وتتمسك بقرارات سابقة لا تسمن ولا تغني من جوع حتى قرار مجلس الوزراء رقم "50" سمح لمعاليكم بتعديل ومراجعة النسب حسب المتغيرات وهي عديدة وذلك لعلمهم علم اليقين أن مطلبهم بالزيادة 5 في المائة سنويا ما هو إلا أمان بيروقراطية وفي رأيي نسبهم بعيدة كل البعد عن واقع سوق العمل وجاهلة بعدد ومؤهلات ورغبات العمالة الوطنية العاطلة. ليس من حق الوزارة أن تمنع هذه الفئة من الاستقدام لوظيفة لا يوجد لديها المواطن المؤهل الكفء لسدها، إنها بهذه البساطة ولا تحتاج إلى إعلان في الصحف أو خلافه أو اذهب وابحث عن سعودي، هذا كلام غير مسؤول ومتجاوز حده. لا تعطلوا أعمال المستثمرين ولا يغضب معاليكم إذا قلنا إن هذه الفئة تلاقي صعوبات في الاستمرار والتوسع وذلك لعدم بحث الحلول بما يرضي الوزارة ولا يعطل مصالحهم.
ويعلم معاليكم أنه من السهل على "أرامكو" و"الاتصالات" وشركة الكهرباء تحقيق النسب المطلوبة وأكثر مع العلم أن هذه المؤسسات تستطيع أن تقدم قروض سكن ورواتب عالية وتربح لعدم وجود المنافسة العادلة إلا أنه أيضا توجد شركات خاصة لديها نسب سعودة تزيد على 50 في المائة ولديها منافسة داخلية وخارجية في نشاطها ولكنها لم تصل لهذه النسب في يوم وليلة، لأنها بدأت بالتوطين وآمنت به حتى قبل أن يصدر القرار التعجيزي رقم "50" بسنوات عديدة ولكن هذه الشركات تلقى صعوبة في الاحتفاظ بموظفيها المواطنين الذين دربتهم واستثمرت فيهم الملايين، لانتقالهم إلى الحكومة أو المؤسسات الكبيرة التي ذكرها معاليكم أو لشركات جديدة تدفع الضعف لأنه أرخص لها من أن تستثمر في تدريب العامل الوطني غير المدرب فمن يحمي هذه الشركات وكيف تستطيع أن تزيد من النسبة وهي فاشلة فالاحتفاظ بما لديها مع صرفها واستثمارها في التدريب والتأهيل؟ حتى الموظف الوافد المؤهل أصبح يذهب إلى دول الخليج أو يطالب بالزيادة خصوصا لتأكده أنه لا يوجد بديل وطني له ولا يمكن للمؤسسة أن تحصل على تأشيرات جديدة لاستبداله، هذا أفقد كثيرا من رجال الأعمال حماسهم وأضر بمصالحهم . فعلينا أن نصر على أن أي شركة توظف موظفا سعوديا مدربا قد أنهى برنامج تدريبه ولم يكمل السنتين مع شركته أن تدفع الشركة الخلف للسلف الجزء المتبقي من قيمة مصروفات التدريب نسبة وتناسب للمدة الباقية حتى لو كانت هذه الجهة هي جهة حكومية، ولم نحمل العامل الوطني هذه التكلفة ولكن على الأقل تتحملها الشركة التي تستفيد من جهد هذا الموظف المدرب. وإلا ما فائدة أن أسمن وغيري يأكل بارد مبرد ومع هذا يسجل مراقب العمل مخالفة على الشركة وفوق هذا أمنع من الاستقدام الضروري .....وللحديث بقية .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي