رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


منتدى الرياض الاقتصادي ومناطق الصناعات التقنية.. أيعيد التاريخ نفسه؟

يتناول منتدى الرياض الاقتصادي عبر محور ''مناطق الصناعات التقنية''، تحديد السياسات المطلوبة لضمان نجاح تجربة إنشاء مناطق صناعات تقنية ناجحة في المملكة.
منطقة الصناعات التقنية ICT technical cluster هي تمركز مجموعة من الشركات والمؤسسات والهيئات في موقع جغرافي لتكوين شبكة من العلاقات الصناعية التقنية المتنوعة الهادفة إلى إنتاج مجموعة من الصناعات التقنية المترابطة يمكن للاقتصاد الوطني من خلالها تحقيق ميزة تنافسية competitive advantage تحظى خريطة العالم الاقتصادية بعدد ليس بالقليل من مناطق الصناعات التقنية الناجحة كصناعة البرمجيات في مدينة بانجالور الهندية، وصناعة تقنية المعلومات في مدينة نوكيا الفنلندية.
يمر اقتصاد الدولة المالكة لمنطقة الصناعات التقنية لتحقيق الميزة التنافسية بأربع مراحل أساسية. تعكس كل مرحلة المصادر التي تستمد منها منطقة الصناعات التقنية ميزتها التنافسية، والدور الذي يؤديه القطاعان العام والخاص في عملية البناء الاستراتيجي في كل مرحلة. المرحلة الأولى تعرف بمرحلة عوامل الإنتاج factor-
driven stage تسود الدولة مناطق صناعات تقنية ناجحة وقادرة على المنافسة العالمية بسبب توافر عوامل الإنتاج الأساسية، كالمعرفة والموارد الطبيعية. هذه العوامل تحدد نوع الصناعات التقنية التي يمكن أن ينافس الاقتصاد بها على المستوى العالمي. المنافسة في هذه المرحلة تعتمد على المنافسة السعرية واستخدام مستويات متوسطة من التقنية المستقدمة في الغالب من دول متقدمة.
تواجه منطقة الصناعات التقنية في هذه المرحلة تحدي الاحتفاظ بالميزة التنافسية، وذلك لأن الاقتصاد يكون شديد الحساسية لتقلبات الاقتصاد العالمي وأسعار الصرف الأجنبي. ورغم قدرة الاقتصاد على زيادة التدفقات النقدية، إلا أنه يمثل أساسا ضعيفا للغاية لتحقيق التنمية المستدامة.
المرحلة الثانية تعرف بمرحلة الاستثمار investment-driven stage يتجه الاقتصاد نحو الاعتماد على الاستثمار في مجالات تشييد البنية التحتية والعمليات الإنتاجية وحقوق تصنيع المنتجات الأجنبية. كما يتم تطوير عوامل الإنتاج، وإنشاء المزيد من البنية الأساسية المتطورة، وتنمية الموارد البشرية، وفتح عدد من الأسواق العالمية. وتقوم المنافسة المحلية على أساس خفض التكاليف، ورفع جودة المنتجات، واستحداث منتجات جديدة. تعد أنجح الصناعات التقنية في هذه المرحلة تلك التي تتمتع بارتفاع الطلب المحلي عليها. يتركز دور القطاع العام في هذه المرحلة على التدخل المباشر من خلال التوزيع الأمثل للرساميل، وحماية الصناعة المحلية، ودعم الصادرات، ومساعدة الشركات في الحصول على التقنية اللازمة.
المرحلة الثالثة تعرف بمرحلة الابتكار innovation-driven
stage حيث تنتقل مكونات منطقة الصناعات التقنية من مرحلة نقل وتطوير التقنية إلى مرحلة إنشاء وابتكار تقنية جديدة. تتميز هذه المرحلة بتطور الخدمات الدولية كانعكاس لتطور الميزة التنافسية للمنطقة التقنية. ففي مرحلتي عوامل الإنتاج والاستثمار، يقتصر تقديم الخدمات على تلك التي تعتمد على تكلفة العمالة، مثل الشحن وبعض خدمات البناء والتشييد. بينما في هذه المرحلة، تقوم الشركات بتقديم خدمات أكثر تعقيداَ، مثل التسويق واختبارات الجودة. في هذه المرحلة أيضا تكتسب منطقة الصناعات التقنية المرونة التي تمكنها من الانفتاح على العالم الخارجي، وتكوين مناطق صناعات تقنية في دول أخرى، ومواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي. يقتصر دور القطاع العام على التركيز على الأساليب غير المباشرة لتوجيه الاقتصاد، مثل تحفيز عملية إيجاد عناصر إنتاج متطورة، وتشجيع إقامة شركات أعمال جديدة.
المرحلة الرابعة تعرف بمرحلة الثروة wealth-driven stage، حيث يعتمد الاقتصاد على الثروة التي تم تحقيقها في المراحل السابقة وإعادة توزيع الدخل بدلا من توليده. تمثل المراحل الثلاث الأولى تطورا في الميزة التنافسية وتكون مصحوبة بارتفاع متزايد في مستوى الرفاهية الاقتصادية، بينما تمثل المرحلة الأخيرة نوعاَ من التدهور في الميزة التنافسية.
وذلك لأن الاقتصاد يركز اهتمامه على الحفاظ على الوضع الحالي بدلاَ من تطويره، وبالتالي ينخفض تشجيع الاستثمار وتزداد قدرة شركات المنطقة التقنية الكبيرة على التأثير في سياسات الاقتصاد العامة لصالحها.
يعتبر شيوع عمليات الاندماج بين شركات منطقة الصناعات التقنية من أهم علامات دخول الاقتصاد في هذه المرحلة، فالشركات التي تحقق فائضا نقديا يزيد على حاجتها تسعى للنمو، ولكن دون المغامرة في الدخول في أعمال جديدة. كما تسعى الشركات أيضا إلى تقليل حدة المنافسة ودعم الاستقرار في الأسواق العالمية.
الطفرة النفطية الثانية التي نشهد بداياتها الآن تختلف، كما هو معلوم، عن الطفرة الأولى من ناحية مسببات ارتفاع أسعار النفط، ودور القطاعين العام والخاص في تحفيز النمو الاقتصادي، وتنوع قنوات توزيع الثروة، والقدرة التنظيمية لإدارة العوائد المرتفعة للنفط.
ويعد منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الثانية التكتل الاقتصادي المحلي الأول بعد الإعلان الرسمي عن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وتسجيل اسم المملكة في الخانة رقم 149 من سجل الدول الأعضاء في المنظمة.
وعلى الرغم من أن الوقت تأخر كثيراً لاستحداث مناطق صناعات تقنية، إلا أن الأيام المقبلة ستفرض ظهور مثل هذه المناطق. ولعل قرار وزير التجارة والصناعة رقم 1240 وتاريخ 1/8/1426هـ والقاضي بالترخيص لتأسيس شركة الاستثمارات التقنية، شركة مساهمة سعودية مقفلة، برأسمال قدره 600 مليون ريال، يعد باكورة إنشاء منطقة صناعات تقنية، فالقرار يأتي إبان الطفرة النفطية الثانية. وهو يعيد ذكرى قرار تأسيس ''سابك'' عام 1396هـ إبان الطفرة النفطية الأولى.
فهل يعيد التاريخ نفسه ونشاهد منطقة صناعات تقنية أخرى شبيهة بمنطقة الصناعات البتروكيماوية لتشكل مجتمعة دعائم للميزة التنافسية لاقتصادنا الوطني على المدى البعيد؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي