عتاب مجلس الغرف.. بين الرئيس ونائبه

عندما وجه الشيخ عبد الرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض بعض الانتقادات في مؤتمر صحافي (الوطن 7/9/2005) لبعض رجال الأعمال أعضاء الهيئة الاستشارية في المجلس الاقتصادي الأعلى، هنأته في نفسي على شجاعته وشفافيته لأننا جميعا في اللجان الوطنية في مجلس الغرف وفي الغرف المختلفة نعلم أن هناك امتناعا عن مناقشة كثير من المواضيع التي يرى المنتسبون للغرف أهميتها ولا يستطيع المجلس متابعتها مع أعضاء الهيئة الاستشارية إلا بصفة شخصية وودية. وكما ذكر سعادته فإن بعض رجال الأعمال المعينين في الهيئة يقولون إنهم معينون ولا علاقة لمجلس الغرف بهم، هذا صحيح ولكن ما فائدة تعيينهم إن لم يكن مرجعهم وقوتهم وسندهم هو مجلس الغرف. إن ثقة ولي الأمر فيهم ليس لخبرتهم الشخصية فقط، بل لأنهم يمثلون القطاع الخاص لذلك عليهم ومطلوب منهم عدم تقديم آرائهم الشخصية إلا بعد التشاور مع مجلس الغرف، وحتى لو كان لمجلس الغرف رأي مغاير فليقدموا رأيهم الشخصي ورأي مجلس الغرف للمجلس الاقتصادي الأعلى ليختار. وحتى أكون عادلا معهم قد يكون من شروط عضوية هذه الهيئة عدم بحث أي موضوع حتى لو كان يخص رجال الأعمال مع أي فرد خارج المجلس، وعدم مناقشة أو إظهار أي مستند من مواضيع البحث، لذلك فهم ممنوعون نظاما من بحث المواضيع مع مجلس الغرف وغيره. فإذا كان هذا صحيحا فعلى المجلس الاقتصادي الأعلى، ليكون أكثر فعالية، أن يسمح لأعضاء الهيئة مناقشة المواضيع التي تخص القطاع الخاص مع مجلس الغرف ولا يعتمدون على آرائهم الخاصة لأنها لا تكفي.
أما رد أمانة المجلس على مجلس الغرف عندما طلب منها أن توجه رجال الأعمال الأعضاء في الهيئة أن يبحثوا المواضيع التي تخصه مع ممثلين من إدارة المجلس فرفضوا وأصروا ''أن أعضاء الهيئة الاستشارية يكفون''. وهذا كلام مرفوض لأنه ينقص من حق مجلس الغرف السعودي الذي يمثل جميع الغرف السعودية ومنتسبيها ومعظمهم منتخبون، أي يمثلون فعلا رجال الأعمال. فتحية للشيخ الجريسي الرئيس السابق لمجلس الغرف ونائب الرئيس الحالي، وليته صرح بذلك عندما كان رئيسا للمجلس لكنا طلبنا منه ومازلنا نطلب من مجلس الغرف أن يرفع هذا الموضوع لأهميته لمقام خادم الحرمين الشريفين رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى.
وما أساءني هو قراءة تصريح لرئيس مجلس إدارة الغرفة الصناعية في المنطقة الشرقية ورئيس مجلس الغرف السعودي الحالي الأخ الشيخ عبد الرحمن الراشد وهو مصادفة عضو الهيئة الاستشارية في المجلس الاقتصادي الأعلى (عكاظ 13/9/2005) ''بأن انتقاد رئيس غرفة الرياض يعتبر رأيا فرديا وأن انتقاد الجريسي للهيئة الاستشارية في المجلس الاقتصادي الأعلى شخصي، مؤكدا أن الهيئة تناقش وتطرح القضايا التي تهم مجتمع القطاع الخاص والمواطنين''. لقد علمونا من الصغر أن نحترم الكبير وإن خالفنا الرأي، لذلك إنني أحترم كل رئيس غرفة وكل رئيس سابق ولاحق لمجلس الغرف السعودية لأنه يمثل جميع القطاعات الأهلية، ولكنني أستستمح من رئيس مجلسنا الجديد في مخالفته الرأي، فما صرح به الجريسي ليس رأيا فرديا أو شخصيا، لأنه رئيس غرفة الرياض ونائب رئيس مجلس الغرف، ولو استفتيت باقي أعضاء المجلس ورؤساء الغرف ورؤساء اللجان الوطنية أو المحلية لفوجئت بتأييدهم لمطلب رئيس غرفة الرياض. إن مطلبه هو مطلب الأغلبية في الغرف السعودية والدليل أننا كنا نطالبه بما صرح به الآن منذ سنوات، ولكنه رجل هادئ الطبع طويل البال ودائما يحسن الظن، ومع ذلك لم يحصل على الدعم والتفاهم المطلوبين من رجال الأعمال مستشاري الهيئة ولا حتى من أمانتها، ولم أقرأ أن رئيس غرفة الرياض انتقد المجلس الاقتصادي الأعلى أو هيئته الاستشارية او كما ذكرتم لم ينف ''أن الهيئة تناقش وتطرح القضايا التي تهم مجتمع القطاع الخاص والمواطنين''. كل ما ذكر أنه يطلب أن يكون هناك اتصال وتشاور وترابط للقضايا المطروحة في المجلس بين رجال الأعمال في الهيئة الاستشارية ومجلس الغرف أو ممثلين عنهم وهذا مطلب واضح ومرجو من الأمانة. أما وجود الشيخ الأخ عبد الرحمن الراشد في هذه الهيئة فهو بصفة شخصية وليس لأنه رئيس مجلس إدارة غرفة أو كونه رئيس مجلس الغرف. لذلك هذا لا يكفي، ينبغي أن يكون هناك ترابط رسمي بين الهيئة الاستشارية للمجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الغرف. وذكر سعادته ''أننا نلاحظ أن اللجنة في فروع الغرف أكثر فعالية ونشاطا من اللجان الوطنية في المجلس، مؤكدا على خطة لتفعيل أدوار اللجان الوطنية ...'' وهذا أيضا تعليق فيه إجحاف لبعض اللجان الوطنية. نعم كثير من اللجان المحلية أكثر فعالية لأنها تناقش وتحل القضايا الخاصة بمدينتها، أما اللجان الوطنية في مجلس الغرف ومع فعالية الكثير منها إلا أن فعاليتها هي من فعالية المجلس، فماذا تفعل اللجنة الوطنية الصناعية وهي تنادي منذ سنين بعدم وجود أراض صالحة مزودة بالخدمات اللازمة لبناء مصانع جديدة أو لتوسيع المصانع القديمة عليها مثلا؟ وماذا تعمل لجنة العمالة إذا كان نظام العمل الجديد متعسر الولادة لمدة خمس سنوات وسيصدر قريبا بقيصرية حتى لو لم تكتمل متطلبات رجال الأعمال فيه؟ ضعف اللجان الوطنية وعدم فعاليتها ليس منها، ولكن من ضعف مجلس الغرف وأقل دليل أن رئيسه السابق يشتكي من عدم قبول أمانة المجلس الاقتصادي الأعلى من السماح لأعضاء الهيئة الاستشارية الذين هم من رجال الأعمال، مناقشة ممثلي مجلس الغرف السعودية وبحث أولويات المجلس وهمومه. وأنتهز هذه المقالة لأهنئ رئيس مجلس الغرف على تسلمه الرئاسة ونتطلع إلى تطوير وتفعيل المجلس ولجانه وكذلك تفعيل الغرف التجارية التي نسيها كثير من رجال الأعمال وابتعدوا عنها لعدم قدرة الغرف والمجلس على الحصول على مطالبهم لما يواجهونه من تجاهل لقضاياهم وآرائهم وعدم الأخذ بها سواء من الوزارات المختلفة أو الهيئات الرسمية والأدلة على ذلك عديدة. لذلك نطلب من رئيس مجلس الغرف أن يعيد للمجلس ورجال الأعمال هيبتهم، ليس بإيصال آرائهم ومطالبهم ومقترحاتهم فقط، بل بسرعة تنفيذ ذلك من الجهات الحكومية المختلفة، وألا نستمر في أسطوانة التطبيل والمجاملة للمسؤولين على حساب مصلحة القطاع الأهلي والمواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي