هيئة المحاسبة الإسلامية تعدل معاييرها المحاسبية لتواكب التقلبات العالمية

هيئة المحاسبة الإسلامية تعدل معاييرها المحاسبية لتواكب التقلبات العالمية

أجرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الأسبوع الماضي تعديلا على أحد معاييرها المحاسبية حول الاستثمار في خطوة لمسايرة التقلبات التي تمر بها أسواق المال العالمية. وتهدف الهيئة من ذلك إلى وضع صناعة التمويل الإسلامي الدولية في موقف أقوى يؤهلها للتعامل مع البيئة المالية العالمية الحالية، في خطوة وصفت بأنها تضع محاسبة الاستثمارات في البنوك الإسلامية على قدم المساواة مع البنوك التقليدية.
ويختص هذا التعديل بالمعالجة المحاسبية للخسائر غير المتحققة نتيجة إعادة تقييم الموجودات بحسب قيمتها العادلة ضمن المحافظ الاستثمارية الجاهزة للبيع لدى المؤسسات المالية الإسلامية في الصكوك والأسهم.
ويقضي التعديل أن تقيَّد الخسائر غير المتحققة في البيان المالي للمؤسسة تحت بند احتياطي القيمة العادلة للاستثمار، بصرف النظر عن الرصيد المتبقي لهذا الاحتياطي.
ويأتي هذا القرار في أعقاب الهبوط الذي حدث في الفترة الأخيرة في أسعار الصكوك والأسهم في المنطقة وعلى الساحة العالمية، حتى الآن كان يتعين على المؤسسات المالية الإسلامية التي توجد لديها محافظ استثمارية جاهزة للبيع وتقوم بالإبلاغ بموجب معايير هيئة المراجعة والمحاسبة، كان يتعين عليها أن تبين مقدار الهبوط في القيمة من خلال بيان الدخل.
ولتفسير هذه التعديلات المحاسبية لقرائها، تحدثت "الاقتصادية" مع أحد كبار خبراء الصيرفة الإسلامية لدى "موديز". وهنا بيّن أنور حسون,نائب الرئيس وموظف ائتمان أول لدى موديز بأن هذا التعديل يتلخص في أن أية حركة في" المحافظ الاستثمارية للبنوك الإسلامية التي تُقيَّد في الدفاتر على أنها متاحة للبيع، أي أنها مقيدة بحسب قيمتها السوقية (بما ينسجم مع محاسبة القيمة العادلة)، يُمكن امتصاص هذه المحافظ من خلال حقوق الملكية (الأسهم)، دون المرور ببيان الدخل (الأرباح والخسائر)، ما لم يكن هناك ضرر دائم (وفي هذه الحالة يجب إدخال الخسارة في بيان الأرباح والخسائر)، وباستثناء العقارات التي لا يمكن أن تكون خاضعة لاحتياطي القيمة العادلة السلبية (بالنسبة للعقارات فإن الحد الأدنى لاحتياطي القيمة العادلة هو الصفر، وأي هبوط آخر في السعر يجب إدخاله في بيان الأرباح والخسائر)".
و يتابع "معنى ذلك أن هذا التعديل يجعل الفقرة 17 من المعايير أقرب إلى الفقرة 39 من المعايير الدولية للإبلاغ المالي IFRS، وهو يضع الآن محاسبة الاستثمارات في البنوك الإسلامية على قدم المساواة مع البنوك التقليدية أو قريباً منها".
في الأوقات التي تتسم بالهبوط السريع لأسعار الموجودات، كانت البنوك الإسلامية تعاني تقلبات كبيرة في الأرباح والخسائر، في حين أن البنوك التقليدية التي تستخدم المعايير الدولية للإبلاغ المالي خاضعةٌ للجانب الدوري نفسه للأسهم من خلال احتياطيات القيمة العادلة. يقول حسون" من الناحية الاقتصادية يُعتبَر هذا وكأنه الشيء نفسه، لأن أرباح اليوم هي حقوق ملكية الغد، ولا تُغيِّر أي شيء في قيمة المؤسسة، سواء قيدت حركة أسعار الموجودات في بيان الأرباح والخسائر أم أدخلت في رأس المال".
ولكن من وجهة نظر محاسبية، و الحديث لـ "موديز"، فإن هذا التعديل يسمح للبنوك لكي تكون قادرة على امتصاص التقلب الكبير في أسعار الموجودات بشكل أقل من قدرة حقوق الملكية على امتصاصها. وتزداد المخاطرة أمام البنك الإسلامي في احتمال إظهار الخسارة في قيوده بموجب الفقرة 17 من معايير المحاسبة المالية قبل تعديلها، حيث إن قدرتها على المقارنة العادلة بالبنوك التقليدية كانت محدودة (قبل التعديل). فالأرباح أكثر حساسية ويُنظَر إليها ويعلَّق عليها على نطاق واسع أكثر مما هي الحال بالنسبة لوضع حقوق الملكية في البنك، خصوصاً وأن البنوك الإسلامية مرسملة بصورة عالية، وهي أقدر على امتصاص الصدمة من بيان الدخل، الذي ينبغي أن يعطي صورة عن إنتاج الأعمال في البنك أكثر مما يعطي صورة عن دورات أسعار الموجودات.
ويرى مراقبون أن هذا التعديل يسهم في رفع الضغط عن البنوك الإسلامية في وقت تتركز فيه الأنظار أكثر مما يجب على الأرباح، وربما بقدر أقل على بيانات الميزانية العمومية. من الواضح بحسب "موديز"، أن ما تقوم به هيئة المحاسبة في هذا المقام بتعديل الفقرة 17 من معايير المحاسبة المالية هو أنها تتبنى وجهة نظر تحليلية أكثر من ذي قبل بالنسبة للمحاسبة، وليس فقط مجرد المنظور الشرعي. وهذه علامة أخرى على أن صناعة التمويل الإسلامي في طريقها نحو النضوج.

الأكثر قراءة