لا أزمة عقارية في لبنان والرساميل تتجه لقطاع الإنتاج والخدمات

لا أزمة عقارية في لبنان والرساميل تتجه لقطاع الإنتاج والخدمات

تثير تفاعلات الأزمة المالية العالمية مخاوف بدأت تتخطى القطاعات المالية والبورصات في المنطقة العربية إلى القطاعات الاقتصادية الإنتاجية التي ترتبط بشكل غير مباشر بالبورصات العربية كما الآسيوية وخصوصاً قطاع العقارات التي تعرضت لتضخيم في الأسعار خلال الأشهر الماضية، كما حدث في العديد من المؤسسات في أزمة الرهونات العقارية. وخلافاً لواقع السوق العقارية في بلدان المنطقة فإن إقبالا ملحوظاً سجل أخيراً على سوق العقار في بيروت، حيث إن نسبة ملحوظة من الرساميل التي تدفقت على القطاع المصرفي اللبناني، توجهت نحو الاستثمار العقاري حيث تشهد العاصمة انطلاق مجموعة مشاريع منها ما كان مؤجلاً ومنها ما هو حديث وخصوصاً في وسط بيروت التجاري.
وفي هذا المجال تحدث نبيل عيتاني رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات لـ "الاقتصادية" عن تدفقات نقدية أودعت في المصارف اللبنانية هرباً من الأزمة العالمية. وأكد أن مناخ الاستثمار شهد تحسناً جراء الأزمة حيث يسجل حجم الاستثمار المباشر ما بين 10 و12 في المائة من الناتج القومي.
وكشف أن القطاع العقاري ووفقاً لإحصاءات السنوات الماضي يستحوذ على الحجم الأكبر في الاستثمار، يليه قطاع الخدمات ثم القطاعات الإنتاجية. أما من حيث الأول فإن السعودية تحتل المرتبة الأولى في حجم استثماراتها في لبنان يليها الكويت فالإمارات والأردن ثم قطر. أما بالنسبة للمناطق الأكثر جذباً للاستثمارات فإن الدراسات الأخيرة بيّنت أن العاصمة تحتل النسبة الأكبر من الاستثمارات تليها منطقة جبل لبنان ثم الشمال فالبقاع. وقلل من أهمة تأثر القطاعات الإنتاجية بالأزمة العالمية، معتبراً أن هذه القطاعات في جاهزية تامة لمواكبة توجه المستثمرين الذين يستطلعون الفرص الاستثمارية المتاحة لهم في لبنان.
ورداً على سؤال حول التوقعات بحصول جمود أو تراجع في أسعار العقارات اللبنانية، أكد عيتاني أن المضاربات العقارية محدودة جداً وبالتالي لن تحصل تقلبات كبيرة في الأسعار التي ستبقى على ما هي عليه الآن. ونفى أي احتمال لنشوب أزمة عقارية، مشيراً إلى أن مصرف لبنان المركزي اتخذ إجراءات للحد من موجد المضاربات عبر إلزام المقترضين للمشاريع العقارية بتأمين 40 في المائة من تكلفة المشروع وبالتالي ألا يتجاوز القرض 60 في المائة من التكلفة.
وأضاف أن هذه الإجراءات حمت في الشهرين الماضيين القطاع المالي من أي مضاربات مفرطة قد تتسبب في انتفاخ سلبي. كذلك فإن مصرف لبنان منع ومنذ أربع سنوات، المصارف من الاستثمار من دون قيود في المنتجات المركبة، وبفضل ذلك بقيت المصارف اللبنانية في منأى عن أزمة التسليف باعتبار أنها لا تملك أي محفظة أدوات مرتبطة بالقروض العقارية من الدرجة الثانية أو العالية المخاطر وأنها لم تتكبد بالتالي أي خسائر.
وتوقع انعكاسات قريبة لقرار خفض الفائدة في الخارج على قطاعات الإنتاج اللبناني حيث سيؤدي ذلك إلى تحويل وجهة سير الأموال من الإيداع في المصارف إلى الاستثمار في قطاعات إنتاجية كالزراعة والصناعة من دون أن يعني ذلك تراجع الاستثمارات في السندات المالية أو العقارات. وفي هذا المجال اعتبر عيتاني أن تحديات عدة أمام الحكومة اللبنانية اليوم أبرزها تسريع الجهود لتحسين مناخات الاستثمار وزيادة قدرة السوق المحلية على استيعاب استثمارات جديدة، لأن الاستثمار يبحث دائماً عن الفرص المجدية لكن ضمن الأجواء المناسبة قانوناً وتشريعاً.

نمو عقاري بلغ 114 في المائة في 3 سنوات

وفي السياق نفسه توقع تقرير صدر أمس عن مصرف "الاعتماد اللبناني" عدم حدوث تحول جذري في أسعار العقارات في المديين المتوسط والبعيد. وكشف التقرير أن هذا القطاع ازدهر نتيجة تدفق عائدات النفط من المستثمرين العرب والتحويلات من المغتربين اللبنانيين الذين أرادوا شراء أراضٍ في وطنهم الأم. أما الذروة الأخيرة التي شهدتها العقارات فكان سببها ارتفاع هائل في الطلب واستقرار سياسي وارتفاع أسعار النفط إضافة إلى المضاربات وتراجع العرض. ونتيجة لذلك نمت الأسعار منذ عام 2005، وارتفع متوسط أسعار المساكن في بيروت من 1400 دولار للمتر المربع إلى ثلاثة آلاف دولار في العام الجاري أي بنمو مذهل بلغ 114 في المائة أو بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 29.26 في المائة.
ولقد جددت تشريعات الاستثمار وعدم تدخل الدولة في الاقتصاد إضافة إلى سلامة النظام المصرفي ومرونة النظام الضريبي شهية الاستثمار في العقارات مما أدى إلى تركيز خارجي قبل الأزمة المالية العالمية وبعدها على هذا القطاع، فتحولت بيروت إلى ورشة بناء عملاقة مما جذب رغبات المضاربة لدى المستثمرين. وخلص التقرير إلى أن الزخم في قطاع العقارات لن يتراجع نظراً لارتباط أصحاب المنازل والمساكن بوضع القطاع المصرفي وقدرته على التمويل وقد أثبت هذا القطاع متانته وقدرته على الصمود في وجه الاضطراب المالي العالمي.

الأكثر قراءة