الاعتماد على 10 افتراضات لتوفير 6 ملايين برميل إضافية يوميا
رغم تكاثر الأحاديث عن الوصول إلى الذروة فيما يتعلق بالاحتياطيات النفطية، إلا أن مجموعة كيمبردج لأبحاث الطاقة التي يديرها الباحث دانييل يرجن مؤلف كتاب "الجائزة" تتبنى نظرة متفائلة وأن العالم يمكنه الاعتماد على تدفق ما بين ستة ملايين و7.5 مليون برميل نفط يوميا في شكل طاقة إضافية جديدة، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على حدوث فترة طويلة من الأسعار المنخفضة نسبيا ربما تبدأ مع عام 2007، حيث توجد مؤشرات على تصاعد العرض وتجاوزه الطلب في السنوات الخمس التالية.
الدراسة التي قدمتها المجموعة حفلت بمعلومات غطت 20 ـ 30 مشروعا جديدا حول العالم وستضيف إمدادات جديدة للمستهلكين حتى عام 2010. وقتها ستزيد الطاقة الإنتاجية العالمية 16 مليون برميل، لكن معظمها سيكون عبر التوسع في المشاريع للحقول القائمة أكثر منها من حقول جديدة. كما تشير الدراسة إلى أنه وبعد نهاية العقد الأول من هذا القرن، فإن معظم الإنتاج الجديد سيأتي من الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك".
والمجموعة لا تؤمن بنظرية بلوغ الذروة للعصر النفطي على الأقل حتى عام 2010 وربما حتى عام 2020 كذلك، والتقرير يضع مرحلة الخطر في وقت ما بين 2030 و2040. وبدلا من الذروة ستكون هناك هضبة، حيث يستقر عندها المعدل الإنتاجي لبضعة عقود. "أوبك" ستكون قادرة على إضافة زيادات جديدة في حدود 8.8 مليون برميل يوميا بحلول 2010 وتستمر الزيادة بصورة أبطأ بعد ذلك. أما المنتجون من خارج المنظمة فسيزيد إنتاجهم بصورة ملحوظة خلال هذه الفترة وبعدها سيتباطأ حجم الزيادة بسرعة. كما سيزيد الإنتاج النفطي غير التقليدي ويشكل 35 في المائة من إجمالي الإمدادات النفطية بحلول عام 2020.
لكن يرجن يرى أن الخطورة الرئيسية ستكون فوق الأرض وليس تحتها. فالتغييرات في الأوضاع السياسية والأمنية وفي بيئة العمل قد تؤخر عمليات التوسعة، وهذا يعني من ناحية أخرى وجود مجموعة من الافتراضات تتعلق بالقدرة على إيجاد النفط واستخراجه ونقله وتكريره وتوزيعه للمستهلكين عبر الشبكة المتكاملة من فوهة البئر إلى محطة تزويد الوقود.
وهناك قائمة طويلة من الافتراضات على رأسها الوضع في العراق. فالعراق يمكن أن يلعب دورا أساسيا باحتياطيه الذي يراوح بين 46 مليارا و112 مليار برميل مع إضافة 100 مليار برميل أخرى كاحتمال. فإذا استقر الوضعان السياسي والأمني فإن ذلك يتيح الفرصة لإصلاح مختلف مرافق الصناعة النفطية التي عانت كثيرا خلال العقدين الماضيين، كما يتم البدء في برامج لتوسعة الطاقة الإنتاجية مما يجعل من الإمدادات العراقية قريبة لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة. أما إذا انتهى الوضع السياسي إلى صيغة مشابهة لما يجري في إيران، فإن إسهام العراق في زيادة الطاقة الإنتاجية لـ "أوبك" ستكون محدودة.
الافتراض الثاني يتعلق بالاستقرارين السياسي والعمالي، فأي افتراض أو تحليل متفائل للوضع الإنتاجي ينبغي أن يقوم على أساس وجود استقرار سياسي وعمالي في منطقة الشرق الأوسط، غرب إفريقيا، أمريكا الجنوبية وبحر قزوين. وكما أثبتت الأحداث فهذه المناطق معرضة للاشتعال, وبالتالي يظل احتمال تعطيل الإمدادات النفطية قائما. وحتى عام 2004 كان أي تعطيل للإمدادات من أي إقليم يمكن التعويض عنه، لكن مع اضمحلال الطاقة الإنتاجية الفائضة، فإن فرص التعويض تصبح ضعيفة وبالتالي تظل إمكانية نقص الإمدادات مطروحة.
الافتراض الثالث يقوم على احتمال قيام بعض الإرهابيين بتعطيل خطوط الإمداد. فالعراق مثلا أصبح ملعبا لهؤلاء وبين يوم وآخر يتم تخريب أنبوب نفط أو الهجوم على مرفق. منطقة بحر قزوين المغلقة التي تحتاج إلى نقل نفطها عبر خطوط أنابيب تمر لمسافات طويلة عبر دول أخرى يمكن أن تصبح هدفا مماثلا لهؤلاء الإرهابيين. وهذا التهديد لا يقتصر فقط على الدول المنتجة في الشرق الأوسط وغيرها وإنما حتى على الدول المستهلكة.
الافتراض الرابع يقوم على أساس التأكد من صدقية أن الأرقام التي تنشرها "أوبك" عن احتياطاتها المؤكدة إنها كذلك. فهناك شعور بحدوث تضخيم للأرقام منذ عام 1980 عندما بدأت "أوبك" في العمل بنظام السقف وبعدها الحصص الإنتاجية لكل دولة. فالاحتياطي أحد العوامل المعتمدة لتقرير حصة كل دولة. كما أن تعبير "مؤكد" يبدو أنه يحتاج إلى إعادة تعريف. فالزيادة في الأسعار جعلت من الممكن زيادة الإنفاق على عمليات الاستكشاف ونقل بعض الاحتياطيات من خانة محتمل إلى مرتبة مؤكد، لا لأن نفطا جديدا تم اكتشافه.
الافتراض الخامس أنه لن تكون هناك زيادة كبيرة في نسبة تراجع الاحتياطيات. فهناك فقط أربعة حقول ضخمة جدا تم اكتشافها خارج منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1960 وتقع في الصين، روسيا، المكسيك وألاسكا. وكل هذه الحقول تعيش حالة من التقهقر تقريبا، كما أن الإنتاج النفطي عموما في حالة تراجع في 33 من أكبر 48 دولة كبرى منتجة، واستخدام التقنيات المحسنة يزيد من نسبة الانحدار في القدرات الإنتاجية, كما أن الاكتشافات الجديدة صغيرة الحجم ونسبة تراجعها أكبر، وهي تقدر حاليا بنحو 8 في المائة سنويا.
الافتراض السادس أن يتم العمل في كل الاحتياطيات والبدء في استغلالها حسب الجداول الموضوعة, وذلك حتى تتواءم مع توقعات الوكالة الدولية للطاقة وأن يتزامن ذلك مع نمو معقول للطلب وحدوث طاقة إنتاجية إضافية.
الافتراض السابع أن تستمر الطاقة الإنتاجية في منطقة الشرق الأوسط في النمو لتبلغ 29 مليون برميل في 2010 و43 مليونا في 2020, رغم أن هذه الأهداف تعتبر طموحة وقليلون يعتقدون أن "أوبك" لديها القدرة أو الرغبة في إنتاج 43 مليونا عام 2020. ففي العراق يهدد الإرهابيون مشاريع الإصلاح والتوسعة، مع ملاحظة أن إيجاد طاقة إضافية ربما لا يكون في الصالح، إذ تعتبر عاملا مساعدا على تدهور الأسعار. فالضغوط الديمجرافية ودولة الرفاه القائمة تتطلب إنفاقا أكبر وتدفع بالتالي في اتجاه إبقاء الأسعار عالية من خلال إنتاج كميات قليلة.
الافتراض الثامن أن تكون الطاقة المستخلصة من عمليات التنقيب والاستخراج والتكرير والنقل متجاوزة لما يتم استهلاكه فعلا من قبل هذه المناشط، وهناك مؤشر أن تكون النسبة تتجاوز (1)، فإذا استقرت عند ذلك المعدل أو قلت عنه، فإن القيام بنشاطات يعني إضعافا للمخزون من الطاقة. والاتجاه العام لهذا المؤشر هو التراجع. ففي عام 1950 بلغ المؤشر 100:1 وتراجع إلى 30:1 في عام 1970 وبلغ هذا العام 10:1 وكلما كان الاتجاه نحو مناطق نائية وعميقة حدث تراجع أكبر في المؤشر. والحقيقة أنه رغم وجود النفط، إلا أن ذلك لا يعني استخراجه تلقائيا. فلكل بئر تكلفتها من المال والطاقة. وفي بعض الأحيان قد يهبط المؤشر إلى ما دون (1) ويصبح بالتالي استخراج النفط من تلك البئر أمرا غير فعال.
الافتراض التاسع يقوم على وجود بنية أساسية يمكن أن تستوعب هذا التوسع. لكن بما أن الصناعة معرضة إلى دورات صعود وهبوط، فإن الاستثمارات في إنتاج الطاقة لم يحافظ على خطى متناسقة مع الطلب المتوقع وهو ما أدى إلى اضمحلال الطاقة الإنتاجية. فحتى مع وجود احتياطيات مؤكدة فربما لا يمكن تطويرها في الوقت الملائم لمقابلة الطلب، إذ ليست هناك حفارات كافية ولا مهندسون أو طاقة تكريرية وهي مشكلة مزمنة تحتاج إلى وقت طويل لحلها.
والافتراض العاشر توافر رساميل كافية للقيام بهذه الاستثمارات التي تحتاج إليها كل عناصر الشبكة من فوهة البئر إلى محطة الوقود التي تزود المستهلك باحتياجاته.