الخليجيون يتصدون بقوة لتداعيات الأزمة العالمية
تركز معظم النشاط خلال اليومين الماضيين في منطقة الخليج حيث تكون الأسواق العالمية الرئيسة مغلقة يومي السبت والأحد. وشهد يوم الأحد أول تدخل مباشر من قبل حكومة خليجية لحماية بنك خلال الأزمة المالية الحالية، وذلك عقب قمة وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول الخليج التي عقدت أمس الأول. وقد شهدت الأسواق الآسيوية أمس تراجعاً حاداً، ما ينبئ بالمزيد من التذبذب خلال الأيام القليلة المقبلة وذلك حسب تقرير أصدرته "جدوى" للاستثمار.
شهد أمس الأول عملية إنقاذ لبنك في منطقة الخليج خلال الأزمة المالية الحالية حيث اضطر البنك المركزي الكويتي للتدخل لدعم بنك الخليج، وقد أعلنت الحكومة الكويتية أنها ستضمن جميع الودائع في البنوك المحلية وأنشأت فريق عمل للتعامل مع تأثيرات الأزمة المالية العالمية. وكانت المشكلات الحالية لبنك الخليج قد نتجت عن مراهنته على ارتفاع أسعار العملات الذي جاء على غير ما توقع بسبب الارتفاع الحاد في قيمة الدولار أخيراً ولم تنتج عن استثماره في أصول متعثرة كما حدث في المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وأوروبا. هذا وقد تولى البنك المركزي الإشراف على المهام الرئيسة في بنك الخليج.
التقى وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في دول الخليج في الرياض يوم السبت حيث اتفقوا على اتخاذ موقف موحد للتعامل مع الأزمة المالية لكنهم لم يكشفوا عن الكثير بشأن القرارات التي تبنوها. وكانت الحكومات الخليجية تتبنى قبيل الاجتماع وسائل مختلفة لدعم قطاعاتها المالية وطمأنة المستثمرين، شملت ضمان الودائع وضخ أموال إضافية في النظام المصرفي وسوق الأسهم.
وتراجع أداء أسواق الأسهم الخليجية بصورة حادة خلال اليومين الماضيين حيث هبط مؤشر الأسهم السعودية بنسبة 10.2 في المائة وهبط كل من أسواق قطر وعمان بأكثر من 8 في المائة أمس بينما تراجعت سوق الكويت بنسبة 3.5 في المائة وسوق دبي بنسبة 4.7 في المائة وسوق أبوظبي بنسبة 3.8 في المائة.
هبطت أسواق الأسهم الآسيوية مرة أخرى أمس، حيث تراجعت السوق اليابانية بنسبة 6.4 في المائة مقتربة من أدنى قيمة لها منذ 26 عاماً وذلك نتيجة للارتفاع الكبير في قيمة الين الذي سجل أعلى مستوى له مقابل الدولار في 13 عاماً وأعلى ارتفاع له مقابل "الوون" عملة كوريا الجنوبية في 20 عاماً وأعلى ارتفاع له على الإطلاق مقابل الدولار الأسترالي. وقد ارتفع الين نتيجة قيام المستثمرين بعكس أوضاع محافظهم التي تستثمر في فروقات فوائد العملات Carry trades حيث اشتروا أصولا ذات عوائد مرتفعة تعتمد على اقتراض العملة اليابانية بأسعار فائدة منخفضة. ولقد كانت وتيرة ارتفاع قيمة الين مزعجة، ما اضطر البنك المركزي الأسترالي للتدخل لدعم عملته التي هبطت قيمتها بنسبة 35 في المائة مقابل الين خلال الشهر الماضي.
ولقد أدى تعزيز قوة الين إلى الإضرار بتطلعات شركات التصدير اليابانية كما قاد إلى خفض أسعار أسهمها. ونتيجة لذلك خلق التراجع في سوق الأسهم ضغوطاً على البنوك المحلية التي انكشفت بشدة أمام السوق المحلية (لم تتأثر معظم البنوك المحلية كثيراً بالخسائر الناجمة عن قروض الرهن العقاري والأدوات المرتبطة بها). وقد صدر صباح أمس بيان مقتضب من مجموعة السبع التي تتكون من أكبر الدول الصناعية في العالم عبروا فيه عن قلقهم من الارتفاع السريع في قيمة الين والذي لم تتضح بعد تأثيراته.
التداعيــات
من الضروري أن يكون هناك تنسيق كبير بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول الخليج للعمل معاً خلال هذه الأزمة المالية. وفي ضوء حرية انتقال رؤوس الأموال في المنطقة هناك إمكانية لتدفقها نحو المناطق التي تشعر فيها بأنها أكثر أماناً. وليس هناك دليل على أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة الكويتية أمس قد تم التنسيق بشأنها مع حكومات خليجية أخرى. وقد تحدث القادة الماليون في اجتماعهم المشار إليه كذلك عن أهمية العملة الموحدة والبنك المركزي الموحد، ولا نعتقد أن تكوين هيئات مشتركة يعد أمراً مهماً لصياغة موقف مشترك تجاه هذه الأزمة أو أي حدث آخر. وعلاوة على ذلك فليس من الواضح كيف سيختلف الأمر في حالة تبني عملة خليجية موحدة فيما يتعلق بكيفية تأثر المنطقة بالأزمة المالية أو كيف سيكون رد الفعل.
اجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء وانقسم المجتمعون إلى فريقين أحدهما يؤيد خفض أسعار الفائدة إلى 1 في المائة والآخر يؤيد الخفض إلى 0.75 في المائة (من 1.5 في المائة). وتتزايد الاحتمالات بأن يأتي خفض أسعار الفائدة الأمريكية بالتنسيق مع بنوك مركزية أخرى تماماً كما حدث في 8 تشرين الأول (أكتوبر). وقد يكون البنك المركزي في كوريا الجنوبية قد اتخذ هذا المنحى صباح أمس بخفضه أسعار الفائدة بـ 0.75 نقطة مئوية (في أكبر خفض تقرره كوريا على الإطلاق). كذلك يتوقع أن تحذو المملكة حذو الولايات المتحدة في خفض أسعار الفائدة وإن كان من غير الواضح هل سيكون ذلك من خلال خفض سعر إعادة الشراء أو إعادة الشراء العكسي؟