مطالب بوقف الاكتتابات الجديدة لحين تعافي أسواق المال الخليجية
ارتفعت دعوات المحللين والمتابعين لأسواق المال الخليجية الحكومات إلى التدخل لوقف الإصدارات الأولية لحين تعافي الأسواق من حالة الهبوط الحادة التي تمر بها، والتي كبدت صغار المستثمرين خسائر باهظة.
وشهدت الفترة الماضية تحولا سريعا لدى المتحمسين للإصدارات الجديدة في السابق الذين كانوا يطالبون بالمزيد من الاكتتابات العامة في أوقات صعود الأسواق عامي 2004 و 2005 لوقف الصعود غير المبرر في الأسعار عبر إدراج المزيد من الشركات الجديدة، غير أن انهيار عدد من البورصات في الخليج ومنها البورصة الإماراتية التي بلغت خسائرها 200 مليار دولار، حيث انخفضت القيمة السوقية للأسهم من 830 مليار درهم في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى 635 مليار درهم منتصف الشهر الجاري، الذي سجل أسوأ موجة تراجع في السوق أجبرت العديد من المتحمسين للمزيد من الإصدارات الجديدة على مطالبة السلطات المعنية ممثلة في وزارة الاقتصاد بالتدخل لوقف الاكتتابات الجديدة في الفترة الحالية لحين عودة النشاط إلى السوق.
وتقول إحصاءات صادرة عن سوق دبي المالية إن الإصدارات الجديدة والاكتتابات في زيادة رؤوس أموال الشركات سحبت من السوق خلال العام الماضي نحو 50 مليار درهم، وهو ما أثر بالسلب على حجم السيولة التي كانت تتجه للاستثمار في الأسهم، وبالتالي تأثرت حركة التعامل في السوق.
وقّدر كريم الصلح الرئيس التنفيذي لشركة جلف كابيتال إحدى الشركات المساهمة الخاصة التي تأسست أخيرا في الإمارات وتعمل في مجال التمويل، عدد الشركات التي ستطرح للاكتتاب العام في المنطقة خلال العامين المقبلين بنحو 116 شركة تقدر قيمتها بنحو 50 مليار درهم.
وعلى الرغم من أن وزارة الاقتصاد الإماراتية تدخلت بإلزام شركتي "تمويل" التي جمعت 275 مليار درهم و "الاتصالات المتكاملة" التي جمعت 400 مليار درهم برد الفائض من اكتتابهما خلال أسبوعين من انتهاء الاكتتاب، حيث من المقرر أن ترد "تمويل" فوائضها البالغ 270 مليار درهم الأسبوع الجاري، إلا أن العديد من المحللين يرون أن تدخل الوزارة جاء متأخرا.
وقال شهاب قرقاش المدير التنفيذي لشركة ضمان للاستثمار إن تدخل الحكومة كان مطلوبا قبل أزمة السوق بزمن طويل عندما تسابقت البنوك لتمويل الاكتتابات الأولية بمبالغ فلكية هي حبر على ورق دون أن تكون نقودا ملموسة، مضيفا "إن المطالبات كثيرة اليوم لكي تقوم الحكومة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه في السوق بعد خراب البصرة، كان من الأجدر أن تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل الحكومة لتنظيم شؤون السوق قبل الخراب فذلك أيسر على الجميع وأكثر فائدة للاقتصاد وأقل تكلفة من الخراب الذي سببه جشعنا الاستثماري".
وأوقفت الوزارة الاكتتاب الذي كان يعتزم بنك دبي الإسلامي إجراؤه في 20 آذار (مارس) الجاري لزيادة رأسماله بمقدار مليار درهم، غير أنه كان يستهدف جمع ثلاثة مليارات درهم من أيدي المستثمرين بسبب فرض علاوة إصدار درهمين إضافة إلى درهم القيمة الاسمية للسهم، وذلك إلى حين تعافي السوق التي تشكو من استنزاف السيولة إما لزيادة رؤوس أموال الشركات وإما المشاركة في الاكتتابات العامة. وكانت الوزارة قد أوقفت أيضا في السابق منح تراخيص لإنشاء شركات مساهمة عامة جديدة بعد أن انتشرت ظاهرة استغلال البعض السيولة المتوافرة في الأسواق وتأسيس شركات جديدة، حيث اشترطت الوزارة مرور عامين على إنشاء الشركة للتحول إلى مساهمة عامة وإن أدى ذلك إلى حدوث التفاف على قرار الوزارة بتأسيس شركات مساهمة خاصة برؤوس أموال ضخمة تطرح في اكتتابات خاصة لإماراتيين وخليجيين.
ومن المتوقع أن تحظي قضية الإصدارات الجديدة بنقاش واسع بين المشاركين في قمة الإصدارات الأولية وإدارة الأصول في الشرق الأوسط التي ستنطلق اليوم في دبي وتنظمها مجلة "ميد".
ويقول كريستيون مشبهاني رئيس الصيرفة الاستثمارية في بنك دبي "إن الإصدارات الأولية تواجه تحديات في ظل الأوضاع الحالية في أسواق المنطقة"، مضيفا أن التصحيحات الجارية في أسواق المنطقة يمكن أن تقدم المزيد من الاستقرار السليم والتقديرات للأسواق، كما ينبغي على المنطقة أن ترحب بالنقاشات الجارية حول كيفية تحسين والارتقاء بمستوى أداء أسواق المال والإصدارات الأولية في المنطقة.
وأوضح أن حجم السيولة النقدية المتدفقة إلى منطقة الخليج يقدر بنحو تسعة مليارات دولار يوميا (استنادا لسعر 60 دولارا أمريكيا لبرميل النفط الواحد)، وهو ما يتطلب تنظيم آلية عمل أسواق المال في الوقت المناسب للاستثمار بشكل فعّال وإنشاء شركات عائلية وأخرى خاصة.