مخاوف من انتشار وباء فطري يهدد محاصيل القمح

 مخاوف من انتشار وباء فطري يهدد محاصيل القمح

أبدى خبير دولي مخاوفه من انتشار وباء فطري يصيب محاصيل القمح والشعير ويتسبب في تدميرها، حيث بدأ بالانتشار في بعض الدول الإفريقية ويهدد دولا أخرى من بينها السعودية.
وقال لـ "الاقتصادية" رافي سين عالم الأمراض في المركز الدولي لتطوير زراعة الذرة والقمح، إن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة تحركت بشكل جدي لمواجهة فطريات سلالة مرض "أوغ 99" التي تشكل تهديدا عالميا لعدد من البلدان. وبين الخبير الدولي أن المحاولات لا تزال مستمرة للتعرف على الخلايا الجرثومية الناقلة للجينات المورثة ذات المقاومة الجينية للوباء، لافتا إلى أنه تم التعرف على أعداد قليلة من سلالات القمح التي تكتنز بداخلها المقاومة، فضلا عن الطبيعة الإنتاجية لها.
وكان علماء قد حذروا خلال الفترة الماضية من وجود فطر جديد ينتشر شرق أفريقيا ويمكنه أن يقضي على محاصيل القمح في العالم، وهو ما اعتبروه يشكل تهديدا خطيرا على الأمن الغذائي العالمي إذا لم تتخذ خطوات سريعة لمكافحته.
وأفاد المركز الدولي لتطوير زراعة الذرة والقمح في وقت سابق أن هذا العنصر الحي الذي يسجل سرعة كبيرة في تطوره الجيني، يصيب جذع سنبلة القمح. واسم المرض الفطري "أوغ 99" لأنه اكتشف في أوغندا عام 1999 وانتقل إلى كينيا وأثيويبا حيث انتشر في مجمل مناطق زراعة القمح ويمكن لرقعة انتشاره أن تتسع أكثر بحسب العلماء. وقال المركز إن الإنتاج العالمي من القمح قد ينخفص بنسبة 10 في المائة وهو ما يمثل 60 مليون طن في حال انتشار المرض في آسيا والأمريكيتين. وقالت روني كوفمان وهي عالمة وراثة من جامعة كورنل في نيويورك إنها مسألة وقت قبل أن ينتشر هذا الفطر في الشعير أيضا ويصل دول الجزيرة العربية وآسيا الجنوبية والأمريكيتين.
"الاقتصادية" سألت أمس رافي سين بالتفصيل عن الوباء، حيث أشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بدأت بتوزيع البذور المقاومة للخلايا الجرثومية الناقلة للموروثات، بيد أن التمويل المالي يقف عائقا أمام كثير من الجهود المتنوعة بهدف جمع دفاع معقول تجاه هذه الفطريات.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط بين رافي سين أن الجهود لا تزال مستمرة في ظل استمرار الموسم الزراعي، مشددا على أن أبرز تلك الجهود إجراء مسح مكثف على محاصيل القمح في اليمن ومصر علاوة على بلدان أخرى ينتظر أن يسجل فيها الوباء، ورجح أن تنجلي الصورة بشكل أوضح خلال شهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو) المقبلين.
وطالب الخبير بلدان الشرق الأوسط ـ الغنية منها ـ بتخصيص اعتمادات مالية لمساندة جهود مبادرة "قلوبل روست" التي تهدف إلى التعرف على بذور التحوير الوراثي التي تكون قادرة على التكيف مع مختلف البيئات لمحصول القمح علاوة على أن هذه البذور ستحل محل بذور القمح الحالية قبل وصول "أوغ 99" لهذه المناطق. معتبرا هذه الطريقة الوحيدة للتقليل من حدة الخسائر.
وحول كيفية زراعة بذور التحوير الوراثي قال الخبير إنها لا تختلف كثيرا عن البذور العادية باستثناء أنها تمتلك "مناعة" ضد "أوغ 99". حيث تحتوي على جينات مدمجة بها قادرة على أن تقمع الأساس الراسخ والمتنامي الناتج عن تولد هذا المرض ونشوئه، ومن ثم تطوره. في الوقت الذي لا تبقى على الدوام مقاومة لهذه الأمراض نظرا لأن مولد مرض الجرثومة يملك القدرة على الارتقاء وإنشاء سلالات جديدة مثل "أوغ 99". وقال إن سلسلة العمليات المتعلقة بالبحوث الخاصة يايجاد مصادر جديدة للتحوير الوراثي تملك في داخلها مقاومة مستمرة ومتواصلة، والتي تتميز ليس فقط بقدرتها على التأقلم والتكيف مع المناطق البيئية المحلية بل وقدرتها على حمل عناصر المقاومة لمواجهة سلالة الأمراض الجديدة.
وحول طريقة انتشار الوباء، قال الخبير إنه ينقل عن طريق الرياح من حقل إلى آخر ولمسافات طويلة، مبينا أنه من الطبيعي رؤية هذا الوباء ينتشر في وقت مبكر جدا. حيث باستطاعة الفطريات خلال فترة من أربعة إلى ستة أسابيع من اللحظة الأولى لمعاينة الإصابة بالمرض أن يدمر محصول بكامله عن طريق إصابة جميع سيقان نباتات القمح وهذا كفيل بأن يلحق الأذى بالنبتة وصولا إلى أوراقها.
وفي حالة السعودية التي ينمو فيها القمح خلال وقت معين (من أواخر ديسمبر إلى مايو) فإنه من المحتمل أن يتم ملاحظة العوارض الأولى لهذا المرض عندما تبدأ النبتة بالنمو والتفتح مع تجلي حشوة الذرة. وقال إنه حتى في حالة ملاحظة العوارض الأولى خلال نمو النبتة، فإنه بإمكان هذا المرض أن يتسارع بشكل تصاعدي بخلاف قدرته على تدمير محصول القمح نظرا للأحوال والأجواء البيئية المناسبة للمرض من خلال الرطوبة ودرجات الحرارة التي تميل إلى الدفء والاعتدال. وطالب بملاحظة العوارض الأولى عن استخدام التدخل الكيميائي وإلا فإنه لا يوجد جدوى من ذلك.
وشدد الخبير على أن بذور التحوير الوراثي ليست معدلة جينيا. فهذه البذور يتم إنتاجها عن طريق استخدام تقنيات النشوء التقليدية التي يتم إنتاجها بنفس طريقة الإنتاج العصرية. وقال إن الخلايا الجرثومية للقمح سلالة واسعة من الاختلافات مقارنة بمثيلاتها بالإضافة إلى تطور المقاومة مع مرور الوقت.

الأكثر قراءة