ضوابط المساهمات العقارية
للمساهمات العقارية قصة طويلة تستحق من يرصدها ويتبع مراحلها ويحلل عناصرها من مساهمين وتجار"أصحاب المساهمة" وعقار، وحب المال ونحوها من مفردات كانت فاعلة في هذه القصة، وأهمية هذه القصة تكمن في أنها تسببت في أحداث كثيرة، فإضافة إلى دورها في تقييد حريات البعض، والحجز على أموال تصل إلى مليارات، بغض النظر عن نظامية ذلك، فإنها عممت المصيبة، وحرصت على ألا تدع بيتاً إلا دخلته، فانكوى بنارها الكثير، وتسببت في خسائر كبيرة، وأستدرك هنا وأقول: إنني أعني بعض هذه المساهمات، وليست كلها، ومع بوادر انفراج الأزمة في بعضها إلا أنّ اتجاه المستهلك المستهدف، تفكيراً وثقةً وسيولةً لسوق الأسهم قد يؤخر في هذا الانفراج ما لم يصب سوق الأسهم بهزة تهز قلوب البعض، وتُرجعهم إلى الاستثمار الذي يمرض ولا يموت.
تصلح هذه المقدمة أن تكون مختصراً تعريفياً للقصة بعد كتابتها، ويهمني هنا أن أسجل أن من أسباب هذه الأزمة هي الضوابط المتعلقة بالمساهمات العقارية، التي لم تكن كافية لضبط الأمور، ومنع المتلاعبين مما أوجب إيقاف التصريح لهذه المساهمات إلى حين دراسة الموضوع.
ثم صدر قرار مجلس الوزراء رقم 220 في 22/8/1426هـ بالموافقة على الضوابط المتعلقة بطرح المساهمات العقارية، وهي ثمانية ضوابط تنظم كيفية الترخيص للمساهمات العقارية، ومن ضمن هذه الضوابط ما يتعلق بالإجراءات القضائية، وهي:
1- في الفقرة الثانية: اشتراط أن تكون أرض المساهمة مملوكة بصك شرعي ساري المفعول ثابتة سلامته وما بني عليه وفقاً للمقتضى الشرعي والنظامي وذلك بموجب إفادة رسمية صادرة من الجهة التي أصدرته، وتعليقاً على هذه الفقرة فالمقصود بالصك هنا: إما صك حجة استحكام صادر من المحاكم، أو صك إفراغ صادر من كتابات العدل، ولا بد أن يكون ساري المفعول، بمعنى أن يكون باقياً باسم صاحبه، ولم يرد عليه إيقاف أو حجز أو نحوهما مما يوجب التوقف في الاعتماد عليه، كما اشترطت الفقرة أن يكون هذا الصك سليماً وفقاً للمقتضى الشرعي والنظامي وهذا يدل على ضرورة اشتماله على كل المشترطات النظامية والشرعية فإذا كان ناقصاً من هذا الجانب فلا يصح الاعتماد عليه في فتح المساهمة.
2- في الفقرة الخامسة: إلزام مالك الأرض بالتهميش على الصك وسجله بما يفيد أن الأرض تحت المساهمة لضمان عدم تصرفه في الأرض خلال مدة المساهمة، وهذا إجراء احتياطي جيد يستند إلى إقرار صاحب العلاقة بمنع نفسه من التصرف في ملكه مدة معينة لمصلحة الغير في ذلك، وفي الوقت نفسه يحقق مصلحة له بالترخيص له بالمساهمة.
3- في الفقرة الخامسة: أيضاً التأكيد على الجهات المختصة بألا توقف صكاً لعقار تحت المساهمة إلا في حالة دعوى يترتب عليها بطلان الصك، والمقصد من هذا الإجراء: حفظ حقوق مالك المساهمة ومن معه من المساهمين من أصحاب الدعاوى الكيدية والعمل على منع تعثر المساهمات بحيث لا توقف إلا بموجب صحيح، وفي المقابل فإن نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي الصادر بالمرسوم الملكي رقم 109 في 24/1/1374هـ قرر في المادة 198: إلزام كتاب العدل بالتوقف عن إجراء المبايعات أو الرهون ونحوها من الإجراءات على العقار إذا كانت هناك محاكمة جارية فيه، أو قدم المعترض صكوكاً وحججا معتبرة تؤيد طلبه، وقد يثير هذا بعض اللبس الذي يستوجب إزالته، وقد ورد في قرار مجلس الوزراء اختصاص مجلس القضاء الأعلى في مخاطبة المحاكم بذلك، وبرأيي أن الأمر يحتاج إلى تحديد الحالات التي يترتب عليها بطلان الصك أو على الأقل وضع ضوابط واضحة لها.