القطاع المالي والنظام المصرفي في منأى عن الأزمة.. واستمرار الإنفاق على المشاريع التنموية

القطاع المالي والنظام المصرفي في منأى عن الأزمة.. واستمرار الإنفاق على المشاريع التنموية

أكد وزراء المالية ومحافظو مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي، ثقتهم باستقرار القطاع المالي في دول المجلس لما يتمتع به من ملاءة ومتانة، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المحلية الجيدة وبما يمكن من التعامل مع أية آثار محتملة للأزمة المالية العالمية.
كما توقعوا استمرار نمو اقتصادات دول المجلس بمعدلات جيدة مع استمرار مخصصات الإنفاق على المشاريع التنموية للدول الأعضاء وتسارع وتيرة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
جاء ذلك في بيان صحافي عقب اجتماع تنسيقي عقد في الرياض أمس للتشاور وتدارس الأزمة المالية التي تمر بها الأسواق المالية العالمية وما تم اتخاذه من الإجراءات الاحترازية من قبل دول المجلس لمواجهة أية آثار محتملة، إضافة إلى أهمية استمرار مراقبة التطورات المستقبلية والاستعداد لمواجهتها.
وشدد الوزراء والمحافظون على أهمية الاستمرار بتوطيد القدرات الرقابية على القطاع المالي في التعامل مع المستجدات والتطورات، مشيدين في الوقت نفسه بأنظمة الرقابة المصرفية في دول المجلس ودورها في حماية وسلامة النظام المصرفي، الذي يتمتع بدرجة عالية من السيولة وكفاية رأس المال. كما أكد المجتمعون أهمية تعزيز التنسيق بين الجهات الرقابية في دول المجلس لمراقبة تطورات الأزمة المالية العالمية، واستمرار التنسيق فيما بين محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مستمر وباستخدام وسائل الاتصال كافة.
وأبدى الوزراء والمحافظون أيضا ارتياحهم لما اتخذته دول المجلس من إجراءات للتعامل مع أية آثار محتملة للأزمة المالية العالمية، والاستعداد لاتخاذ أية إجراءات إضافية. كما عبروا كذلك عن ارتياحهم لما صدر من اللجنة النقدية والمالية الدولية ومجموعة العشرين من تأكيد على اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة الأزمة المالية الراهنة.
من جهته، بين الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف وزير المالية أن الاجتماع الاستثنائي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد جاء في إطار التنسيق المستمر بين دول المجلس وعلى خلفية ما يعيشه العالم اليوم من أزمة مالية تتفاقم يوما بعد آخر نجم عنها أزمة ائتمان خاصة في الدول المتقدمة لم يشهد لها العالم مثيلا منذ سنوات طويلة. وقال "إن من بوادر خطورة هذه الأزمة أن بدت مؤشرات الركود في الظهور في الدول المتقدمة، ما يشير إلى انتقال آثار هذه الأزمة إلى الاقتصاد الحقيقي، وما يمكن أن يحمله ذلك من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على اقتصادات دول المجلس، الأمر الذي يستدعي منا جميعا العمل على تحاشي التأثيرات السلبية والتخفيف منها على اقتصاداتنا، ومن ذلك التنسيق بيننا فيما نتخذه من سياسات وإجراءات، وتبادل الرأي حيال أفضلها".
وأضاف العساف في تصريح عقب الاجتماع أن اقتصادات دول المجلس تنعم بمؤشرات اقتصادية كلية قوية، حيث تنمو بمعدلات عالية نسبيا في ظل بوادر اتجاه معدلات التضخم للانخفاض نتيجة لظهور مؤشرات انخفاض الضغوط على أسعار السلع الأساسية. كما أبدى تفاؤله باستمرار اقتصادات دول المجلس في تسجيل معدلات نمو جيدة، حيث من المتوقع أن تراوح بين 4 في المائة و6 في المائة خلال هذا العام (2008)، وإن تراجع قليلا فهو نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي. وتابع: إن مما يعزز ذلك عزم دول المجلس الاستمرار في اتخاذ السياسات الاقتصادية المحفزة للنمو من استمرار الإنفاق على المشاريع الهادفة لرفع الإنتاجية والطاقة الاستيعابية وتعزيز دور القطاع الخاص.
وتوقع العساف أن يشهد العام المقبل تحسنا في أداء اقتصادات دول المجلس مع تحسن أداء الاقتصاد العالمي نتيجة للآثار الإيجابية للتدابير التي اتخذتها العديد من دول العالم خاصة المتقدم لمعالجة الأزمة المالية، منوها في هذا السياق بما اتخذته دول المجلس من إجراءات للتعامل مع التداعيات المحتملة للأزمة المالية العالمية، مؤكدا أهمية استمرار متابعة هذه التداعيات والاستعداد لاتخاذ الإجراءات الضرورية عند الحاجة.
وأوضح وزير المالية أن النقاش في كثير من الدوائر يركز، إضافة إلى ما ينبغي عمله لاستعادة الثقة في النظام المالي الدولي، على الخلل في آليات الرقابة على القطاعات المالية في الدول المتقدمة، إذ لم تواكب التطورات والابتكارات في الأدوات المصرفية والاستثمارية، كما أن الحاجة ماسة وملحة إلى السعي المستمر لتطوير قدرات الجهات الرقابية والإشرافية على القطاعات المالية والمصرفية، والاستمرار في تطوير الأطر والتشريعات الرقابية بما يوازي سرعة تطور وابتكار الأدوات المصرفية والاستثمارية، وكذلك أهمية تعزيز التنسيق بين الجهات الرقابية على الشركات المصرفية والاستثمارية.
وأشار وزير المالية إلى أن هذه الأزمة عالمية تتطلب تعاونا وتنسيقا دوليا لمعالجتها، مؤكدا أهمية إشراك الدول الرئيسة والمهمة اقتصاديا في التنسيق وجهود إعادة هيكلة النظام المالي الدولي مرحبا بالدعوة لعقد قمة مجموعة الـ 20 في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لبحث الأزمة والدروس المستفادة لتحاشي الوقوع في مثلها مستقبلا. ولفت إلى أن ما يبعث على التفاؤل ما اتخذته حكومات عدد من الدول من إجراءات تهدف إلى ضمان سلامة القطاع المالي والمصرفي، وتوفير الضمانات الضرورية لإنعاش المعاملات المالية بين المصارف والبنوك والتزامها بتعزيز رؤوس أموال البنوك من أجل تجاوز المخاوف التي تمنع البنوك من منح القروض واستعادة الثقة بسوق الإقراض، وتقديم ضمانات لأصحاب الودائع.
وشدد العساف على ضرورة قيام صندوق النقد والبنك الدوليين بدورهما المتوقع في هذه الأزمة من دعم للدول النامية خاصة الفقيرة منها لتتمكن من مواجهة آثار الأزمة المباشرة على قطاعاتها المالية وغير المباشرة على اقتصادها الحقيقي. ونوه في هذا الصدد بما أعلنه صندوق النقد الدولي من توافر مبلغ 200 مليار دولار للإقراض بشروط ميسرة، كما أن من المهم والضروري مواصلة جهود تحرير التجارة والاستثمار التي أدت خلال العقود الماضية إلى رفع مستويات المعيشة العالمية وانتشال الملايين من وطأة الفقر.
من جانبه، أكد يوسف كمال وزير الاقتصاد والمالية القطري أن الأنظمة الرقابية المصرفية في دول المجلس من أنجع الأنظمة في العالم، خاصة أن دول الخليج ملتزمة بمتطلبات بازل 2 المتعلقة بنسبة المخصصات للديون ونسبة ملاءمة رأس المال لنسبة القروض وهي جميعها جيدة ولها دلالات أنها في وضع جيد جدا. كما أكد أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر في جدول مشروع الوحدة النقدية، بل إنها تعطي قوة دفع إضافية لخطة إقامة الوحدة النقدية بين دول الأعضاء وإصدار عملة خليجية موحدة وإنشاء بنك مركزي خليجي. وقال "كما قلنا في السابق إن الجدول مستمر حسب الإجراءات المتخذة والأزمة المالية العالمية الحالية لن تؤثر في الجدول الذي يمضي حسب الخطة المقرة له، ونحن بحاجة إلى المضي في الإجراءات وتنسيق السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية، وهذا يؤكد أنه يجب أن تكون هناك عملة خليجية موحدة ومصرف مركزي واحد أو مؤسسة إشرافية وهذه ستزيد من عملية التنسيق الموجود في الوقت الحاضر".
وأضاف الوزير إن البنوك المركزية في دول المجلس الست تنسق باستمرار فيما بينها لمعالجة تداعيات الاضطراب المالي. لافتا إلى أن الإجراءات الاحترازية الحالية التي تتخذها دول الخليج للتعامل مع الأزمة المالية العالمية ستكون كافية. وأضاف "التأثيرات المحتملة للأزمة العالمية نستطيع التعامل معها من خلال الإجراءات التي اتخذناها بالفعل".
وأكد وزير الاقتصاد والمالية القطري أن أنظمة دول مجلس التعاون ‏الاقتصادية ستثبت للعالم في المستقبل القريب أهميتها وقوتها. وقال "إن ‏أنظمتنا ورقابتنا المالية الموجودة بصرامتها هي التي أنقذتنا من الأزمة ‏العالمية، فهذه الرقابة الصارمة هي التي ستعطي المستثمرين حول العالم ‏اطمئنانا أكثر ليستثمروا في دولنا لأن أنظمتنا أثبتت أنها شديدة في رقابتها ‏ومتينة مستقرة وبالذات على المصارف المالية".‏
وعن تأثير الأزمة المالية اتفاقيات التجارة الحرة التي تتفاوض عليها دول المجلس، وما إذا كان هناك نيه لتعليقها مع الدول المتأثرة من هذه، أكد الوزير القطري أن وزراء المالية اتفقوا خلال اجتماعهم على توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام. كما عبر عن ارتياحه للقرارات التي اتخذتها ‏بعض الدول حسب ظروفها، وقال "أبدينا استعدادنا لأن يكون هناك تنسيق دائم ‏بين الجميع ولا يشترط أن يكون هناك فقط اجتماع، ويمكن أن يكون التنسيق ‏بوسائل أخرى مع المحافظين". وأضاف "كما أبدينا ارتياحنا للإجراءات التي ‏اتخذت من الدول المعنية لامتصاص آثار الأزمة، وكذلك للأدوات والإجراءات ‏التي اتخذت في هذا المجال".‏

الأكثر قراءة