الدواجن وزكام الإعلام
أصبح العالم بأطيافه المختلفة أشبه ما يكون بالقرية الصغيرة إن لم يكن كالحي تنتقل المعلومة بسرعة النار في الهشيم فإذا عطس طير في شرق المعمورة سُمع صداه في غربها, ومع هذه الثورة الهائلة في مجال الإعلام أصبح البعض يتلقى المعلومة بطريقة انتقائية, واستجابة لذلك أصبح بعض الزملاء الإعلاميين وهم قلة يبحثون عن الإثارة والتهويل وكان آخرها ما يتم كتابته حالياً عن مرض إنفلونزا الطيور والتركيز على نفوق الدجاج في بعض مناطق المملكة. وهؤلاء في اعتقادي غاب عنهم أن نسبة النفوق من العوامل المؤثرة في كمية المنتج من دجاج اللحم حيث ترتفع هذه النسبة في بعض المشاريع نتيجة لعدم اتباع وسائل الرعاية الصحية، كما أن درجات الحرارة في المملكة قد تصل إلى ما يزيد على 50 درجة مئوية أثناء النهار في فصل الصيف فيما تقل عن الصفر المئوي أثناء الشتاء في بعض المناطق، بالإضافة إلى سرعة التقلبات في الظروف الجوية. وإصابة الدجاج بالأمراض لاشك يؤدي إلى خسارة اقتصادية فادحة حيث لا ينمو بصورة جيدة إذا تعرض أو أصيب بالأمراض أو الطفيليات المختلفة مهما بلغت العناية بتغذيته أو رعايته أو جودة تركيبه الوراثي. فالدجاجة المريضة تمتنع عن الأكل في أغلب الأحيان فيصيبها الخمول والركود بسبب تغيرات حيوية تحدث في جسمها فيتأثر التمثيل الغذائي وتتدهور صحتها العامة فيقل نموها تدريجياً حتى تنفق ما لم تتداركه عوامل فنية كالعلاج أو الاعتماد على المقاومة الطبيعية التي يمتلكها الطير ضد الأمراض بتشجيع جسم الطير على إنتاج الأجسام المضادة Antibod لوقف تلك التغيرات غير الطبيعية لتعجل بالشفاء بإذن الله. وفي مشروعات دجاج اللحم يجب ألا تزيد نسبة النفوق الكلية على 4 في المائة لحين تسويق القطيع، في حين أن النسبة حتى 10 في المائة تعتبر شائعة بين بعض المشروعات وخاصة الصغيرة منها ويرجع ذلك إضافة للأسباب سالفة الذكر إلى مدى نجاح إدارة المشروع من عدمه في خفض هذه النسبة، فإذا افترضنا أن أحد المشروعات خاصة الصغيرة لديه 100 ألف طير في الدورة الإنتاجية الواحدة فإن المعدلات تعتبر النسبة طبيعية في حال نفوق 4آلاف طير في الدورة الواحدة.
وعلى الرغم من الموجة التي تثار عن مرض إنفلونزا الطيور إلا أن إقبال المستهلكين على لحوم الدواجن المحلية لم يتأثر بالشكل الواضح حسب بعض التحقيقات التي نشرتها بعض الصحف المحلية, وهذا يعطي دلالة على أن صناعة الدواجن في وقتنا الحاضر في المملكة تعد بحق مفخرة لارتفاع مستوى نوعية إنتاجها، وحصولها على ثقة المستهلك والتي جاءت مصاحبة لتغير نمط الاستهلاك في هذه البلاد تمشيا مع التغيرات الاقتصادية التي حدثت للمجتمع السعودي. وما يطمئن المواطن والمقيم بعد توفيق الله هو الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات الحكومية ذات العلاقة لدرء هذا الوباء، ودورنا كإعلاميين الواقعية في طرح الموضوع وتحري المعلومة الصحيحة من مصادرها, كما أن ذلك يتطلب من تلك الجهات الوضوح والشفافية حول هذا الموضوع.