تفعيل قرار توظيف المرأة هل نحن وكلياتنا جاهزون
يأتي قرار إجازة المرأة للعمل في جميع التخصصات بما يتناسب مع مبادئ الشريعة والعادات الاجتماعية في وقت أشد ما نحتاج إليه لتفعيل هذه القوة الاقتصادية العاملة وهو قرار يعد امتداد لمسيرة عمل المرأة والذي كان محصوراَ في التعليم. بينما دور عمل المرأة في المجالات الأخرى يعتبر الحلقة المفقودة في مسيرة التنمية الوطنية وخاصة الأعمال التي لا تتنافي مع الدين. وعمل المرأة يضمن لها كفالة مالية لمستقبلها ومستقبل أولادها وخاصة الأرامل, المطلقات, والعزب. ولا بد أن نعترف أننا مهما حظينا به من ركائز ومقومات فإننا أيضا منينا ببعض الشوائب الاجتماعية التي تعكر هذا النمو وتؤخر عملية تأنيث الوظائف ومع العلم أنه من الطبيعي أن تكون هناك عوائق عديدة للنمو الاقتصادي في معظم دول العالم، إلا أن المجتمع السعودي يحظى بمجموعة منفردة من المعوقات ذات إفرازات اجتماعية فريدة. ولتفعيل هذا القرار فإننا يحب أن نتنبه إلى حقيقة واضحة وغلطة تاريخية وهي أن معظم النساء في العقود التي مضت عندما دخلن مجال التعليم وخاصة الجامعي لم يكن لديهن أية أمل أو إدراك بأنه قد يأتي اليوم الذي يفتح فيه الباب للمرأة للعمل. لذلك فإن معظمهن توجهن وبتوجيه من أولياء أمورهن إلى دراسة في تخصصات معظمها في مجال التعليم فقط (كليات التربية). ولذلك فإنه سيمر وقت طويل لحين توافر نساء لديهن التخصصات الأخرى مثل التمريض, الصحة, الإدارة, الحاسوب, الهندسة, والإدارة. فهل تتغير جامعاتنا ومجتمعنا لتتأقلم وتوسع القبول للفتيات للكليات الأخرى. إن هذا الموضوع يجب العمل على تصحيحه وأن يتم التركيز على فتح تخصصات للوظائف الأخرى وتشجيع المرأة للتخصص والتأهيل في هذه التخصصات.
ولتفعيل قرار عمل المرأة فإنه من الأولى أن يتم حصر وتصنيف مخزوننا من القوى العاملة النسوية ومحاولة معرفة مدى تأهيل كل شريحة من النساء ومقارنتها بنوعية وعدد الوظائف المطلوبة لتنمية الوطن حسب عاداتنا وتقاليدنا. وبذلك نعرف ما هي الوظائف التي نستطيع إحلال المرأة لها وما هي الوظائف التي تبقى للرجال لحين تأنيثها تدريجياً وفق خطة مجدولة ومدروسة وليس بالعملية الارتجالية الحالية. وأن يتم وضع أولويات لخطة الإحلال بدءا بالأهم. فقد نفاجأ بأن عدد الوظائف أكثر مما نملكه من سعوديات مؤهلات, مع الاهتمام بتأنيث الوظائف تدريجياً وإعطائهم حصر أو امتياز التوظيف وعدم السماح للرجال بمنافسة وظائف النساء على الأقل لحين وصولهن مرحلة المنافسة.
ولنؤمن بأن عملية توفير العمل للمرأة ليست مرهونة بوزارة العمل أو الداخلية ولكنها مسؤولية الجميع. تفعيل دور المرأة في العمل له أبعاده الاقتصادية, الاجتماعية, والسياسية. ولهو أولويات للبدء في تأنيث الأعمال التي تشكل نصيب الأسد. والتي يجب أن توضع لها ضوابط تنظيمية وحد أدنى من الأجور وسلم وظيفي قياسي مربوط بنظام تأميني وصحي ومحاكم تضمن حقوق العامل وصاحب العمل. وهي مربوطة بالوعي والتهيئة الأسرية لأبنائها لتقبل المهن. وكذلك تعديل بعض أنظمة الدولة للسماح لهن بالحصول على التصاريح اللازمة لفتح مؤسسات الأعمال المهنية.
وهذه الأمور مربوطة بتوظيف الكفاءات النسائية الوطنية القيادية المناسبة والمؤهلة والتي لا بد من عمل الامتحانات والمقابلات التأهيلية لانتقائها للتأكد من مناسبتها وقدرتها على إدارة دفة الإدارة والتنمية بدلاَ من المجاملة القبلية والمحسوبية فوق المصلحة العامة الدولة. إذا أردنا التحول إلى نظام عالمي منافس وقادر على مواجهة إفرارات العصر العالمي الحديث.
كما أننا يجب أن ننمي وجود الحس الاجتماعي والوعي للمبادرة في تشجيع المرأة على العمل لضرورة تقليل اعتمادنا على العمالة الأجنبية وموضوع سلبيات العمالة الأجنبية وما يسببه من أمراض اجتماعية وتعذيب لأطفال المستقبل وتسرب لمدخرات الوطن. والتركيز على التخطيط المسبق لتوعية أبنائنا من الصغر في المرحلة التعليمية وضمن المناهج المدرسية إلى أهمية عمل المرأة وتهيئتها للقيام بدورها ولتعليمهم أخلاقيات الممارسة المهنية الشريفة ومدى أهميتها لهم. وضرورة التركيز على التخطيط للمهنة CARRIER PLANNING. وكذلك ربط مبدأ الوطنية بالإخلاص للعمل الجاد لرفعة الوطن.
لنضمن نجاح عملية إحلال المرأة لبعض الوظائف ودخولها مجال القوى العاملة فإننا لا بد من تجهيز أهم الضوابط التي تكفل لهذه التجربة النجاح وهي تشمل بالإضافة إلى توفير الجو والمناخ المناسبين لحيز عمل المرأة أن يتم تحديد الحد الأدنى من الأجور والذي يطمئن المرأة السعودية لضمان معيشتها. محاولة تنظيم سلم رواتب موحد للقطاع الخاص مبني على حيثيات تأهيل يضمن المساواة في التوظيف إلى حد ما. وإيجاد عقود عمل قانونية مدروسة تضمن للعامل وصاحب العمل حقوقه مع وضع أنظمة صارمة للمسيئين للنظام. وهذا يشمل التأكيد على أخلاقيات المهنة وشرفها وعدم إفشاء أسرار العمل. وكذلك وضع ضوابط لشهادات الخبرة وحسن السلوك والتي يستهين بها الجميع وكل يعطيها لأصدقائه وأقاربه. حيث يجب أن تكون ملزمة وأن يكون هناك سجل في الوزارة لكل عامل يمكن لرجال الأعمال الرجوع إليه لمعرفة ماضي أي موظف.
ومن جهة أخرى, يجب أن نركز على عملية الابتعاث (مع محرم) والتدريب والتي اتضح نجاحها للرجال وليتم توظيف الكفاءات الوطنية القيادية المناسبة والمؤهلة والتي قد تتكلف الدولة والقطاع الخاص في ابتعاثهم وزيادة تحصيلهم العلمي. وذلك بعد أن يتم عمل الامتحانات والمقابلات التأهيلية لانتقائهم والتأكد من مناسبتهم وقدرتهم على إدارة دفة الإدارة والتنمية بدلاَ من المجاملة القبلية والمحسوبية فوق المصلحة العامة الدولة.
وأن نعي أن دور المرأة في العمل له انعكاساته حاليا مع الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وعلى حل مشكلة البطالة لدينا وليس إيجاد فرص عمل لحل مشكلة بطالة الدول الأخرى. وما هي الميزة النسبية لنا لننافس الشركات القادمة والتي موظفوها ليس لديهم بعض معوقاتنا الاجتماعية مثل عمل المرأة والسماح لها بالقيادة ومساندة الرجل حتى في الأعمال البسيطة مثل مشكلة توصيل أولادهم إلى المدارس. أو الحصول على دخل مضاعف لقاء توظيف زوجاتهم وبناتهم. فالأجانب مهيأون أكثر منا للعمل هم ونساؤهم في بلدنا. لدرجة أن تلك العائلات تطرد أولادها من البيت بعد سن البلوغ ليعملوا ويعتمدوا على أنفسهم.
ومجالات عمل المرأة كثيرة وتشابه إلى قدر كبير مجالات عمل الرجل ولكن من المعروف أن إتاحة الفرصة للمرأة يجب أن تتم بطريقة تدريجية حسب مخزوننا من السعوديات المؤهلات وحسب مجالات العمل المطلوبة. وهناك أكثر من طريقة لتصنيف الفرص أو الوظائف المتاحة. حيث يمكن تصنيفها من حيث وظائف للمرأة تمارسها بينما هي في بيتها مثل إدخال البيانات من الاستمارات أو وظائف تمارسها في مقر العمل . كما يمكن تصنيفها من حيث التخصص (إدارة, علم اجتماع, تاريخ...) أو من حيث الوظيفة (سكرتيرة, مديرة, ممرضة) أو من حيث جهة العمل (قطاع عام حكومي أو خاص أو شبه حكومي). لذلك فإن الفرص المتاحة حسب التصنيف لجهة العمل أو الوظائف المتاحة تشمل العمل في الجهات الحكومية (الوزارات والمؤسسات والهيئات) وذلك في جمع المعلومات وإدخالها في الحاسوب وتحليلها. وفي القطاع الخاص العمل في الاتصالات, البنوك, السياحة, والمصانع وخاصة صناعة الملابس والمجوهرات وتعبئة المواد الغذائية والحرف اليدوية والفنية. وكذلك في القطاع الأكاديمي والأبحاث, مثل إدارة مراكز الأبحاث والبحث العلمي والتدريس والإدارة في الجامعات الخاصة والطباعة ودور النشر والدعاية والإعلانات.