ماذا عن التسويق الزراعي؟
يزداد الطلب على المنتجات الزراعية بشقيها الحيواني والنباتي نتيجة لعدة عوامل من أهمها ارتفاع معدل النمو السكاني، وارتفاع معدلات الدخول، إضافة إلى تغير أذواق المستهلكين. وفي ظل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية فإن هذا الطلب سيؤمن إما من المنتجات الزراعية القادمة من الخارج وإما من المنتجات المحلية التي ستكون في وضع تنافسي. ونتيجة للنقلة النوعية في القطاع الزراعي وتوافر التقنية حدثت تطورات إيجابية في كفاءة المُنتج في هذا القطاع وتولدت معه الخبرات، وتوطنت التقنية في الشق الإنتاجي لدى العاملين في هذا القطاع، فيما كانت أقل في الشق التسويقي، وقد يرجع ذلك إلى سريان المفهوم التقليدي للتسويق لدى غالبية المنتجين العاملين في القطاع الزراعي الذي يعتمد أساساً على إنتاج السلع ثم القيام بالترويج والبيع، ورسم خططهم على أساس "طيب السوق ولا طيب البضاعة"، في حين أن المفهوم الحديث للتسويق أنه وظيفة شاملة مستمرة قبل إنتاج السلعة، وذلك بدراسة المستهلك الأخير من حيث احتياجاته، رغباته، عاداته، تقاليده، دوافعه، وقدرته الشرائية من حيث الجنس والمهنة والمنطقة الجغرافية التي يعيش فيها، وكذلك ظروف المنافسة وأشكالها في السوق، والموارد المالية والبشرية، والإدارية، وتقدير حجم المبيعات المرتقبة، ويتطلب ذلك توافر البيانات عن المستهلك، ورجال البيع، والوكلاء والوسطاء، والعاملين في المشروع، إضافة إلى البيانات المتوافرة في سجلات المنشأة تمهيداً لتحليلها واستخلاص النتائج منها ليتم إنتاج السلع بالجودة والكمية المناسبتين في المكان والوقت والسعر المناسب، وقد يرجع ذلك أيضا إلى ضعف مقومات هذا النوع من التسويق وخاصة منافذ التسويق (الأسواق المركزية لبيع الخضار والفواكه) التي مر عليها ما لا يقل عن ثلاثة عقود من الزمن وهي على وضعها الحالي ولم تتأثر إيجابياً بما تحقق في مجال الإنتاج الزراعي ودورها فقط يتمثل في توفير مكان البيع، وكذلك غياب المعلومة التسويقية، وعلى الرغم من وجود بعض الجهود المحدودة في قيام بعض شركات متخصصة في التسويق الزراعي أصبحت معروفة بالاسم إلا أن الاستثمار في مجال التسويق الزراعي لايزال خصبا بحاجة لقيام مؤسسات أو شركات تسويق زراعي متخصصة (محدودة أو مساهمة) تسهم في توفير المنتج الجيد من المنتجات النباتية والحيوانية تعمل كحلقة وصل بين المزارع والمستهلك فيما بعد الحصاد، وتسهم في توفير المعلومة للمزارع قبل البدء في الزراعة وقد تسهم مثل هذه الشركات باستكمال حلقات التعامل مع مخرجات القطاع الزراعي المحلي مثل التصنيع للمنتجات الزراعية ومخلفات المزرعة، إضافة إلى الدور المتوقع لمثل هذه الشركات في رفع مستوى التثقيف الغذائي لدى المستهلك الذي بدوره سيسهم في زيادة الطلب على هذه المخرجات، فهل ترى مثل هذه الكيانات النور؟ والتي بدورها قد تساعد في التغلب على مشاكل التسويق الزراعي.