متخصصة أغذية :انخفاض استهلاك الحليب يهدد الأطفال .. أين شركات الألبان ؟

متخصصة أغذية :انخفاض استهلاك الحليب يهدد الأطفال .. أين شركات الألبان ؟

يعتبر الحليب ومنتجاته من الأغذية ذات القيمة الغذائية العالية حيث إنه غني بالكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والفسفور والبوتاسيوم والزنك والريبوفلافين, والكالسيوم من أهم العناصر الغذائية التي يعتبر الحليب مصدرا جيدا له. كما يحتوى الحليب على الفسفور والمنجنيز اللذين يساعدان على استعمال الكالسيوم بالإضافة إلى ذلك يحتوى على سكر اللاكتوز الذي يزيد من نسبة امتصاص الكالسيوم. وترجع أهمية كالسيوم الحليب إلى دوره في بناء العظام وسلامة الأسنان لجميع المراحل العمرية ويؤدي نقص الكالسيوم إلى تخلخل العظام مما يجعلها هشة وسهلة الكسر وأن زيادة المتناول من الحليب يؤدي إلى زيادة ترسيب الكالسيوم في العظام الذي قد يؤدي بدوره إلى الوصول إلى ذروة الكثافة العظمية عند الفتيات في سن المراهقة وبالتالي يقلل من تعرضهن لهشاشة العظام بعد سن الثلاثين سنة.
وبالرغم من كل هذه الحقائق ورغم توافر الحليب ومشتقاته بأسعار رخيصة وفي متناول جميع أفراد المجتمع مقارنة بالقيمة الغذائية له إلا أن الدراسات الميدانية الحديثة أثبتت وللأسف انخفاضا في استهلاك الحليب في مجتمعاتنا العربية مقارنة بالمجتمعات الأخرى وفي بلدنا مقارنة بالدول الأخرى فنصيب الفرد السعودي من الحليب 36 لترا سنوياً فقط من الحليب الطازج مقارنة بالجزائر حيث بلغت 110 لترات سنوياً وفنلندا 144.8 وإسبانيا 115 لترا. وفي إحدى الدراسات على 600 طفلة سعودية أعمارهن 6 ـ 12 سنة في مدينة الرياض وجد أن متوسط الاستهلاك كان 1 ـ 3 مرات أسبوعيا وبكميات تقل عن كوب واحد. كما وجد أن الفتيات السعوديات في عمر المراهقة لا يتناولن الحليب بحجة الخوف من زيادة الوزن مع ارتفاع نسبة الإصابة بهشاشة العظام لديهن، ومع تزايد الانخفاض في استهلاك الحليب وارتفاع معدلات البدانة وهشاشة العظام وتسوس الأسنان, حيث بينت إحدى الدراسات أن 17% من الذكور و26% من الإناث السعوديين يعانين من البدانة. كما وجدت دراسة وزارة التربية والتعليم على 6200 طالب أعمارهم بين 6 ـ 8 سنوات أن نسبة زيادة الوزن والبدانة أقل عند الأطفال الذين يشربون الحليب. كما كان هناك ازدياد في تسوس الأسنان عند أطفال المدارس حيث ينتشر بنسبة 77% عند الأطفال الذين أعمارهم ست سنوات و41% عند الأطفال الذين أعمارهم تسع سنوات ويرتفع إلى 60% عند الأطفال الذين أعمارهم 12 سنة.
ولكن لماذا؟
إن المشكلة الأساسية تكمن في انخفاض استهلاك الحليب فنحن بحاجة لبرامج توعية غذائية تبدأ من البيت والمدرسة معاً. فالتثقيف الغذائي أحد البرامج المهمة في الخطط الوطنية الذي يجب أن يعزز لمكافحة هذه المشكلة وذلك لحاجتنا إلى برامج غذائية مدروسة لرفع الوعي الغذائي للأفراد وقد يتساءل البعض وماذا عن البرامج الغذائية السابقة فبرنامج الحليب المدرسي (فسحة الحليب) برنامج ناجح وحسب القائمين عليه فإن ثماره أتت أكلها!. ولكن هل أدى هذا البرنامج إلى تغير في السلوك والممارسات الغذائية للطلاب للأفضل؟ ولكن حسب الإحصائيات عن العزوف عن تناول الحليب نستخلص أن برنامج واحدا لا يكفي وأن القصور في البرامج يرجع إلى ضعف التخطيط لها وقلة الدعم المادي لها وضعف التنسيق بين الجهات ذات العلاقة إما للبيروقراطية في المعاملات الإدارية وإما لقلة الاهتمام من قبل المسؤولين بمثل هذه البرامج. كما أن هناك تعارضا بين المادة التثقيفية وبين الإعلان التجاري. كما أن الشركات تقوم بالدعاية الترويجية لمنتجاتها الأخرى على حساب الحليب حيث لا تشكل الدعاية للحليب الطازج نسبة 1% من المنتجات الأخرى مما يؤدي إلى تغير الاتجاهات والعادات الغذائية. كما يلاحظ ترويج وسائل الإعلام كالتلفزيون والصحف والنت لبعض الأبحاث التي لم تثبت صحتها أو مصداقيتها أو لبعض الأنظمة الغذائية مثل نظام الماكروبيتك الذي يدعو إلى عدم تناول الحليب. كما أن قلة الدعم من قبل الشركات ذات العلاقة للأبحاث والبرامج والجهات المسؤولة عن التثقيف الغذائي.
ما هو الحل؟
تلعب الأسرة دورا أساسيا للطفل فلا يقتصر الأمر على إشباع الرغبات العاطفية والمادية بل يتعدى ذلك إلى تعليم الممارسات والعادات الغذائية السليمة. لذا لابد من تكثيف الجهود وتثقيف الأم بالأضرار التي قد تصيب الطفل إذا لم يتناول الحليب والتركيز على الحليب الطازج وذلك للأطفال بعد الفطام وذلك لأن من الأخطاء التي تقع فيها الأمهات عدم تحضير الحليب بالطريقة الصحيحة مما يؤدي لتكرار إصابة الأطفال بالنزلات المعوية في العمر من 2 ـ 5 سنوات. وزارة التربية والتعليم تحتضن ربع سكان المملكة على الأقل فطلاب المدارس قناة مهمة لتطوير وتوصيل الممارسات الغذائية الجيدة فالطفل يختلط مع أقرانه ويحاكيهم إذا كنا نركز على توحيد الزى شكلاً, فمن الأولى أن نتضامن لنوحد الوجبة المدرسية فهذه الفئة الوصول إليه سهل وتتقبل التغير كما يوجد بها مهنيون يساعدون على تغير العادات والمفاهيم الصحية. كما أنه من السهل نقل الوعي من المدرسة للأسرة عن طريق الطالب أو اجتماعات أولياء الأمور.
منتجو الألبان هم المقصرون فشركات المشروبات الغازية والمشروبات غير المغذية كانت تسهم في تقديم العروض للمدارس ومازالت تقدم العروض المغرية للمحلات والأسواق وتقدم الدعاية لمنتجاتها بكل الصور, ولا نرى هذا من منتجي الألبان فأين الشركات من تقديم العروض الميسرة للمدارس والمحلات أين الشركات من الدعم المادي لبرامج التثقيف وأين دعم الأبحاث الغذائية و أين الدعاية للأغذية الصحية التي تنتجونها وأين دعم الجمعيات الغذائية وأين دعم المدارس؟ ولا يفوتني أن أذكر وسائل الإعلام بأن تهتم وتحرص على تغطية هذا الجانب الغذائي وإبرازه بالشكل المطلوب.

الأكثر قراءة