ضيوف مجلس الرفاعي يناقشون جدل فتاوى القنوات الفضائية

ضيوف مجلس الرفاعي يناقشون جدل فتاوى القنوات الفضائية

شدد الدكتور عبد الرحمن الشهري على أهمية فهم الدين بالشكل الأمثل وفهم مقاصده وحدوده، وأن ديننا الإسلامي كامل وقوي ولا يستحيا مما ورد فيه صحيحا، منتقدا في الوقت نفسه كثرة القنوات الفضائية الإسلامية على حساب الجودة مما جعل كثيرا منها يكرر نفسه.
جاء ذلك في النقاش الذي دار حول الإفتاء وثقافة المجتمع وكيف يستطيع المسلم أن يصل إلى المعلومة الصحيحة دون تشنج أو تساهل في الناحية الأخرى في مجلس الرفاعي الذي بدأ جلساته في الفترة الأخيرة.
وذكر الدكتور عبد الله الرفاعي (أكاديمي) أن انتشار الشعور أن الشيخ الجيد هو من يصعّب المسائل على الناس هذه مصيبة ثقافية موروثة باطلة، والمشكلة ليست في العلماء الذين لا يتطلع الناس إليهم أصلا، لكن المشكلة في المتشدد الذي تلتف حوله الجماهير.
وداخل الدكتور محمد العبد الكريم (أكاديمي وإعلامي) أن القضايا الشرعية في مجتمعنا ارتبطت بالعادات الاجتماعية، ويستطيع أي شيخ من خلال ذلك في مدة وجيزة أن يكون قاعدة جماهيرية تشجع رأيه وتتعصب له، وهذه النجومية تؤثر في النظرة المحايدة بمعزل عن الجماهير، ويتورط هذا في مسايرة الحشود، فيندفع في أمور كثيرة، ومن أمثلة ذلك أن أحدهم مثلا في غمرة حديثه أمام الجماهير الواضح حماسهم معه ذكر حديثا ضعيفا دون الإشارة إلى صحته من عدمها، وبالطبع فإن مثل هذا قد يشوش على كثير من المسلمين فهمهم للقضايا.
وعاد الدكتور الرفاعي ليداخل مذكرا بأن بعض الأحاديث وإن كانت صحيحة يجب أن تذكر في السياق المناسب وفي الموقف المناسب حتى لا يكون تأثيرها عكسيا بسبب الفهم الخاطئ من العامة، وتساءل بعض الحضور: هل يوجد من الصحاح ما لا ينصح بطرحه على الملأ خاصة في وسائل الإعلام المباشرة؟ وجاء الرد من الدكتور عبد الرحمن معاضة الشهري – أكاديمي وإعلامي- أن الفضائيات الآن والبرامج المباشرة تحديدا لا تترك لك خط رجعة في اختيار من يسأل ويناقش على الهواء، فمثلاً يتصل عليك أحدهم ويسأل وإذا لم تجبه اتصل عليك في اللقاء التالي وهكذا، وحصل أن سأل متصل على الهواء في برنامج يبث للدكتور عبد الرحمن الشهري قائلاً "ياشيخ من هي ماشطة فرعون؟" فقال الضيف: "هذا كلام لا يسأل عنه، اسأل يا أخي عما ينفعك في دينك!" وكان الأولى أن يذكر أن ماشطة فرعون هي تلك المرأة التي آمنت بموسى عليه السلام، و في حلقة تالية اتصل الشخص نفسه ليسأل عن السؤال نفسه، فقلت له أبشر سنرد على سؤالك إن شاء الله، المقصود أن التحكم فيما يخرج على الهواء من أسئلة ليس ممكنا، وليس في ديننا ما يستحى منه لأن ديننا جاء واضحا جدا وقويا جدا، وقوته في بساطته ووضوحه، فما الذي تخشاه إذا حدثت بحديث الذبابة أو الفار مثلا؟ لكن بشرط أن يكون عندك علم ومعرفة وحكمة في عرض الإجابة أو الحديث، ومن جرب الإعلام يكتشف أن الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كالإبل المائة لا تكاد تجد منها راحلة، بعضهم من حملة الشهادات وحملة الأقلام لكن المميز منهم يصعب إيجاده، ولو تأملنا القرآن المكي ـ الجزء الذي نزل في مكة المكرمة - تلاحظ أنه يبني أناسا يحملون رسالة، فيعلمك الحجج والأسلوب والتفاصيل الدقيقة التي تجعلك مؤهلا لتبليغ الرسالة إلى العالم، وأين نحن من هذا كله تكتشف أن أحدهم لا يستطيع حمل رسالة إلى جاره أو زوجته وأهل بيته، والضعف الذي يعترينا هو بسبب أننا لم نستطع أن نأخذ العلم بقوة، وقد ألف العلماء من قبل في البداهة وحسن الجواب وحضور الذهن، وهي ثغرة موجودة عندنا.
وانتقد الشهري كثرة القنوات الإسلامية على حساب الجودة، والمشكلة أن الفئة المستهدفة واحدة ونحن نخاطبهم جميعا، حتى التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتجد الوجوه تتكرر في جميع القنوات بنفس الطريقة والأسلوب الخطابي التقليدي، ولا تزال الحاجة لتدريب القدرات الإعلامية التدريب الصحيح حتى من المشايخ الذين يقدمون البرامج المتخصصة، ولا أدري هل مجرد وجود رأس المال هو مؤهل كاف لفتح قناة جديدة .
يذكر أن مجلس الرفاعي يعقد أسبوعيا في بيت الدكتور عبد الله الرفاعي على طريق الملك فهد قريبا من برج المملكة، والحديث فيه مفتوح ويناقش كل شيء عن أي شيء، وربما يبدأ الحديث عن سوق الأسهم وتداعياتها ليصل إلى الإعلام ودوره سلبا وإيجابا، إلى الأوضاع والقضايا الاجتماعية.
ولا يخرج المجلس عن أدب الحوار مهما زادت حدة النقاش وشدته، وهو صورة مصغرة من منتديات الحوار الوطني إلا أنه أكثر جرأة وأبسط ترتيبا، ولا يمنع أي من المشاركين من أن يدلي برأيه سواء منطقه الخاص أو حكمه، وإلا فالمجلس يضم من المهندسين والتجار والأكاديميين في الشريعة والدين ومناحي الحياة الأخرى.
وترى في المجلس طبيب الأسنان يقف بشدة خلف رأي شرعي يراه صحيحا دون غيره، ويعارضه أستاذ الشريعة بهدوء وصراحة قد تختلف مع رأيه الشرعي "المحافظ"، إلا أن الرجلين يخرجان بعد انفضاض المجلس وكأن شيئا لم يكن.
يذكر الدكتور عبد الله الرفاعي صاحب المجلس الثقافي أن مجلسه مفتوح لكل أحد، تجد فيه الأكاديمي وغيره والمتخصص والبعيد عن التخصص، وهو صورة للشارع المثقف الواعي بعيدا عن الخطوط الحمراء التي تمنع من الحديث بصراحة، مع مراعاة آداب الحوار.

الأكثر قراءة