رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


"الـفُـقاعـات" في سوق الأسهم

مع الارتفاعات الكبيرة في سوق الأسهم خلال العامين السابقين يتحاشى الكثير من المحللين التحدث عن ما يسمى في أسواق المال "الفقاعة" Market Bubbles ولعل التحسن الواضح والكبير في مستوى الاقتصاد الكلي على مستوى المملكة أحد الأسباب التي تجعل الكثير يتجاهل التطرق إلى ظاهرة الفقاعة، وذلك أن الحديث عن مثل هذه الظاهرة يجعل المُتكلم كما يقال يسبح عكس التيار. ومع ذلك فإنه من الضروري التطرق إلى هذه الظاهرة ولو من الجانب التوعوي التثقيفي لعامة المستثمرين.
ولعل استقراء تجارب ومشاهدات أسواق المال الأمريكية في فترة التسعينيات توضح لنا جانبا من خصائص فترة الفقاعات Bubbles، ومن ثم مقارنة هذه الخصائص على ما يحدث في سوق الأسهم لدينا هنا في المملكة بوجه خاص أو في أسواق دول مجلس التعاون بشكل عام. ولعل أهم خصائص الفقاعات في سوق الأسهم هو ما يمكن تسميته بالنمو غير المُسيطر عليه ، ونقصد بذلك النمو السريع في سوق الأسهم بحيث يصعب على الجهات الرقابية مجاراته ومتابعته والسيطرة عليه. ومن الخصائص "الفقاعية" في سوق الأسهم الزيادة في الثقافة الاستثمارية غير المتوازنة في التقييم، أي التركيز على ثقافة استثمارية ذات طابع سطحي لا ترتبط بأساسيات التقييم المالي للاستثمار، وإن شئت فقل ثقافة المضاربة. فالتحليل المالي والاستثماري أصبح مهنة الكثير ممن كانوا في السابق.. وكأن التحليل المالي من المعارف العامة التي لا تحتاج إلى عمق ودراية. وكنتيجة حتمية لهذه الثقافة، فإنه من الصعب جداً مخالفة المضاربين في قراراتهم وتصرفاتهم نظراً لتغلب فكر المضاربة على فكر الاستثمار في السوق ككل.
لذا فإن هذه الثقافة غير المتوازنة تؤدي إلى خاصية "فُقاعية" أخرى وهي الافتراضات غير المنطقية بخصوص استمرار الدخل والأرباح. وهذا يتنافى مع المعطيات الأساسية للاقتصاد والمحاسبة، والتي تؤكد على أن دخل المنشآت ذو طابع متغير لا يمكن تكراره . كما أن هذه الخاصية تٌهمل ما يعرف في المحاسبة "جودة الأرباح Earnings Quality " فالمستثمرون أو قل المضاربون يتبنون توقعات غير منطقية للشركات وللسوق. ومن هنا فإن المستثمرين أو المتعاملين يغفلون عن تحليل نوعية وطبيعة الأرباح لدى المنشأة، والسبب طبعاً عدم اهتمام السوق بشكل عام بنوعية الأرباح لقلة التحليل المنطقي القائم على المعلومات المالية. ولا شك أن هذه الخاصية تؤدي في النهاية إلى إهمال التحليل الأساسي للقوائم المالية والتركيز على التحليلات الفنية غير المنطقية.
ومن الخصائص التي تظهر في فترات الفقاعات ظهور بعض المصطلحات الغامضة ذات الطابع الضبابي، والتي لا يمكن تحديد معنى دقيق واضح لها. فالكثير منا يقول بأننا نعيش وقت "الطفرة" الثانية، والبعض يتحدث عن عصر "الاقتصاد الجديد"، والآخر يؤكد أننا في زمن " The New Tech. " وغيرها من الألفاظ والمصطلحات .
وأخيرا، يبقى أن نقول إن سرد هذه الخصائص ليس من قبيل التشاؤم أو التنظير المجرد، وإنما نقصد بها الترشيد في القرار وعدم المبالغة في التسعير . فالمكاسب الضخمة التي حققها الكثير من المضاربين لم تأت إلا على حساب فئة أخرى . كما أن الخصائص السابقة ليست مجرد كلام إنشائي، بل تم استنباطها من الأسواق الغربية خلال ما يعرف "بفقاعات" سوق الأسهم . لذا فإن السؤال المنطقي هو: هل نحن فعلاً في فترة "فقاعة"؟ إن الجواب الصحيح ليس في "نعم" أو "لا"، وإنما في التعليل لأي منهما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي