أموال تركات ومواريث أسهمت في التفكك الأسري
يخسر الكثير من الشباب والشابات قضاياهم الأسرية بسبب صراعات على الإرث لا يعرف فيها الشباب الصغير أنه في مفترق الطرق وسط غابة مليئة بالأفاعي المتسلطين على الورثة حيث يظهرون بمظهر القوة وأن هؤلاء صغار وأن حقوقهم محفوظة، بل قد ينادي بأنه لا حقوق للآخرين في ظل بسط نفوذه غير آبه بالآخر فقد يتخلى عن أقرب الناس بسبب طمع الدنيا بل إن بعضهم لا يعتبر أن هناك إرثا جعله الشرع للأنثى وحصلت قصص كثيرة يندى لها الجبين في هذا العالم الفسيح ولذلك لا غرابة إذا وجدنا هذا الأمر برمته مسيطرا على بعض الناس يستحيل أن يتخلى عنه ومن هنا كان وما زال الخلاف على قسمة التركة والإرث يتكرر وسط بعض العائلات في السعودية وقد وصل بعض هذه المشكلات إلى المحاكم بحثا عن الحقوق الخاصة بكل صاحب في التركة وفي الجانب الآخر تظهر أمور جاهلية تجعل بعض الأسر تحرم المرأة من حق الإرث الذي كفله لها الإسلام وكذلك مشكلات الاستيلاء على حقوق الأيتام بدعوى الوصاية الشرعية وكلها تصب في منهل واحد وهو الإرث الشرعي.
قصص وأحداث لا تخطر على البال
يذكر عبد الرحمن آل صقر بكثير من الأسى والألم أن فرحة اجتماع بعض الأسر أصبحت هاجسا لأفرادها بعد أن كانوا مجتمعين في عهد والديهم، لقد حطم الإرث حياة بعض الناس ونشأت بين الأفراد النزاعات التي لا تنتهي، حتى أننا نرى الأبناء الإخوة أصبحوا غرباء بسبب فرقتهم على المال وخلافهم، أحيانا يصل هذا الأمر إلى حد القطيعة.
ويروي م الشهري قصة إرث فرق أسرة أكثر من 11 سنة والسبب أن الابن الأكبر وإخوته لم يراعوا حقوق إخوتهم من الأب فسيطروا على التركة ولم يعطوهم شيئا ومضت الأيام والحال لم يتغير حتى تبدلت الأمور إلى الأحسن بعد وفاة الأخ الأكبر لهم، حيث عاد بقية الإخوة إلى رشدهم ثم تغيرت معاملة إخوانهم لهم للأفضل ولا سيما وأن كل هذا حدث بعد صراعات كبيرة بين الأسرة الواحدة شهدتها المحاكم التي تؤكد أن هناك حالة تتكرر في الفرقة بين أبناء الأسرة الواحدة بسبب جشع الأخ الأكبر الذي دائما ما يكون هو سبب الخلافات الأسرية. والقصص في هذا المضمار كثيرة وهذه على سبيل المثال لا الحصر.
من جهته، قال الشيخ علي القرني إمام مسجد الفخراني في مكة المكرمة إن قسمة الإرث هي قضية القضايا وكم فرقت بين أسر مستقرة ومتعاونة ونشأ الخلاف بينها على مثل هذه القضية التي هي جديرة بالطرح ولا أخفيكم أن هناك قطيعة بين أسر امتدت لسنوات بل إن بعض الأسر المعروفة عندما يموت عائلها تنشأ بينهم مشكلة حول الإرث وقد نقلت لنا وسائل الإعلام العديد من هذه الخلافات وبعضها وقع قبل أن يموت المورث وبمناسبة هذا الموضوع أحب أن أشير إلى أنه بسبب الجهل تستبعد بعض الأسر البنت من الإرث وهذا يحصل في القرى وبعض الذين يعيشون جهلا مدقعا في هذا الجانب.
وللشرع كلمته
يؤكد الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء أن عدم توريث النساء من أعمال الجاهلية التي أبطلها الله سبحانه وتعالى فإنهم كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء فشرع الله سبحانه للنساء نصيبًا من الميراث بقوله تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) سورة النساء: آية 7.
وقال الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) سورة النساء: آية 11. إلى آخر الآيات وهذا من أعمال الجاهلية حيث إن توريث الأخوات من التركة ولم يعطوهم نصيبهن الذي فرضه الله سبحانه وتعالى لهن بأن تقسم التركة بين الأولاد الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين إذا لم يكن هناك وارث غيرهم والواجب على الجميع أن يعطوا النساء نصيبهن من هذه التركة إلا إذا سمحن به لهم عن طيب نفس. ويبين الشيخ الفوزان أن الديون التي على المتوفى أو المتوفاة فإنها يجب تسديدها من تركتها ولا ينفذ وصية إلا بعد سداد الديون لأن وفاء الدين مقدم على الوصية. وأما قضية الوصية بإقامة العزاء وذبح ذبيحة فيه فهذا لا يجوز الوفاء به حتى ولو كانت هناك تركة لأن هذا من البدع وعمل العزاء وعمل الولائم بمناسبة العزاء من مال الميت من البدع ولا يجوز فعله، أوضح الشيخ خالد الهميش المشرف على مكتب تزويج الشباب أن إلحاق الضرر بالمرأة مصيبة أكبر من كل المصائب فإن كانت تلك المرأة أمًا فإن الله جعل فضلها عظيما ولن ينال الإنسان الجنة ما لم تكن راضية عنه وإن كانت أختًا فدخول الجنة موقوف على الإحسان إليها، وإن كانت بنتًا فهذا حقها، فليؤدِّ إليها حقها، وإلا فقد ظلمها وأساء إليها، والويل له من ربه لذلك الذين يحرمون النساء من حقهن في الميراث: عليهم أن يتفكروا فيمن كان قبلهم، كم عمروا في هذه الدنيا، وأين هم الآن؟! ماذا ستفعل به الأموال التي أخذها ولأخته حق فيها، إنه سيطوق بها يوم القيامة فماذا سيقول لرب العالمين إذا سأله: لماذا حرمت أختك من حقها؟! على كل مسلم تذكر ذلك اليوم الذي تقول فيه الرحم لربها: يا رب، فلان ظلمني، فلان قطعني، فيقول رب العالمين: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: اقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: فَهَلْ (عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا محمد:22 - 24، وقال إن المجتمع يئن من هذه المشكلات التي تعصف بكثير من الأسر.