د. الحربي: حلقة التسويق من أين تبدأ؟
لقاء اليوم يأتي هذا اللقاء ضمن الجهود الكبيرة التي تقوم بها اللجنة الفرعية للتسويق الزراعي في اللجنة الزراعية في الغرفة التجارية لتسليط الضوء على الجوانب المختلفة لقطاع التسويق الزراعي في المملكة، الذي مازال يعاني على مدى أكثر من عقدين من افتقارة إلى البنية الأساسية اللازمة لمواكبة التطور الكبير في قطاع الإنتاج الزراعي النباتي الذي تحقق خلال سنوات متلاحقة من التنمية، ومن الطبيعي ألا يتوقع أحد أن تقدم مثل هذه الندوات الحلول الجاهزة لمشكلة التسويق الزراعي نيابة عن الجهات التنفيذيه والمنتجين.
إن نظم المعلومات المتكاملة والدراسات التسويقية والإحصائيات الدقيقة وتنظيم الأسواق من الأساسيات المهمة لقيام نظام تسويقي يساعد على نجاح عملية التسويق الزراعي، سواء من خلال جمعيات تعاونية أو شركات متخصصة كبيرة قادرة على إحداث نقلة نوعية في قطاع التسويق الزراعي. ولكن الملاحظ عند مناقشة التسويق الزراعي التسليم بعدم وجود مشاكل في الإنتاج والتركيز على مرحلة ما بعد الحصاد، ولكن في الحقيقة أن التخطيط لعملية التسويق يفترض أن يبدأ من قبل "الزراعة" فلا يمكن أن نزرع ما نريد لنسوق ما يريده الآخرون. إن اختيار الأصناف الملائمة المناسبة للأسواق المستهدفة أمر مهم في عملية التسويق ولكن ملاءمتها لمنطقة الزراعة وكفاءة استخدام مدخلات الإنتاج وخفض التكاليف جميعها عوامل تحدد العائد الاقتصادي للمنتج وقدرته على المنافسة. كذلك فإن تطبيق معايير الجودة أصبح أمراً ضرورياً خصوصاً عند التفكير في التصدير للأسواق ذات العائد الاقتصادي الأعلى. هذه المعايير العالمية لا يقتصر دورها على مواصفات المنتج بعد حصاده، ولكن تمتد إلى ظروف الإنتاج وطرق الإدارة والعاملين في مزارع الإنتاج.
من هنا يتضح دور المنتجين أنفسهم في إنجاح عملية التسويق وقد يحتاج قطاع واسع من المزارعين إلى برامج للدعم الفني للارتقاء بنوعية منتجاتهم وخفض تكاليفها وزيادة قدرتها التنافسية، وهذه البرامج من أنواع الدعم المسموح به في أجندة منظمة التجارة العالمية. عندما يتحقق ذلك مع وجود بنية أساسية جيدة من نظم المعلومات والتشريعات اللازمة ووسائل النقل والتبريد فيمكن أن نرى قيام كيانات تسويقية ناجحة سواء كانت شركات او جمعيات تعاونية، تصنع قيمة مضافة لمنتجاتنا الزراعية بدل من الوسطاء في الأسواق التقليدية التي أعتقد أن جزءا كبيرا من الإنتاج الزراعي يمكنه تجاوزها والوصول مباشرة إلى المستهلك من خلال قنوات التسويق المتعددة.
هذه الكيانات يتوقف نجاحها بالدرجة الأولى على طريقة إدارتها وقدرتها على إحداث التغيير في نمط الإنتاج أولاً ومن ثم التسويق. ولا شك أن الجمعيات التعاونية تحظى بكل الدعم في الوقت الحالي وتعلق عليها الكثير من الآمال في إعادة ترتيب الوضع التسويقي لأعضائها المنتجين وليس الاكتفاء بإنشاء مستودعات التبريد واستثمارها. كل ذلك لا يغني عن قيام شركات تسويق متخصصة ذات قدرات عالية على التطوير والمنافسة في مرحلة ما بعد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وإذا لم يتحقق ذلك فسيبقى الحال كما هو عليه قبل الانضمام وبعده.