العمالة الزراعية المؤهلة
بدأ الاستثمار الزراعي المُكثف للمشروعات الزراعية المتخصصة في المملكة في منتصف السبعينيات الميلادية، وكان لهذا الاستثمار آثار إيجابية عديدة، وكان أهمها التوطين بأشكاله المختلفة سواء للأفراد في مناطقهم أو توطين للتقنية واستخدامها في العمليات الزراعية حتى توافرت وأصبحت في متناول المزارع الصغير عن طريق مجموعة من السياسات والبرامج التي كان لها الأثر الفاعل في تحفيز عملية الاستثمار في هذا القطاع بأنشطته المختلفة مما شجع المستثمرين على الدخول والاستثمار باستخدام التقانات الحديثة ليتحول من قطاع تقليدي إلى قطاع استثماري يُؤثر ويتأثر بالقطاعات الإنتاجية الأخرى. صاحبها نقلة نوعية في استخدام التقنية التي توطنت في هذا القطاع بجانب توطين الخبرات الوطنية وأصبحت علامة مميزة في القطاع الزراعي، وحقق هذا القطاع مكاسب عديدة سواء المادية أو البشرية، إلا أن هناك فجوة بين مخرجات التعليم الزراعي والمجال التطبيقي، فبالنظر إلى واقع هذه المخرجات نرى أن أقل مستوى يتم تأهيله للعمل في القطاع سواء الحكومي أو الخاص هو الثانوي الزراعي في حين لا يوجد مهن مؤهلة أقل من هذا المستوى عدا الجرعات التدريبية التي تقدمها وزارة الزراعة حسب علمي للمزارعين وأبنائهم، وتلك المهن رغم انخفاض التأهيل المطلوب لشغلها إلا أنها في حد ذاتها مهمة، لأن هؤلاء ممن يتعامل مع الآلات والأجهزة في القطاع الزراعي، مما يتطلب أهمية إيجاد مراكز للتدريب تقام في حقول المشروعات الزراعية لإيجاد مخرجات للمهن الزراعية وفي الثروة الحيوانية والسمكية خاصة، مثل تشغيل وصيانة الآلات والأجهزة، والمسالخ والفرز والتدريج والعمل على خطوط الإنتاج المختلفة في مصانع المشروعات الزراعية والغذائية. وهذا بدوره يتطلب إقامة مراكز للتدريب التعاوني بين الجهات الحكومية ذات العلاقة مثل وزارة العمل، ووزارة الزراعة، والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وصندوق الموارد البشرية والجامعات السعودية ومجلس الغرف السعودية للراغبين في العمل بالقطاع الزراعي، وقد يكون من المناسب أن تكون هذه المراكز تحت إشراف اللجان الزراعية في المناطق، ويتم صرف مكافأة للمتدربين على أن يتم توظيفهم كعمالة زراعية مدربة في تلك المشروعات، لذا في اعتقادي أن فتح قنوات الاتصال مع بيوت الخبرة في الداخل والخارج والمنظمات الدولية والإقليمية ومتابعة كل ما يستجد في مجال القطاع الزراعي وتسخيره لتدريب مثل تلك الفئات سيسهم في رفع كفاءة الإنتاج للمحاصيل الزراعية وخفض استهلاك الموارد الطبيعية وتحسين نوعية المعروض من مخرجات هذا القطاع للتكيف مع التغيرات الاقتصادية خاصة بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، بمشيئة الله، وما يطمئن أن هناك بوادر تلوح في الأفق لتبني التدريب التعاوني بين القطاعين العام والخاص في المجال الزراعي، ويجدر الإشارة هنا إلى الجهود التي تقوم بها بعض الشركات العاملة في المجال الزراعي أو السمكي كل على حدة.