رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ثقافياً.. لا بد من اتخاذ تدابير للتنمية والتطوير

ها هي ثمانية أشهر مرت على صدور المرسوم الملكي بتعديل اسم "وزارة الإعلام" إلى "وزارة الثقافة والإعلام" والذي تضمن ضم ثماني مسؤوليات كبيرة, كأحمال ثقال حولت إليها لتدار بأسلوب يتواكب ونمط الحياة العصري الجديد. لقد جاء في المرسوم ما يلي:
ضم كل من مركز الملك فهد الثقافي, إدارة الفنون الشعبية, الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وفروعها, الإدارة العامة للنشاطات الثقافية, والأندية الأدبية وكذلك الإدارة العامة للأندية الأدبية التابعة سابقا للرئاسة العامة لرعاية الشباب.
ضم الإدارة العامة للمكتبات العامة وما يتبعها من مكتبات عامة ومن وحدات إدارية للمكتبات في إدارات التعليم العام في المناطق, والإدارة العامة للعلاقات الثقافية التابعتين لوكالة الشؤون الثقافية في وزارة المعارف ويستثنى من ذلك ما يخص الجانب التربوي فيها.
ضم "المجلة العربية" التابعة سابقا لوزارة التعليم العالي.
تحويل كل من الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسستين عامتين يرأس مجلس إدارة كل منهما وزير الثقافة والإعلام.
القرار في حد ذاته جاء في توقيت مناسب, وعلى الوزارة جعل هذا الانتقال انسيابيا. ولكن ماذا بعد الانتقال وما نتائج هذا الانتقال بعد مرور عام عليه؟ لا أشك للحظة أن المسؤولية جسيمة وفرض الحيوية والشمولية في التعامل مع القضايا الثقافية العالقة يعني مضاعفة الجهود والعمل في صمت إلى أن تتحقق أول بوادر مرضية لكل الأطراف. إلا أنه لا بد من إعداد التقرير السنوي الأول بعد إعادة الهيكلة وتعديل المهام وإعادة توزيع الأدوار لعرض إنجازات ونتائج ما بذل في الوزارة من جهود لتوعية المجتمع. من وجهة نظري, هناك تدابير لا بد من الانتهاء منها أولاً ليضمها التقرير, ثم البحث عن تطوير المستوى لأن التسارع في ظل وجود ذات العناصر والكفاءات سيستغرق وقتا على حساب خدمة المجتمع وتحقيق متطلباته. ولذلك يشكل فريق علمي يقوم بالتالي:
أولا: الانتهاء من إعادة الهيكلة وصياغة المهام كأولوية مهمة تفرضها إشراقة الوزارة بهيئتها الجديدة في هذا العصر ذي السمة الاقتصادية المحرَك بتقنيات حديثة جداً. وأهم ما في ذلك وضع حدا للازدواجية الإدارية مع أي جهاز آخر.
ثانيا: الاهتمام بإخراج وتعميم الضوابط واللوائح والعمل على تحديثها كل ثلاث سنوات على الأكثر (كنظام ثابت) اقتداء بالدول المتقدمة التي تميزت بنجاحاتها المتواصلة. ولتؤخذ الصين مثالا في هذا المجال عندما أصدرت نظام نشر الأخبار والتوعية الثقافية على الإنترنت في عام 2002 وها هي الآن - وقبل شهر بالتحديد - تحدثه كليا.
ثالثا: الاهتمام بالنشر العلمي والثقافي وضبطه مع تشجيعه تمهيدا لمواجهة مرحلة زخم الإنتاج الفكري الرقمي الذي تصعب مجاراته والحفاظ على أخلاقياته إذا لم تكن لدينا الثقافة الفردية المهذبة والقاعدة المنظمة للنشر المطبوع أو الإلكتروني.
رابعا: الاهتمام بالمكتبات العامة .. أم المكتبات, حيث يقود ذلك إلى الاهتمام غير المباشر بالمكتبات الوطنية والمدرسية والجامعية والبحثية والمتخصصة لتصبح المكتبة بصفة عامة في أذهان الناس الملاذ للإجابة عن كل الأسئلة, والمعين الذي يكتنز أوعية معلوماتية في مجالات عدة إن لم يكن في المجالات كافة. وفي هذا الصدد لا بد من التعاون مع جمعية المكتبات والمعلومات السعودية والتنسيق مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في تحويل المكتبات إلى مكتبات رقمية خلال العامين المقبلين مع الشروع في التعاون مع كافة أنواع وفئات المكتبات في المملكة لتخفيف الأعباء المالية السنوية المخصصة للتزويد والاقتناء وبناء المجموعات المختلفة من مصادر المعلومات.
خامسا: الأندية الأدبية, هذه القلاع المهجورة إما بفعل فاعل, وإما مفعولٌ بها فِعلا. لقد كنت من روادها قبل أكثر من 15 عاما, ولكن عندما أصاب معظم إداراتها الوهن, افتقدنا نكهة الأدب الراقي شعراً ونثراً, وانزوى غالبية الأدباء من أصحاب الفكر المنهجي والأقلام الجريئة. أصبحت الأندية الآن تبحث عن الدعم, ليس فقط ماليا وإنما أدبياً أيضا فاختلطت الحداثة بالعراقة وما عدنا نعرف ما إذا كان الحديث في الأدب إثراء أم بعثرة آراء. لذا فمن حتميات التطوير الاهتمام بهذه الصروح الشامخة فهي محطات التواصل بين أفراد المجتمع, وهي لبعضنا تعتبر المنتجع.
سادسا: الاهتمام بالمتاحف لأنها ثقافة الماضي الذي بدأ يندثر على أعتاب المستقبل الغائم. ولا بد من ترسيخ التاريخ والتراث في أذهان النشء كقاعدة صلبة لعصر الحداثة والتقنية القادم بخطى متسارعة. ففتحها للعامة سبيل للاستثمار فيها وتدوير الدخل للصرف على صيانتها وتطويرها مما يساعد كثيرا في تخصيص موازنتها لعمل الدراسات اللازمة في عمليات التوسع والانتشار وتحديث أساليب العرض والجذب.
سادسا: بما أن التخصيص قادم لا محالة فعلى الوزارة مسؤولية إعداد المجتمع لقبول فكرة الإعلام المرئي المدفوع تدريجيا, فأنظار العالم في هذه الأيام تتجه إلى إعلامنا المعاصر لمراقبة كيفية مشاركته في تنمية الاقتصاد الوطني والوعي الثقافي, وتبني فكر الإعلام الاقتصادي بعد توقيع المملكة الاتفاقية, ولا بد للوزارة أن تلعب هذا الدور باحتراف.
أما الدور الأهم فهو تجاه الفرد في المجتمع, وجعله محور التطوير والتنمية. فهو العنصر الذي يقيم الخطة استراتيجية كانت أم تنفيذية, والخدمات المقدمة كمها ونوعيتها. وهو المستفيد والمستهلك والمتأثر بما يصنع من أجله ويدور حوله. فإذا ما صفا ذهنه واطمأن ضميره, أظهر وطنية وولاءً لا حدود لهما. فالمثقف ينثر بقلمه عبير الكلمات الهادفة الرقيقة لاستمالة البناة من المفكرين والعلماء فيقودون التنمية البشرية فيكون بنَاءً. والبسيط يحرث الأرض أو يمتهن الحرف اليدوية أو يدير عجلة المصانع, فيزرع مجدا ويخلد تراثا ويصنع قوة اقتصادية. لذلك على كاهل الوزارة كهدف عام أن تجعل الفرد ينفض عن نفسه غبار الزمان وأن ينظر لشؤونه بإمعان للانتقال بنفسه من حاله الآن, إلى هذا الحال:
أولاً: محاكاة موجة التغيير القادمة التي تتطلب إعادة تركيب المتفكك من الروابط والأخلاقيات, وتنظيم ما كان مختلطا وعشوائيا في الفكر والمفهوم. هذه الخطوة ستستغرق وقتا طويلا ولكن العزاء الوحيد هو في أنها ستعالج أوجه القصور في البنية التحتية للمجتمع.
ثانياً: التفاعل مع الأرقام مقروءة أو مسموعة, ليتفهم ما يمكن أن تعني وترمي إليه في كل مناسبة. بعد ذلك رفع مستوى الفكر للفرد والمجتمع بالاهتمام بقراءة المعايير وفهم معاني المؤشرات الحيوية والاقتصادية لتمكنه من متابعة المتغيرات واستيعاب مدلولاتها.
ثالثاً: التواصل مع الآخرين من مؤسسات وأفراد للعمل كفريق والإبداع في العمل الجماعي وتأصيله بتوريثه للأجيال المقبلة.
عملياًً, علينا من الآن فصاعدا عدم الاستطراد والإسهاب في الحديث عن النجاحات فهذا معناه أننا في الطريق إلى الفشل, إلا أنه لا بد من التوقف بين الحين والآخر للتقييم ثم السعي للجودة الشاملة. ولأن فائدة الخطابة ليست فيما نكتبه ونعبر عنه ولكن فيما نجنيه ونحصل عليه, فأتمنى من كل قلبي أن نحصد ونجني كل ما فيه رفعة وسمو بلدنا الكريم ـ بإذن المولى العظيم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي