مؤتمر دولي يدعو لتعاون قوى بين دول الخليج و"الناتو" لضمان أمن الطاقة
دعا مؤتمر دولي حول أمن الطاقة إلى ضرورة إيجاد تعاون بناء وقوى بين دول التعاون وحلف الناتو لضمان أمن الطاقة، وقال مارتن أردمان مساعد الأمين العام للشؤون السياسية في حلف الناتو، إن هذا التعاون تحول إلى ضرورة ملحة في مثل هذه الظروف.
وشدد على أن أمن الطاقة بمثابة جزء واحد من تحديات كبيرة في العالم، الذي يواجه اليوم الكثير من الأزمات ومن بينها الأزمة المالية العالمية، التي بلا شك لها تأثيرات، وأشار إلى أن التحديات العالمية تشكل حافزا للتفكير البعيد حول إيجاد بيئة أمنية تحمي من جملة ما تحمي الطاقة، مؤكدا أن أمن الطاقة أصبح ضرورة سواء كنا مستوردين للطاقة أو مصدرين لها.
وأشاد أردمان بالتعاون بين دولة قطر وحلف الناتو لما فيه خدمة الأمن العالمي، وحماية المصالح المشتركة لدول المنطقة، مشيرا إلى أهمية عقد الندوة في الدوحة، إذ إنها أول ندوة حول أمن الطاقة يعقدها "الناتو" في دولة خليجية، وقال إن مثل هذه الندوات من شأنها تعزيز العلاقات بين حلف الناتو ودول المنطقة، داعيا إلى الانخراط في مزيد من الأنشطة العملية.
ودعا ناصر خليل الجيدة الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول الدولية، خلال المؤتمر الذي تستضيفه قطر إلى إيجاد استراتيجية تكفل الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين إمدادات الطاقة، مشيرا إلى أنه دون إيجاد استقرار سياسي فإن من الصعوبة بمكان توفير إمداد آمن لمصادر الطاقة المختلفة.
وكان الجيدة يتحدث أمس خلال افتتاح ندوة أمن الطاقة، التي تنظمها اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات في وزارة الخارجية، بالتعاون مع الإدارة السياسية لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقال الجيدة إن الجغرافيا السياسية الحالية والأهمية الاستراتيجية التي يتمتع بها الشرق الأوسط ناتجة بلا شك عن موارده النفطية، وبما أنه يحتوي على أكبر الاحتياطيات المثبتة للنفط الخام (نحو 61 في المائة من الإجمالي عام 2007 أو نحو 755 مليار مليون برميل)، إضافة إلى أعلى معدل احتياطي بالنسبة للإنتاج عالمياً (82 عاماً مقارنة بـ 41 عاماً لباقي دول العالم)، فإن الأهمية البارزة للمنطقة تثبت نفسها في النظام الدولي.
وقد تم تقدير الإنتاج النفطي الشرق أوسطي بما يقارب 31 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي، أي أن نصف تجارة النفط تأتي من المنطقة التي من المتوقع أن تلعب دور المصدر الرئيسي للتوريدات المطردة التي شهدتها منذ الأربعينيات.
وأضاف كذلك يوجد في الشرق الأوسط منتجون كبار فعليون ومحتملون للغاز الطبيعي من شأنهم تغيير صورة التوريد الدولي بشكل فاعل، ولعل العامل المساعد في ذلك هو القاعدة الضخمة للغاز في المنطقة فيما يتعلق بمستوى الطلب الحالي والمتوقع.
وأشار إلى أنه في مطلع عام 2008، كانت احتياطيات الغاز في المنطقة تشكل 41 في المائة من الإجمالي العالمي أو نحو 73000 مليار متر مكعب، وهي تكفي وحدها لتلبية الاستهلاك العالمي الحالي لأكثر من 25 عاماً، في حين كان معدل احتياطي الغاز بالنسبة للإنتاج في عام 2007 في الشرق الأوسط كبيراً جداً عند مقارنته بالاحتياطي العالمي (أكثر من 200 عام و60 عاماً على التوالي).
وأوضح الجيدة أنه بينما يمنح البترول الشرق الأوسط وزنه الجغرافي السياسي والاستراتيجي، فإنه يعد سلاحا ذا حدين بالنسبة للمنطقة، إذ إن أي نزاع أو صراع قد يؤدي أولاً إلى جعله مادياً من خلال الإضراب في الصناعة النفطية التي تبقى الدعامة الأساسية للعديد من الدول في المنطقة، ولقد ترافقت بعض الأزمات الحالية في المنطقة إما بتهديد انقطاع أو الانقطاع الفعلي لتوريد النفط. ناهيك عن حقيقة وجود بعض الصناعات الأكثر عرضة لذلك أكثر من صناعة البترول. ويولي العالم اهتماماً رئيسياً لهذه القضية على أنها الأهم وتتمثل في حماية توريدات البترول من الشرق الأوسط.
وأضاف بما أن منشآت إنتاج البترول في الشرق الأوسط معرضة بشكل كبير للهجمات الداخلية وعدم الاستقرار، لطالما واجهت القنوات البحرية الست في المنطقة وتركيزها على شحن البترول بحرياً مخاطر الإغلاق أو الحصار، وبالتالي فإن ناقلات البترول تكون عرضة للهجمات وحمايتها غير مضمونة بشكل كامل، كما أن أنابيب النفط التي تم إنشاؤها في الشرق الأوسط لتأمين التوريد والاستيراد لم تكن قادرة على تلبية هذا الغرض.
ولفت إلى أن الأسباب الرئيسية وراء تلك المشكلات الأمنية التي تواجهها الصناعة البترولية في الشرق الأوسط تتجلى في الصراعات وعدم الاستقرار السياسي في البلدان المنتجة أو البلدان التي يمر عبرها النفط إضافة إلى المنافسة والنزاعات بين الدول، وهذا يقودنا إلى القول إنه لا حماية للتوريدات النفطية من الشرق الأوسط من دون وجود الاستقرار السياسي في المنطقة.
ومع ذلك فإن التاريخ المضطرب للمنطقة لا يوحي بالاستقرار، فإن لم يكن في بلد واحد فسيكون الآخر وإذا لم تكن قضية واحدة، فستكون الأخرى، وهذا يدعونا للاستنتاج أن أحد أكبر التهديدات التي تواجه استقرار السوق النفطي في السنوات المقبلة يبقى محتماً وذلك بسبب الصراعات والنزاعات في الشرق الأوسط.
وقال لعل بعض المصادر المحتملة لعدم الاستقرار والصراع في الشرق الأوسط وشيكة وبعضها الآخر متأصل وتاريخي وقديم وكامن ومحتمل وداخلي أو ما بين الدول.
فهي عرضة للمقارنة على نطاق واسع وتتضمن الطبيعة المستبدة للأنظمة والصراع على القوة والانقسام الأيديولوجي بين الدول والعداء والسباق العسكري والطموح وبناء القوى المسلحة والأقليات الطائفية والصراع الديني والاختلاف العرقي والأقليات والنزاعات على الحدود والتفاوت في التنمية الاقتصادية والتأثيرات الاجتماعية للقيود الاقتصادية والانفراج في السياسات البترولية والصراعات على الماء والانفجار السكاني والتفاوت في نمو التعداد السكاني المشكلات التي تسببها هجرة العمالة الأجنبية والهجرة الداخلية وتدفقات اللاجئين. وتعد هذه العوامل بشكل عام متشابكة ومعتمدة على بعضها بعضا.
وشدد على أن "التهديدات حقيقية، وتوحي طبيعتها المتغيرة التي يمكن التنبؤ بها بصعوبة مواجهتها، فيجب التعامل معها على نطاق شامل ولكن، والحق يقال، لا توجد حلول سهلة لمواجهتها".
وأضاف لننظر إلى المسألة من زاوية أخرى، فمن المضلل تماماً مواصلة الحديث عن "الاستقرار" في الشرق الأوسط متجاهلين الطموحات الوطنية المشروعة ودواعي التنمية الاقتصادية، وبالتالي فإن أسعار السوق طويلة الأمد التي تعكس القيمة الاقتصادية الحقيقية لموارد تلك الدول، بمعدل قليل من العجز في الميزانية، والكثير من الاستثمارات والازدهار الكبير والميزانيات المتعلقة بذلك والخطط التنموية والقليل من الصرف العسكري، ولكنها في الوقت نفسه أكثر ديمقراطية والتعاون في المنطقة والأقل تدخلاً خارجياً (أو على الأقل عادلة ومحترمة)، كلها تشكل الدائرة الصحيحة.
وتابع قائلا فقط إن استطاع الشرق الأوسط الدخول في هذه الدائرة الصحيحة وفسح المجال أمام الطاقة والسلام للعمل من أجل بعضهما بعضا، عندها ستشهد المنطقة عصراً جديداً. وفي ذلك الوقت ستكون المنطقة قادرة على إماطة اللثام عن الطاقات الاقتصادية الكامنة التي تمتلكها، وعندها فقط سيكون العالم قادراً على الاعتماد على الأصل الأكبر في المنطقة بعد سكانها ونفطها.
على صعيد آخر أكد ناصر خليل الجيدة الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول أن مشاريع الشركة الدولية لن تتأثر بالأزمة المالية العالمية التي عصفت بالأسواق في العالم وقال إن الشركة ستكون منافسة في مشاريع أخرى وستعتمد بشكل كبير على قدرات "قطر للبترول" من ناحية المنتجات وقوة التصدير لكل منتجاتها، وقال إن الاقتصاد القطري يعد اقتصادا قويا وواعدا ودولة قطر تعد من أكثر الدول جذبا لمؤسسات التمويل الدولية، مشيرا إلى أن الأزمة المالية العالمية لن تستمر إلى الأبد وستكون هناك خيارات تمام الممولين ستكون أكثر دقة في تمويل المشاريع في العالم، وقال الجيدة في تصريحات صحافية لن يكون هناك أي تأثير مباشر في مشاريع "قطر للبترول الدولية"، فالشركة ما زالت في طور التأسيس وفي تنفيذ مشاريعها حول العالم.
وأعرب عن أمله أن تسهم البنوك المحلية بعد أن استثمر جهاز قطر بشراء أسهم فيها (خمسة مليارات دولار) في تمويل العديد من المشاريع، خاصة أن البنوك القطرية لم تتأثر بالأزمة المالية كغيرها من البنوك في العالم، مؤكدا أن مشاريع "قطر للبترول" ستكون مشاريع جاذبة للاستثمار وهي لا تدخل في أي مشروع إلا بعد دراسات جدوى اقتصادية متكاملة وهي قادرة على تمويله، وأوضح الجديدة أن الأزمة المالية العالمية ستفتح الفرص أمام قطر وستكون لها منافسة قوية في الأسواق العالمية كانت في السابق مغلقة، وفي المستقبل المنظور ستسعى قطر لتحسين موقعها التنافسي في الأسواق الدولية وهناك فرص استثمارية كبيرة وقد تكون لنا القدرة على الاستحواذ على بعض الشركات.
وأكد الجيدة أن الأزمة المالية على الرغم من تأثيرها في دول العالم باعتبار أن الأسواق متشابكة ومترابطة مع بعضها إلا أن تأثيراتها كما يشير العديد من الخبراء لن تكون بالدرجة نفسها على الأسواق الآسيوية التي توجد فيها "قطر للبترول الدولية" مشاريع مختلفة، فهناك الصين التي يتوقع الخبراء أن تكون معدلات النمو فيها ما بين 9 و7 في المائة ومعدلات نمو جيدة وأن العالم سيتجاوز هذه الأزمة قريبا مشيرا إلى أن "قطر للبترول الدولية" بدأت في مشاريع في آسيا وستستمر في تنفيذ تلك المشاريع.
وعن تأثيرات تراجع أسعار النفط في دول المنطقة قال الجيدة إن تراجع أسعار النفط كان غير متوقع بهذا الشكل، فقبل شهر كانت الأسعار فوق 140 دولارا للبرميل وهي اليوم فوق الـ 70 دولارا للبرميل.
وأضاف الجيدة أن من أولويات دول "أوبك" أنها ستسعى لوقف انهيار أسعار النفط، وأسعار النفط لم تكن طبيعية بل كانت بسبب المضاربين والآن المضاربون خرجوا من السوق وهم قوى خفية، وإن قدرة المضاربين في الفترة المقبلة ستخف وإن محافظ الاحتياط ستبين ذلك وإن البعض يطالب الآن بصياغة جديدة بالنسبة للاقتصاد العالمي ووضع ضوابط وشروط، وهذا أمر مهم وضروري في المستقبل.