"رسملة": التطمينات والإجراءات تفشل في تبديد المخاوف والأسهم تمر بأسوأ فتراتها

"رسملة": التطمينات والإجراءات تفشل في تبديد المخاوف والأسهم تمر بأسوأ فتراتها

قال تقرير لشركة رسملة للاستثمار إن الإجراءات ومحاولات الطمأنة التي اتخذتها البنوك المركزية والحكومات فشلت في تبديد المخاوف في الأسواق التي تمر في أسوأ فتراتها، حيث جاءت عمليات البيع المذعورة وسط مخاوف من تفاقم أزمة الأسواق العالمية.
ووفقا للتقرير الذي صدر أمس في دبي فإنه بعد الأداء الضعيف الذي شهده شهر آب (أغسطس)، الماضي وصل ضغط البيع في أسواق الأسهم في المنطقة ذروته في شهر أيلول (سبتمبر) وفي الأسبوع الأول من تشرين أول (أكتوبر)، لتكون تلك الفترة الأسوأ في تاريخ العديد من الأسواق.
فقد جاءت عمليات البيع المذعورة وسط تفاقم أزمة الأسواق العالمية، التي ضربت نظام البنوك العالمية بشكل خاص.
وزادت الخسائر الكبيرة في أسعار النفط، الذي هبط من أعلى سعر له ما يقارب 150 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) نتيجة البيع السلبي الذي ساد الأسواق، وذلك على الرغم من أن الأسعار الحالية التي تبلغ نحو 90 دولارا للبرميل الواحد تقترب من ضعف افتراضات الميزانيات. ويؤدي الذعر الذي يسود الأسواق الإقليمية والعالمية إلى التغاضي تماما عن الفرق الهائل بين الوضع الاقتصادي في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، والوضع في الكتل الاقتصادية الأخرى.
وقد أخفقت الإجراءات المختلفة ومحاولات الطمأنة الشفوية من البنوك المركزية في المنطقة في تبديد مخاوف مجتمع المستثمرين الإقليميين في الأسبوع الأول من الشهر الجاري حول كون النظام المصرفي والمالي في المنطقة في أمان نسبي من معظم المشكلات التي تضرب النظام العالمي. وبادرت العديد من البنوك في المنطقة إلى الإفصاح عن مدى علاقتها بالمؤسسات العالمية المنهارة مثل "ليمان براذرز"، ولكن هذه الشفافية لم تفلح حتى الآن في طمأنة المستثمرين.
وعلى الرغم من أنه من غير المنطقي أن تكون المنطقة محصنة تماماً أمام الهزة المالية العالمية غير المسبوقة، لكن في رأينا أنه من الممكن السيطرة على المخاطر التي تواجه النظام المالي والاقتصادي. وحتى إعداد هذا التقرير كان البنك المركزي في كل من الإمارات والكويت قد انضما إلى البنوك المركزية العالمية الأخرى في خفض أسعار الفائدة، فيما يتوقع أن تحذو حذوهما بقية البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن الصعب أخذ العبر من تحركات أسواق الأسهم بناء على خسائر الأسابيع الماضية، حيث أدت حالة الذعر إلى عمليات بيع عشوائية دون الاهتمام بالتقييمات أو نمو الأرباح أو وجود المستثمرين الأجانب.
وكانت أسواق دبي والسعودية ومصر أكثر الأسواق تأثراً، حيث بلغت خسائرها الشهر الماضي وحده ما يقارب 20 في المائة، إضافة إلى خسائر مماثلة في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، أما سوق الأسهم الكويتية فقد حافظت نسبياً على أدائها، حيث شهدت تقلبات أقل من الأسواق الأخرى، ولكنها مع ذلك خسرت ما يقارب 12 في المائة من قيمتها الشهر الماضي، وكانت السوق الوحيدة بين كبرى أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تنهي شهر أيلول (سبتمبر) بأرباح ضئيلة من بداية العام حتى ذلك التاريخ، لكن حتى تلك الأرباح تلاشت في الأيام الأولى من الشهر.

السعودية: انهيارات دون مستويات الدعم

بعد تحسن كبير في النصف الثاني من شهر آب (أغسطس)، شهدت أكبر الأسواق العربية سقوطا مدوياً في أيلول (سبتمبر)، حيث انهارت دون عدد من مستويات الدعم الفني، وفي وقت إعداد التقرير كان مؤشر "تداول" السعودي، الذي انخفض لأقل من مستوى 6000 نقطة للمرة الأولى خلال أربع سنوات، قد شهد تحسنا متأخرا في الثامن من الشهر الجاري عندما توقع المستثمرون من مؤسسة النقد السعودي أن تتبع خطى بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة والبنوك المركزية في أوروبا وآسيا وتقوم بخفض أسعار الفائدة.
وسعت مؤسسة النقد السعودي في تعليقاتها الأخيرة إلى طمأنة مجتمع المستثمرين بأن البنوك السعودية واقتصاد الدولة بشكل عام ليس لها علاقة مباشرة بالمؤسسات المالية التي تضررت بالقدر الأكبر من الكارثة المالية العالمية. كما أكد المسؤولون في مؤسسة النقد السعودي على وضع السيولة المطمئن في النظام المصرفي، حيث شهد النمو النقدي والودائع ارتفاعا تجاوز 20 في المائة في الأشهر الثمانية الأولى من 2008، وأكدت كذلك أنها تمتلك جميع الأدوات والموارد التي تساعد على ضخ السيولة في النظام. وعلى الرغم من ذلك فقد تركز الاهتمام على قطاع البنوك السعودي، وانتظر المستثمرون بلهفة إعلان كبرى البنوك عن أرباحها. وقد أعلن بنك الرياض، ذو الوزن الثقيل، عن انخفاض كبير في أرباح الربع الثالث، معللا ذلك بالخسائر في أسواق المال العالمية الذي يتعامل فيه البنك، في الوقت الذي أكد فيه النمو في أرباحه المحلية.
أما بنك الراجحي فقد أعلن ثبات أرباحه الفصلية، فيما أعلن بنك سامبا انخفاضا طفيفا في أرباحه للربع الثالث. وسيكون انتعاش أسعار أسهم قطاع البنوك في غاية الأهمية للسوق السعودية، حيث إن القطاع خسر ما يقارب 50 في المائة من قيمته السوقية حتى الآن خلال عام 2008.
وقد أدت الخسائر الهائلة في الأسابيع الماضية إلى أن تصبح التقييمات في سوق الأسهم السعودية حول 11 مرة من أرباح عام 2008، وبحصيلة توزيعات أرباح تبلغ نحو 3.5 في المائة. ويتوقع أن تؤدي أية إشارات إلى استقرار الأسواق المالية العالمية المتأزمة إلى تعافٍ كبير في السوق السعودية وارتفاعها عن هذه المستويات الجاذبة تاريخياً.

الإمارات: أسوأ الأسهم المتأثرة بالأزمة العالمية

كانت الأسهم المدرجة في أسواق الإمارات، وخاصة في سوق دبي من أسوأ الأسهم المتأثرة في الأسواق الإقليمية، بل والعالمية وكان قطاع العقارات محط الأنظار بشكل خاص، بينما بلغت خسائر عام 2008 لدى كبار الشركات العقارية من أمثال إعمار والدار العقارية 60 و 50 في المائة على التوالي، وذلك وسط مخاوف تحيط بوضع السوق العقارية في الدولة وبتوافر التمويل للمشاريع المعلن عنها وبيع المستثمرين الأجانب لتلك الأسهم التي كانت تشهد تداولا كبيرا في السابق.
كما ظهرت مخاوف تحيط بالنظام المصرفي، حيث أثار النمو الذي قارب 50 في المائة في التسهيلات الائتمانية مخاوف المستثمرين من أن يؤدي ذلك إلى مشكلات تمويلية خلال أزمة السيولة العالمية. وقد وصلت خسائر البنوك الكبرى من أمثال بنك أبو ظبي الوطني وبنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبو ظبي التجاري إلى 40 – 50 في المائة عام 2008. وقد أسهمت تسهيلات الإقراض التي أعلنها البنك المركزي الإماراتي بقيمة 14 مليار دولار في تخفيف توتر المستثمرين بشكل ضئيل على المدى القصير، بينما فشلت إعلانات أرباح الربع الثالث من قبل كل من شركة ديار للتطوير العقاري وشركة أملاك للإقراض العقاري، واللتين أعلنتا عن نمو كبير في الأرباح، في إعادة أجواء الهدوء إلى السوق.
وأكد تقرير حديث نشرته "مورغان ستانلي" عن المتانة في الاقتصاد الإماراتي، التي يتوقع التقرير نموها بمعدل 6 في المائة في عام 2009. كما أكد التقرير نسبة مريحة لكفاية رأس المال في النظام المصرفي، على الرغم من الضغوطات الأخيرة الناشئة عن النمو الكبير في التسهيلات الائتمانية. وقد بين تقرير نشرته حديثا وكالة تصنيف الائتمان ستاندرد آند بورز أن الوضع المالي والسيولة في الإمارات العربية المتحدة لا يزال متينا على الرغم من انعكاسات الأزمة المالية العالمية.
ويمكن توقع تحسن ملحوظ من الخسائر غير المبررة بعد قيام البنك المركزي الإماراتي بخفض أسعار الفائدة في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)، وتخفيض تكلفة تسهيلات البنك المركزي البالغة قيمتها 14 مليار دولار، ولكن مصير الأسهم المدرجة في المستقبل القريب يعتمد على استقرار الأسواق العالمية. وتعد التقييمات في السوق الإماراتية، التي يبلغ معدلها 8.5 مرة من أرباح عام 2008، الأقل في المنطقة وواحدة من أكثر التقييمات جاذبية في العالم، ما يزيد من احتمالية التعافي من تلك المستويات بشكل كبير على المدى المتوسط.

الكويت: مرونة نسبية في وجه الأوضاع المتردية

أبدت السوق الكويتية مرونة نسبية في وجه الوضع السوقي المتردي في الأسابيع الماضية. ولكن مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية على الرغم من ذلك أنهى أيلول (سبتمبر) على انخفاض بلغ نحو 11 في المائة خلال الشهر، وفي وقت إعداد هذا التقرير، كانت السوق قد خسرت 10 في المائة أخرى في الأسبوع الأول من تشرين الأول (أكتوبر).
وسجلت الشركات الاستثمارية أكبر الخسائر، بينما أبدى قطاع البنوك التجارية أداء جيدا نسبيا. وقد حصلت السوق على بعض الدعم في أعقاب إعلان هيئة الاستثمار الكويتية أنها ستزيد استثماراتها في السوق المحلية، كما يتوقع أن يسهم خفض أسعار الفائدة بنسبة 1 في المائة - 1.25 في المائة في دعم السوق.
وتشهد السوق الكويتية حاليا تداولا على تقييمات تبلغ نحو 9.3 مرة أرباح عام 2008 وحصيلة توزيعات أرباح بنسبة 4 في المائة، وتعد هذه النسب جذابة مقارنة بالأسواق الإقليمية والعالمية. وستستفيد السوق من كل من انعزالها النسبي عن الهزة العالمية ومن الدعم الذي تتلقاه من الهيئات الاستثمارية الحكومية. كما ستسهم سياسات الدولة المالية المستقلة نسبيا في خدمة السوق، حيث إن البنك المركزي قادر على معالجة مشكلتي التضخم وانعكاسات مشكلات السيولة العالمية بفضل امتلاكه نسبا أعلى من المرونة المالية مقارنة بأسواق دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

قطر: انسحاب الاستثمارات الأجنبية

كان هناك ارتباط كبير جدا بين السوق القطرية والذعر الذي ساد الأسواق العالمية وانخفاض أسعار النفط، ما أدى إلى إنهاء الأسهم القطرية أيلول (سبتمبر) على انخفاض بنحو 11 في المائة أتبعته بخسارة بنحو 10 في المائة في الأسبوع الأول من الشهر الجاري
وقد كان لانسحاب الأموال الأجنبية من السوق، وهو الأمر الذي تمت مناقشته على عدة أصعدة، أثر قاس على الأسهم التي تشهد تداولا واسعا مثل صناعات قطر، التي خسرت أسهمها خسارة مذهلة بلغت 35 في المائة من قيمتها خلال أيلول (سبتمبر) والأسبوع الأول من الشهر الجاري، أما قطاع البنوك فقد أبدى أداء أفضل بقليل حيث شهدت أسهم البنوك الكبرى مثل بنك قطر الوطني وبنك قطر الإسلامي خسائر قدرها 30 و 22 في المائة من قيمتها على التوالي في الفترة ذاتها. وقد أدت هذه الخسائر الضخمة إلى وصول التقييمات في السوق القطرية إلى 12 مرة من أرباح عام 2008، وهو رقم لا يزال أعلى من العديد من الأسواق الإقليمية، وتظل السوق عرضة للتأثر الكبير بأسعار النفط وبالوضع العالمي على المدى القريب قبل أن يعود التركيز على أسس الاقتصاد القطري الإيجابية من جديد.

سلطنة عُمان: قدر كبير من التقلب

أبدت السوق العمانية قدراً كبيراً من التقلب في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، حيث خسرت ما يقارب 15 في المائة في أعقاب خسارتها التي بلغت 11 في المائة في أيلول (سبتمبر). وفي وقت إعداد هذا التقرير كانت السوق قد استعادت نصف خسائرها التي شهدتها في الأسبوع الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، وذلك في تفاعل للمستثمرين مع عمليات خفض أسعار الفائدة التي تمت عالميا وإقليميا.
وجاءت أخبار أرباح المؤسسات الكبرى من بنك مسقط فقط، الذي أعلن نمو أرباح طفيف في الربع الثالث. إلا أن البنك الذي يعد من أهم البنوك في السوق، خسر ثلث قيمته عبر الأسابيع الخمسة الماضية. أما خارج قطاع البنوك، فقد أبدت شركة الاتصالات الكبرى عمانتل أداء جيدا نسبيا، حيث خسرت 8 في المائة فقط من قيمتها في الفترة ذاتها، ما قدم بعض الدعم للسوق. وتعمل السيولة المخففة نسبياً في هذه السوق على زيادة التقلب إلى مستويات لم تعهدها منذ أزمة السوق عام 1998. وعلى الرغم من الخسائر الضخمة أخيرا، ما زالت نسبة الأسعار إلى الأرباح 14 ضعفا من أرباح عام 2008، مقارنة بمعدل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي البالغ عشرة أضعاف.

مصر: أسوأ فترات السوق

عانت السوق أسوأ فترة لها منذ أزمة الأسواق الناشئة عام 1998، وخسرت نصف قيمتها خلال الأشهر الستة الماضية. وكانت السوق المصرية تقليدياً أكثر الأسواق تأثراً بالتدفقات الاستثمارية العالمية، ومع سوء المناخ الاستثماري الإقليمي كذلك فلم يكن هناك أي منقذ لهذه الأسواق، ما جعل المستثمرين الأفراد المحليين يقومون بعمليات بيع مكثفة أدت إلى خسارة قدرها 20 في المائة وتعطل التداول في بعض الأيام.
وسيوفر انخفاض أسعار الغذاء والطاقة بعض الدعم للاقتصاد المحلي، والذي عانى ضغط ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد عجز الميزانية، فيما تتعرض السلطات لضغوطات من أجل كبح نمو التضخم وزيادة رواتب موظفي القطاع العام.

الأكثر قراءة