اعتماد استراتيجية للتصدير وصياغة جديدة تناسب المتطلبات الاقتصادية

اعتماد استراتيجية للتصدير وصياغة جديدة تناسب المتطلبات الاقتصادية

قدر تقرير حديث حجم الاستثمارات الصناعية في الإمارات بـ 68.2 مليار درهم في 2005 بنمو نسبته 8 في المائة. وعزا جمال ناصر لوتاه وكيل وزارة المالية المساعد لشؤون الصناعة هذا النمو إلى المبادرات الحكومية المباشرة التي توفر دفعة قوية لنشاطات التصنيع في الدولة، ونجم عن هذا إنشاء أكثر من 3294 وحدة صناعية في الدولة نهاية عام 2005. واعتبر لوتاه قطاع التصنيع المساهم الثاني للناتج القومي الإجمالي بالنسبة للإمارات، حيث مثلت هذه المساهمة 19.7 في المائة عام 2004.
وكشف لوتاه أن السماح بقيام شركة اتصالات أخرى يفسح الطريق أمام تحرير اقتصاد السوق الإماراتية الذي سيؤثر إيجاباً في الاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة، وبالتالي القطاع الصناعي.
وذكر لوتاه أن قرار مجلس الوزراء الذي يسمح لوزارة المالية والصناعة بأخذ 5 في المائة من شركات الدولة العامة يستهدف إعطاء دفعة قوية بالنسبة لجاذبية الدولة للاستثمار، خصوصا في القطاع الصناعي، معتبرا هذه المبادرة عبارة عن إظهار لالتزام حكومة الإمارات بتنشيط الشراكة في القطاع العام ودعمها.
وبحسب البيانات الحديثة يرتكز جزء كبير من استثمارات الدولة الصناعية في قطاعات صناعة المنتجات الاستهلاكية، فيما توزعت بقية الاستثمارات على القطاعات الصناعية الأخرى مثل قطاع صناعة مواد البناء، المعادن الأساسية، المنسوجات، الأخشاب، الأوراق، والمنتجات المعدنية.
وأظهرت البيانات الحديثة أن قطاع صناعة المنتجات الغذائية والمرطبات تلقى أكبر حصة من الاستثمارات الصناعية، حيث حصل على 46 في المائة من إجمالي الاستثمارات الموجهة للقطاعات الصناعية في الدولة خلال العام الماضي أو ما يعادل 31.2 مليار درهم.
ونمت الاستثمارات الموجهة لقطاع صناعة المنتجات الغذائية والمرطبات بنحو 14 في المائة خلال الفترة نفسها. وتلقت قطاعات صناعة المنسوجات والأثاث والأوراق في الدولة نحو 50 في المائة من الاستثمارات الموجهة للقطاعات الصناعية.
والملاحظ أن دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال الصناعة في الدولة محدود للغاية، إذ لم تتجاوز حصة هذه الاستثمارات 10 في المائة من إجمالي الاستثمارات الموجهة للقطاعات الصناعية في الإمارات خلال العام الماضي وتبلغ حصة دول مجلس التعاون من الاستثمارات الخارجية المباشرة في القطاعات الصناعية في الدولة 3 في المائة في حين تصل حصة بقية دول العالم إلى 7 في المائة.
ورغم النمو الملحوظ في قطاع الصناعة يجمع الصناعيون على أن الصناعة لا تلقى الرعاية والاهتمام الكافيين من قبل رجال الأعمال والمستثمرين في الدولة، كما أنها لا تشكل الأولوية بالنسبة للدعم الرسمي حيث تطغى طفرتا العقار والأسهم على التفكير الاستراتيجي للقطاعين الخاص والعام في آن معا.
من ناحيته، يرى حمد راشد الهاجري رئيس مجلس إدارة مجموعة الهاجري الصناعية أن الصناعة لم تتلق الدعم المؤسساتي المتوقع، فالمؤسسات لا تزال غير مهتمة بالنشاط الصناعي رغم أن الصناعة هي قلب أي اقتصاد. ودعا المسؤولين عن الصناعة في الإمارات إلى التخطيط بدقة أكثر لدعم هذا القطاع الحيوي. ونوه بأن القطاع الخاص قام بدوره في هذا المجال إلا أن مسألة التطوير التي تواكب الخطوات الهائلة التي تمت في هذا العصر تحتاج إلى إمكانيات مالية كبرى لا يمكن تأمينها إلا عن طريق قروض طويلة الأمد ذات فوائد منخفضة. وأوضح أنه في عُمان هناك لجنة خاصة لتمويل الشركات الصناعية المفلسة أو المتعثرة ماليا، والسعودية تخصص سنويا 11 مليار دولار للصناعيين من أجل حماية الصناعة, إذ إن الصناعي في السعودية يحصل على قروض طويلة الأجل تصل إلى 30 عاما بفائدة قدرها نصف في المائة.
أما محمد سلطان بن هويدن نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، فذكر أن كل القطاعات الاقتصادية ستتضرر مباشرة برفع أسعار الديزل خلال فترات متقاربة، خصوصا قطاع الصناعة.
وأكد أن القطاع الخاص فقد ثقته في قطاع الطاقة وأسلوب عملها الذي يكبد القطاع الصناعي خسائر كبيرة تراوح بين 10 و20 في المائة.
وطالب السلطات المختصة عن قطاع الطاقة بدراسة الأسعار الحالية وتثبيت الأسعار بعد اختيار السعر المناسب للجميع وإبقائه لمدة لا تقل عن عام وبعدها تتم دراسة النتائج، مشيراً إلى ضرورة إعلام القطاعات الاقتصادية بأي نية لرفع الأسعار قبل مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر حتى يستعد المسؤولون عن هذه القطاعات للأسعار الجديدة.
وفي المقابل دعا أحمد خلفان المهيري مدير تسويق مصنع الإمارات للحديد والصلب إلى ضرورة تخطي الصناعة في الإمارات مرحلة الصناعة ذات العمالة غير الماهرة إلى تلك المؤتمتة تقنيا, وهذا يتطلب التأسيس لصناعات نوعية تعتمد على أيد فنية خبيرة بدلا من الاعتماد على صناعات عادية تتطلب عمالة غير ماهرة وبأجور زهيدة وكثيرة العدد, وهذا يتطلب توفير التنسيق الاستراتيجي بين الجامعات والشركات الصناعية لإمداد الأخيرة بالكفاءات الضرورية. وشدد المهيري على أن الصناعة تقوم أولا وأخيرا على الطاقة وأن ارتفاع أسعار الطاقة يعني ارتفاعا في التكاليف وبالتالي انخفاضا في مقدرتها التنافسية بمعنى آخر كصناعة وليدة يجب دعم المصانع بأسعار محروقات خاصة ومخفضة.
من جانبه، أوضح خالد عبد الله القبيسي نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة أبوظبي للصناعات المعدنية أن الصناعة في الإمارة ما زالت في المرتبة المتوسطة، إذ إن الاهتمام بالصناعة لا يزال حديث العهد ولكن بدأنا الآن نلمس بعض الاهتمام من الجهات الرسمية, وما نطمح إليه هو أن تصبح الإمارات رائدة في مجال الصناعة.
واعتبر محمد عبد الرحيم الباحث الاقتصادي في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي أن التمويل يعد من أكثر المعوقات التي تقف في طريق تطوير الصناعة، إضافة الى أسعار إيجارات أبنية المصانع والمستودعات. وطالب باتخاذ إجراءات ضرورية لتحفيز هذا القطاع الحيوي وتنشيطه في مقدمتها وضع استراتيجية صناعية محددة تتضمن أولويات لبعض الأنشطة الصناعية ومنحها الحوافز الخاصة. كما طالب بمسح القطاع الصناعي ودراسة إمكانياته ومن ثم تبني خطط محددة لتطوير القطاع وفقا لأولويات معلومة.
وأكد عبد الرحيم أهمية وجود شركات مساهمة عامة بين القطاعين الحكومي والخاص للمساهمة في الحد من تكرار الصناعات المتشابهة, داعيا للتكامل بين المصانع, والسير في عملية الدمج بين المصانع المتشابهة في منتجاتها لأن الكيانات الصناعية الصغيرة ستختفي في ظل الاتفاقيات الدولية وانفتاح الأسواق.

الأكثر قراءة