إعادة النظر في المعايير الرقابية وفحص آثار الأزمة المالية العالمية
أقر اجتماع رؤساء هيئات ودواوين المحاسبة في دول التعاون الخليجي استراتيجية خليجية لمكافحة الفساد بحيث تكون قابلة للتطبيق في دول المجلس وتساند الحكومات في مكافحة الفساد وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الرقابة على المال العام، وكذلك دعم دواوين المحاسبة في دول المجلس لمنظمات النزاهة والشفافية والارتقاء بوظيفة الرقابة المالية لتحقيق التكامل مع وظيفة تلك المنظمات في مكافحة الفساد، كما تضمنت الاستراتيجية في مشروعها عدة قيم تلتزم بها دواوين المحاسبة تتمثل في الأمانة في تحمل المسؤولية وأداء الواجب، وكذلك الشفافية في جميع إجراءات العمل، والتعاون مع جميع الأطراف لتحقيق الأهداف المشتركة، والالتزام الإيجابي بتحقيق القدوة الحسنة والمثال النموذجي للمؤسسات الأخرى، والاستقلالية والحياد في التخطيط والتنفيذ وإبداء الرأي بكل نزاهة وشفافية. وتضمن مشروع الاستراتيجية عدة مقومات ترتكز عليها مكافحة الفساد، إضافة إلى أربعة أهداف رئيسية تتفرع إلى عدة أهداف فرعية، وتتمثل هذه الأهداف في صيانة حرمة المال العام، والارتقاء بالوظيفة العامة كواجب وطني، وتعزيز جهود المنظمات الوطنية للنزاهة والشفافية في مجال مكافحة الفساد، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في مكافحة الفساد، كما تضمّن مشروع الاستراتيجية عدة عناصر لمنع الفساد ومكافحته. وأكد عقل بن مناور الضميري مدير إدارة شؤون دواوين في الأمانة العامة ممثل الأمين العام، أهمية الحرص على استقلال الدواوين التام في دول المجلس عن كل ما يحد من ممارستها لاختصاصها والمهام الموكلة إليها بموجب الدساتير والنظم الأساسية وقوانين إنشائها، وأن تسعى بشكل فاعل للاستثمار في القوى العاملة، سواء باستقطاب أفضل الخبرات المتاحة من أبناء الوطن، والعمل على رفع مهارات وقدرات العاملين في الدواوين بالتدريب والتأهيل المستمرين وأن تُسخر لذلك كل الإمكانات اللازمة.
وبدا في الدوحة أمس اجتماع رؤساء الدواوين في دول التعاون، وفي كلمته الافتتاحية، قال صلاح بن غانم العلي رئيس ديوان المحاسبة في قطر ورئيس الاجتماع، إن الاجتماع السابع لرؤساء دواوين المراقبة والمحاسبة في دول مجلس التعاون ينعقد في دورته الحالية في ظل التحديات الصعبة التي فرضتها الأزمة المالية العالمية، التي أصابت جميع الأطراف، وأبرزت مدى التداخل والتشابك في العلاقات المالية والاقتصادية بين دول العالم، وفرضت على جميع القطاعات أن يتنبّهوا إلى أداورهم في هذه الأزمة، والآثار التي جرّتها عليهم، والإجراءات التي يقتضي اتخاذها لمواجهة تلك الآثار. وأضاف أنه بالنسبة لنا كدواوين للمحاسبة والرقابة المالية في دول مجلس التعاون، لا يمكن اعتبار أنفسنا غير معنيين بهذه الأزمة، فنحن بحكم اختصاصنا بالرقابة على المال العام، معنيّون مباشرة بفحص آثار هذه الأزمة على هذا المال، بما يتضمنه من استثمارات محلية وخارجية، والانعكاسات التي أصابت مصادر الدخل الرئيسة في دولنا، وما يترتب على هذه الانعكاسات من تأثيرات أساسية على الموازنات العامة، وعلى المشاريع الرئيسة، وما يقتضيه ذلك من ضرورة إعادة النظر في السياسة المالية والاقتصادية في دولنا، وكذلك إعادة النظر في المعايير الرقابية التي تنتهجها أجهزتنا، واستفادة من دروس هذه الأزمة، وتحوّطاً لما قد يقع في المستقبل من أزمات أخرى مشابهة، مشيدا بانتظام الاجتماعات الدورية لرؤساء دواوين المحاسبة والرقابة المالية في دول مجلس التعاون.
وقال: إنّها لسنّةٌ حميدةٌ أن يتجدّد هذا اللقاءُ سنويا، نتداول فيه أبرز ما يواجه دواويننا من تحدّيات، ونناقش مختلف الوسائل لتطوير أجهزتنا الرقابية، والارتقاء بمهنة التدقيق والعاملين فيها، ونعزّز التعاون المشترك بين مؤسساتنا لتحقيق رسالة الرقابة المالية في دول مجلس التعاون.
وأوضح العلي أن التحدّيات التي تواجه الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، لا تترك لنا خياراً إلا التعاون بيننا في جميع المجالات، وخاصة في التدريب وتأهيل الموارد البشرية، وتطوير أساليب الرقابة وتحديث معاييرها، والتعاون في مجال البحوث والدراسات العلمية، وتعزيز الاستفادة من تقنيات الحاسوب ونظم المعلومات، وتبادل الخبرات المهنية والزيارات الميدانية، والتنسيق في تنظيم علاقاتنا مع المنظمات المهنية العالمية والإقليمية.
من جهته، قال عقل بن مناور الضميري مدير إدارة شؤون دواوين المحاسبة والرقابة المالية في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، إنه في العام السابق وبعد الاجتماع السادس لرؤساء دواوين المراقبة والمحاسبة والذي اتخذ عدداً من التوصيات والقرارات سعت الأمانة العامة بحرص كبير لإنجازها وفقاً لتوجيهاتكم ورغبتكم في تحقيقها على أكمل وجه، وقد كان لمتابعة أسامة بن جعفر فقيه رئيس ديوان المراقبة العامة في السعودية ورئيس الدورة السابقة أكبر الأثر في النتائج التي تم التوصل إليها.
وقال الضميري إن معظم دول العالم تمر هذه الأيام بأزمة مالية كبيرة ولا أحد يستطيع الجزم بموعد لنهايتها أو يملك خطوات محددة توقفها عن التصاعد والتمدد لمجالات أخرى تتأثر بها سلباً من ركود بالإنتاج أو بطالة أو أزمات لا نعلمها، ولكن عدم اليقين بالنجاح والتغلب عليها في وقت محدد لا يعني عدم مواجهتها بالجدية اللازمة أو أن تبقى مجتمعاتنا منتظرة لحلول قد يضعها الآخرون وفقاً لظروفهم ومدى تأثرهم بالأزمة، وفي هذا الشأن ليس خافياً على أحد الدور الذي تقوم به الدواوين لحماية المال العام، كما لا نشك بالقدرات المتوافرة لدى دواوين المراقبة والمحاسبة، سواء بإمكاناتها البشرية والفنية أو السلطات والاختصاصات القانونية التي تخولها، لأن تلعب مع الأجهزة الرسمية ذات العلاقة دوراً حيوياً يجنب مكتسباتنا الوطنية الآثار السلبية لما يحدث في الأسواق العالمية أو يحد من تلك الآثار على أقل تقدير، وفي كل الأحوال يجب على جميع الأجهزة المسؤولة عن المال العام بما فيها الدواوين استخلاص العبر والدروس مما جرى، أسبابه، والبيئة التي أسهمت في تأخير اكتشاف ذلك الانحراف.
يحضر الاجتماع الذي يختتم أشغاله اليوم وفود من دواوين المحاسبة من جميع دول مجلس التعاون، يرأسها أسامة بن جعفر الفقيه رئيس ديوان المراقبة العامة في السعودية، عبد العزيز سليمان الرومي وكيل ديوان المحاسبة في الكويت، حارب بن سعيد العميمي رئيس ديوان المحاسبة في الإمارات، حسن خليفة الجلاهمة رئيس ديوان الرقابة المالية في البحرين، عبد الله بن حمد بن سعيد البوسعيدي رئيس جهاز الرقابة المالية للدولة في عُمان، إضافة إلى وفد ديوان المحاسبة القطري برئاسة مبارك علي المطوي المهندي، كما يحضر هذا الاجتماع وفد من الأمانة العامة لمجلس التعاون برئاسة عقل مناور الضميري، مدير إدارة شؤون دواوين المحاسبة والرقابة المالية بالأمانة العامة للمجلس.