اتفاقية دبي تعطي دفعة قوية ومفاجئة للسوق البطيئة في الأسهم الخاصة

اتفاقية دبي تعطي دفعة قوية ومفاجئة للسوق البطيئة في الأسهم الخاصة

يوم أمس حين وافقت إحدى شركات الأسهم الخاصة في دبي (وهي شركة أبراج كابيتال Abraaj Capita على الاستحواذ على حصة مقدارها 50 في المائة من أسهم إحدى شركات الكهرباء الباكستانية، فإنها لم تكن تقوم فقط باستثمار مهم في البنية التحتية، وإنما كانت كذلك تعطي دفعة قوية لاتجاه عام في منطقة الخليج، التي شاهدت الصفقات التي من هذا القبيل تكاد تختفي تماماً من الساحة خلال الأشهر القليلة الماضية.
الصفقة المقترحة لشراء حصة في شركة كيه إي إس باور KES Power، التي تمتلك شركة كراتشي لتوريد الطاقة الكهربائية، وهي الشركة الوحيدة التي تزود مدينة كراتشي بالكهرباء، تقدِّر وسائل الإعلام المحلية أن قيمتها تبلغ 400 مليون دولار (296 مليون يورو، 230 مليون جنيه استرليني)، وتعد من الصفقات البارزة في منطقة الخليج التي شهدت صعود شركات الأسهم الخاصة، الذي كان يبدو أنه لا سبيل لوقفه، وهو يتعثر بشدة بسبب الأزمة الائتمانية.
حتى فترة قصيرة كان الشرق الأوسط يرجو أنه سيكون بمنجى من أسوأ آثار العاصفة المالية، بفضل أموال النفط الوفيرة في منطقة الخليج. أما في الوقت
الحاضر فإنه حتى ملاك الأسهم الخاصة الذين يتخصصون في الشراء الكامل للشركات العامة يمرون الآن في حالة نفسية تتسم بالتشاؤم.
يقول أحمد هيكل، رئيس مجلس إدارة مجموعة القلعة Citadel Capital في مصر: "ينظر المستثمرون الآن بصورة معمقة ومتأنية في محافظهم، ويعيدون تقييم خطط الأعمال لديهم، ويؤخرون الخروج من الصفقات وعمليات جمع رأس المال".
رغم أن المصرفيين يقولون إن اقتراض الديون الثقيلة في تمويل الصفقات leverage لا يستخدم على نطاق واسع في الشرق الأوسط كما هي الحال في الغرب، إلا أن الاقتراض لا يزال يعد من الاستراتيجيات الرئيسية لدى شركات الأسهم الخاصة.
يقول الخبراء إن الصفقة حين تدخل في خانة الديون الثقيلة فإن معنى ذلك أن قيمة الدين تكون أربعة أو خمسة أضعاف أرباح الشركة المستهدفة قبل احتساب مبالغ الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء.
ولكن البنوك الدولية التي كان من الممكن في السابق الاعتماد عليها لتقديم الديون الكبيرة اللازمة لتمويل الصفقات، هذه البنوك تقلص الآن بصورة سريعة عملياتها في تقديم القروض الكبيرة لصفقات الشراء الكامل للشركات.
تعاني شركات الأسهم الخاصة المحلية انقباضا ائتمانيا في السوق المحلية، وهو انقباض يتوقع له الاقتصاديون أن يعمل على الحد من الاقتراض، رغم عمليات حقن السيولة التي جرت في الفترة الأخيرة.
وما بقي في السوق من الائتمان القليل هو الآن مرتفع التكلفة إلى حد كبير، ما يجعل الصفقات لا تعطي الأرباح المرجوة.
يقول كريم الصلح، كبير التنفيذيين لشركة جلف كابيتال Gulf Capital في أبو ظبي، إن تكلفة الديون الثقيلة ارتفعت إلى الضعف خلال الأشهر القليلة الماضية، ويضيف: "بعض الناس لا يزالون في حالة من الإنكار. نحن ننظر الآن إلى صناعة شراء الشركات بالكامل بالديون الثقيلة LBO ولكن منذ فترة لا وجود للمصادر التي يمكن الاستدانة منها".
أصبحت الأسهم الخاصة من الصناعات الرائجة في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، ولكن زخمها آخذ في التباطؤ الآن. في السنة الماضية تمكنت عشرة صناديق من اقتراض مبلغ مقدار 3.5 مليار دولار، ولكن في هذا العام لم يتم الإعلان حتى الآن إلا عن ثلاثة صناديق، ولم يتم اعتماد إلا مليار دولار للقروض، وفقاً لشركة بريكن Preqin، وهي متخصصة في تقديم البيانات حول شركات الأسهم الخاصة.
تقدر بريكن أن 25 صندوقاً لا تزال تسعى بنشاط لاقتراض مبالغ في حدود 12 مليار دولار. يقول المطلعون على أمور صناعة الأسهم الخاصة إن هذه الصناديق ربما تواجه صعوبات في تحقيق أهدافها.
خلال السنوات الأخيرة تم إنشاء ما يزيد على 100 صندوق في الخليج، ولكنها لم تتمكن جميعاً من الأداء حسب المستوى المتوقع. يقول الصلح إنه حين نخاطب المستثمرين الآن "فلن يكونوا تواقين لإقراض أموالهم لنا".
"في العاصفة يستطيع حتى الديك الرومي أن يطير. . . ولكننا سنشهد الآن نوعاً من التكامل والاندماج في المنطقة".
والشركات التي لا تزال تمتلك أموالاً للإنفاق ربما تجد أن الخليج هو منطقة تشكل تحدياً للمستثمرين في هذا المجال.
معظم الشركات تعود ملكيتها لعائلات لا تريد التخلي عن سيطرتها على شركاتها، وكثير من شركات الأسهم الخاصة توجهت إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وإلى بلدان مثل مصر والأردن وتركيا، التي هي أكثر تقبلاً للاستثمار.
إن منطقة الخليج، أكثر حتى من بقية الشرق الأوسط، تنتشر فيها بكثرة العلاقات الشخصية. ويعترف الصلح بأنه لعقد الصفقات "لا بد أن تشرب كثيراً من القهوة مع المالكين".
وبالتالي فإن معظم الصفقات في منطقة الخليج تقوم على شراء حصص الأقلية، مثل قيام شركة إنفستكورب Investcorp في البحرين بدفع مبلغ 98 مليون دولار لشراء حصة مقدارها 36 في المائة من أسهم شركة ريدنجتون جلف Redington Gulf، وهي وحدة تابعة لشركة توزيع تكنولوجيا المعلومات الهندية ريدنجتون إنديا Redington India.
بالنظر إلى الجيشان الذي يعصف بأسواق المال، والمزاج العام المتشائم للمستثمرين، فإن الشركات التي تجلس الآن على محافظ استثمارية ناضجة ربما تضطر كذلك إلى التحلي بالصبر فترة من الزمن قبل تصفية صفقات معينة. يذكر أن مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب للأسواق العربية MSCI Arabian Markets هوى بنسبة 32 في المائة هذا العام. وبالنسبة للمستقبل المنظور يقول أحمد هيكل "لا مجال لتصفية الصفقات الآن. انس الموضوع".
مع ذلك فإن شركاء الأسهم الخاصة يرون بعض النقاط المضيئة. يقول بعضهم إن الصدمة النفسية للانقباض الائتماني وهبوط أسعار الأسهم في البورصات يمكن أن تجعل الشركات الخاصة في معظم أنحاء المنطقة أرخص من ذي قبل وأطوع للاستحواذ من قبل شركات الأسهم الخاصة.
يقول مصطفى عبد الودود، العضو المنتدب لشركة أبراج كابيتال، إنه بالنظر إلى هبوط الأسعار "فإن عام 2009 يمكن أن يكون سنة طيبة للغاية بالمسبة للأشخاص الراغبين في الاستثمار في هذا المجال".

"فايناشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"

الأكثر قراءة