الحكومات تنجح في تحويل انتباه أسواق المال إلى "الملامح الاقتصادية"
عقب تحسن الأوضاع المالية العالمية نتيجة المبادرات التي لجأت إليها الحكومات، تحوّل انتباه الأسواق إلى الملامح الاقتصادية الضعيفة حيث شرع عديد من الاقتصادات العالمية الكبرى تدرس إمكانية تبني برامج جديدة للإنفاق وخفض الضرائب وغيرها من التدابير التي من شأنها تحفيز اقتصاداتها، في حين لجأت دول أخرى إلى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية تمكّنها من إجراء الإصلاحات الضرورية لتعزيز اقتصاداتها, وذلك حسب تقرير أعدته "جدوى للاستثمار".
ونتج عن المخاوف بشأن أثر الاقتصاد العالمي المتدهور في الصادرات أن لجأت الحكومة الصينية للتأكيد أنها تولي الأولوية للنمو الاقتصادي، وأتبعت القول بالفعل صباح أمس فقرر البنك المركزي رفع القيود الائتمانية التي كان قد فرضها العام الماضي لإبطاء النمو. وقد كشفت بيانات جديدة كيف أثر تباطؤ الاقتصاد العالمي في الصين حيث سجل مؤشر مديري المشتريات (معيار متقدم لقياس الإنتاج الصناعي) هبوطاً كبيراً في تشرين الأول (أكتوبر) على الرغم من إعادة فتح المصانع التي تم إغلاقها أثناء الألعاب الأولمبية. ويعد القطاع المالي للصين في وضع جيد يمكنه من الصمود أمام الضغوط التي تواجه القطاع المالي العالمي وذلك بسبب تبني البنوك الصينية بصفة عامة سياسات إقراض حذرة فضلاً عن أنها تمتلك سيولة عالية ومديونية منخفضة.
كذلك كشفت كوريا الجنوبية عن خطة لتحفيز اقتصادها تتضمن خفضاً جديداً في الإنفاق والضرائب تصل قيمته إلى 11 مليار دولار، وقد جاء هذا الخفض في أعقاب مساعدات للبنوك بقيمة 130 مليار دولار تم تقديمها الشهر الماضي.
تزايد عدد الدول التي لا تملك تمويلاً كافياً لدعم اقتصاداتها فاضطرت للجوء إلى صندوق النقد الدولي، ولهذا السبب يحاول رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون الحصول على أموال إضافية للصندوق من المملكة خلال زيارته لها أمس الأول. ويملك الصندوق حالياً 200 مليار دولار مخصصة للقروض إضافة إلى نحو 50 مليار دولار أخرى متوافرة بصفة فورية، إلا أنه تم دفع 43.5 مليار دولار منها كقروض إلى المجر وأوكرانيا وأيسلندا خلال الأيام العشرة الماضية.
ويسعى بعض الزعماء الأجانب إلى حث بعض الدول التي لديها احتياطيات أجنبية ضخمة لتقديم المزيد من الأموال إلى صندوق النقد الدولي. وتبلغ حصة السعودية في صندوق النقد الدولي حالياً 10.4 مليار دولار ويعتبر هذا المبلغ الذي يعادل 2.7 في المائة من الناتج المحلي للمملكة أحد أعلى الحصص في العالم حيث يفوق 4 أضعاف حصة النمسا والنرويج اللتين يماثل حجم اقتصاديهما حجم الاقتصاد السعودي.
ألقت الأزمة المالية والاقتصادية بظلالها على انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري اليوم الثلاثاء، وقد جرت العادة تاريخياً أن ترتفع أسعار الأسهم خلال الشهرين التاليين للانتخابات الأمريكية بغض النظر عن الحزب الفائز ويكون ذلك نتيجة لانتهاء فترة الغموض السياسي عقب الانتخابات وتركيز الأسواق انتباهها على الفريق الاقتصادي الذي سيستعين به الرئيس الجديد لدى انتقاله إلى البيت الأبيض والذي يتم تنصيبه في 20 كانون الثاني (يناير). أما حالياً فتترقب الأسواق صدور بيانات أداء القطاع الصناعي لتشرين الأول (أكتوبر) التي توفر المعيار الأساسي بشأن أداء القطاع الصناعي الشهر الماضي.
ارتفعت معظم أسواق الأسهم الآسيوية أمس للجلسة الخامسة على التوالي (الأسواق اليابانية مغلقة بسبب الإجازة) نتيجة للالتزام بالسياسات والخطط المشار إليها أعلاه.