مخاوف الكساد العالمي ترهق سوق النفط

مخاوف الكساد العالمي ترهق سوق النفط

مع التقلبات التي أصبحت ديدن أسواق المال، فإن تركيز الأنظار تجاوز المتابعة اليومية، بل حتى الأسبوعية لتحركات سعر البرميل، وأصبح التركيز على وضع الطلب وإذا كان قد وصل إلى مرحلة التحطيم الكلي لأسباب تتعلق بتأثير ارتفاع الأسعار خلال الأعوام الماضية وتأثير الأزمة المالية التي تهدد بالتحول إلى كساد عالمي، خاصة مع مؤشرات عدم الاستجابة للإجراءات التي تتخذها السلطات الحكومية من خلال المصارف المركزية للتصدي للأزمة.
فخلال الشهر الماضي كله تراجع سعر برميل النفط بنحو 13 في المائة إلى أقل من 100 دولار للبرميل، بينما تراجع في أول ثمانية أيام من هذا الشهر فقط بنحو 12 في المائة، بل إنه في يوم الجمعة الماضي تراجع سعر البرميل إلى أقل من 80 دولارا، وهو أقل معدل خلال فترة عام، الأمر الذي لا يشير إلى ضعف الطلب فقط، وإنما لعدم وجود أرضية يمكن للسعر الاستناد إليها لوقف التراجع المستمر في سعر البرميل. ويظهر هذا في أنه حتى قرار منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) عقد اجتماع استثنائي الشهر المقبل لم ينجح في لجم الاتجاه التنازلي للأسعار. كما أن العوامل الجيوسياسية مثل أزمة الملف النووي الإيراني أو عمليات العنف التي تستهدف الصناعة النفطية في نيجيريا تراجع تأثيرها كثيرا خلال هذه الفترة، وبالتالي لم تعد محركا لسعر البرميل إلى أعلى، كما كان يحدث في السابق مع ورود أي أنباء عن تحركات في هذا الجانب يشتم منها التأثير في وضع الإمدادات.
ومع أن العديد من الدول الأعضاء في "أوبك" يتداول فكرة خفض الإنتاج بنحو المليون برميل يوميا، إلا أن القرار الرئيس سينتظر الوضع عندما يلتئم الوزراء. ويبدو واضحا من توقيت الاجتماع الذي سينعقد عقب الانتخابات الأمريكية أن الوزراء يبحثون عن بعض المؤشرات التي يمكن أن تساعدهم على اتخاذ القرار. فالولايات المتحدة ليست فقط أكبر مستهلك للنفط ودولة عظمى، وإنما لأن الأزمة المالية التي تجتاحها حاليا تحتاج إلى قيادة سياسية. ونوعية الفائز في الانتخابات ستلعب دورا في إدارة دفة الأزمة، التي تؤثر بصورة مباشرة في الوضع الاقتصادي العالمي، كما تؤثر بالتالي في الطلب على النفط.
لكن من ناحية أخرى فإن عدم تنفيذ قرار المنظمة السابق خفض الإنتاج 520 ألف برميل يوميا يطرح السؤال القديم حول مدى التزام "أوبك" بقراراتها، مع ملاحظة أن الدول الأعضاء تعودت على مداخيل عالية من مبيعاتها النفطية خلال السنوات السابقة، وهو ما يدفعها من جانب إلى اتخاذ قرارات بخفض الإنتاج، لكنها تلجأ في الغالب إلى تجاوز حصتها الإنتاجية للتعويض عن تراجع عائداتها المالية.
وفي هذه الأثناء تتوالى الإشارات الدالة على انخفاض الطلب. فالوكالة الدولية للطاقة قامت في تقريرها الأخير الذي بثته يوم الجمعة بمراجعة تقديراتها للشهر الماضي لوضع الطلب فخفضت من المعدل الذي كانت تقدره لهذا العام بنحو 240 ألف برميل يوميا إلى 86.5 مليون، والعام المقبل 440 ألف برميل إلى 87.2 مليون. من جانبها فإن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قدرت أن الطلب العام المقبل سيكون أقل من 1 في المائة، كما أن صناديق التقاعد والتحوط بدأت تتخلص من مراكزها القائمة على سلعة النفط للحصول على السيولة المالية.
ومن تلك المؤشرات أيضا التراجع في استهلاك المنتجات المكررة. فالطلب على البنزين سجل انخفاضا مقداره 5.3 في المائة إلى 8.8 مليون برميل في المتوسط، وذلك مقارنة بالفترة من العام الماضي. ووجدت هذه التطورات طريقها إلى المستهلك حيث سجل سعر جالون الوقود تراجعا ملحوظا.

الأكثر قراءة