هل تتحول بسيطا الزراعية إلى منتجع سياحي جذاب؟
تطرقت في مقال سابق نشرته "الاقتصادية" إلى مقترح لإنشاء هيئة ملكية لبسيطا الزراعية . يكون دورها تهيئة الظروف والخدمات اللازمة لدعم التنمية الزراعية هناك . وكنا هناك نشير إلى الخدمات العامة مثل الطرق والكهرباء والاتصالات والمجمعات السكنية ومايتبعها من متطلبات لساكني هذه المجمعات. إضافة إلى الخدمات التسويقية مثل مراكز التجميع والتجهيز والتعبئة والإعداد للشحن للأسواق المحلية والخارجية. وقد يتبع ذلك بورصة محلية أو عالمية للمحاصيل الزراعية.
وهنا نود لفت الانتظار إلى الدور السياحي المرتقب لمنطقة بسيطا الزراعية، والتي تضم مشاريع ستكون عامل استقطاب للسياح من داخل المملكة وخارجها مواطنين وأجانب. فعلى مستوى المواطنين فإن العديد من العوائل تشد الرحال إلى بلاد الشام سنوياً لكي تستمتع بما حباها الله به من مناخ معتدل لا يختلف كثيراً عن مناخ (بسيطا) نظراً لقربها منها ، حيث تقع (بسيطا) على حدود منطقة الشام . أما البساتين والفواكه فإن السياح سيظلون طوال فصل الصيف يتنقلون بين مختلف أنواع البساتين . فالتفاح والخوخ والمشمش والبرقوق والتين والكمثرى وغيرها من الفواكه التي تستحق العناية بها . وفي الخريف يأتي موسم الزيتون ومعاصر الزيتون التي سيسعد زوار المنطقة بأخذ احتياجاتهم منها وإهداء الأقرباء والأحبة منها ولا شك. إضافة إلى إمكانية ترتيب شحن هذه الكميات بواسطة جهات مختصة تتبع لهيئة السياحة أو الهيئة المقترحة لكي تصل مع موعد مغادرة هؤلاء الزوار.
إن الحاجة إلى مثل هذا الطرح قد أصبحت ملحة. خاصة في ظل الظروف والتغيرات السياسية التي مر ويمر بها العالم والتي جعلت السائح السعودي أو الخليجي يتردد كثيراً قبل اتخاذ القرار بالسفر لأي من الدول العربية أو الأجنبية. ومما جعله يبحث كل عام عن مكان جديد لم يتأثر بهذه الظروف لكي يقضي إجازته فيه. ولن يجد السائح أنسب ولا أكثر أمناً وأماناً من ربوع المملكة الحبيبة. خاصة أن معظمهم قد يستغل فرصة قدومه إلى المملكة لأداء العمرة .
كما إن السياحة المنتظرة في منطقة بسيطا لن تكون عائلية فقط وإنما سيتجه إليها فئات مختلفة من زوار المملكة لكونها شاهدا على النهضة الزراعية التي ستلفت أنظار العديد من المسؤولين والأجانب الذين يزورون المملكة إضافة إلى المقيمين الذين سيفاجأون بما سيرون هناك والذي لم يكونوا يتوقعون رؤيته رغم إقامتهم لسنوات في المملكة.
إن هذا المشروع رغم ماسيمثله من دخل قومي فإنه سيوفر مبالغ طائلة كانت تذهب في السفر والإقامة في دول لا تتميز كثيراً عما في (بسيطا) بعد تطويرها.
إن الأمر يتطلب تجهيز مدينة سياحية تضم فندقا سياحيا ومجموعة من الفلل والاستراحات التي يتم تنظيمها وتوزيعها وسط بساتين الفواكه والزيتون مع تجهيز عدد من المتنزهات والمسطحات الخضراء ومدينة للملاهي والتسلية إضافة إلى منشأة رياضية يتم فيها تنظيم بعض الأنشطة والمسابقات الرياضية وأندية صحية وحمامات سباحة تكمل خدمات المنتجع. كما يمكن تجهيز غابة مفتوحة للحيوانات تكون فريدة من نوعها في المنطقة وتكون مقصداً للزائرين. مع إمكانية تجهيز قرية زراعية تقليدية تظهر النقلة الحضارية التي مرت بها المنطقة.
ونظراً لكون التسوق هدفاً من ضمن الأهداف التي يسافر السياح من أجلها فإنه يمكن إعداد صالات تسوق ومركز للمعارض يتم فيها إعداد مهرجانات تسوق محلية وعالمية يدعى إليها العديد من الشركات المنتجة لجميع السلع من مختلف الدول ومختلف المستويات مع إعطاء بعض الحوافز للعارضين كإعفائهم من الجمارك مثلاً .
إن تنفيذ مثل هذا المشروع العملاق لن يقع على عاتق الدولة فقط . بل إن القطاع الخاص سيكون له دور أساسي في تنفيذ هذه المشاريع السياحية. فما على الدولة إلا أن تعد الدراسات اللازمة والمخططات التفصيلية ثم تجهز البنية الأساسية والخدمات اللازمة. ثم بعد ذلك تطرحه على الشركات الاستثمارية المحلية والعالمية. مع الحرص على توفير عناصر الجذب التي ستشجع على الاستثمار هناك. البديل الآخر أن تفتح مساهمة عامة برأس مال يناسب حجم الاستثمارات المطلوبة للمشروع.
مستثمر زراعي