الشباب طريقه مختلف

تحولت ظاهرة الطلاق في المجتمعات المسلمة إلى مشكلة مؤرقة ومؤلمة, وقد تابعنا قبل فترة وجيزة النقاشات التي تمت بشأنها في وسائل الإعلام، ولمسنا أسباب تفشيها في مجتمعنا المحلي على الأقل، ولكن لم يتم التوصل إلى العلاج الناجع لذلك بشكل لافت للنظر، وكم أسرة اكتوت بنار الطلاق وتعكير الحياة الزوجية وتشريد الأطفال وتفكك روابط الأبوة وحنان الأمومة، فأصبحوا بعد عز وسعادة, ينامون في أحضان الأب فريدا دون نصفه الآخر شاءوا أم أبوا؟ فهو وقد سرح الأم وأوكل الأبناء إما لزوجة جديدة وإما لوالدة مسنة لا تستطيع القيام بواجبها، والأبناء محظوظون إذا وفقوا في زوجة أب من السهل الممتنع الذي لا يعشق حب الأذى والسطوة ، والاستحواذ على كل شيء وخلق المشاكل، وتجعل, كما يقول المثل المصري, "من الحبة قبة"، فهي هنا تكون قد وضعت مشاكل الأبناء على صفيح ساخن لا يسلم منه أحد، خصوصا إذا كان الزوج شغوفا بها فيا ويل من تقترب منها أو تحاول أن تبين لها أهمية الرفق، الذي كما يقول المصطفى عليه السلام "ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه" وما أجمل هذا الحديث الذي يجلي خفايا النفس الخبيثة ويهيأها لما هو أكثر راحة وسعادة, وهناك من القصص ما يندى لها الجبين في حياة الأبناء بعيدا عن والديهم وما قصة الفتاة رهف عنكم ببعيد كواقع حال فما بالكم بما خفي من قصص أمثالها.
الشباب غير
إن المؤسف أن حالات الطلاق في بعض صورها تكون أحيانا لأتفه الأسباب, خصوصا الشباب والشابات الذين كانوا يؤملون أنفسهم بأن يبدأوا مشوار حياتهم في بحبوحة من العيش وفي هناء ومحبة وتلذذ بكل معاني الحياة بعيدا عما يعكرها لكنهم في لحظة غضب وعزة تأخذ من يطيعها إلى غياهب الفراق، والعودة إلى ماضي العزوبية، فيصبحون بعد نظام ووئام في ضيق واختناق، وإن تظاهر بعضهم بأنه لا يعطي لذلك أهمية ولا اعتبارا ولا يؤثر في حياته بأي تأثير، لكن الحقيقة خلاف ما يظهر لأن الأيام كفيلة بكشف الخفايا، وتبديد الثرثرة والنزوات العاصفة بحياتهم، وتسببها في الفراق لأتفه الأسباب، والوقوف أمام ذلك موقف المتفرج دون السير في طريق الحلول المناسبة والبعد عن كل ما يسهم في تفاقم الخلاف، فتنتهي العلاقة بأسرع مما بدأت فلا يقر لهم بعدها قرار ولا يجمعهم عش الزوجية الهنيء وينتهي المشوار السري في بؤس الكلمة المتعجرفة وصدود النفس الأمارة بالسوء الحريصة على وقوع أبغض الحلال بين من جمعهم فيما مضى الزواج السعيد. فما أحوج الأزواج شبابا وكبارا إلى تحكيم العقل والرضا بالحلول المقبولة, فبالصبر تنال المصاعب, ولا ضيم إن حدث التنازل عن رأي أو محاولة رأب الصدع قبل أن يقع الفأس في الرأس بوقوع الطلاق فيسهم في الحيلولة دون عودة الأسرة إلى الوئام والالتقاء على مائدة المحبة ومزيد من البقاء والاستمرارية للحياة الأسرية بعيدا عن تنبيش الماضي المزعج حتى وإن كان قريبا من أجل حياة هنية، تسهم في الصفاء والود المطلوب أن يكون له مكانة في واقعهم على أن يسيروا في الطريق الصحيح بعيدا عن معصية الله وحرصا على طاعته, وفقني الله وإياكم لكل خير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي