وُلد ليشتري: ثقافة التسويق التي يتربى عليها الأطفال!
في عصر السماوات المفتوحة الذي نعيش فيه، نجد أن الحملات التسويقية تستهدف الأطفال في كل مكان، في التلفاز واللافتات المضيئة في الشوارع وفي مجلات الأطفال المتخصصة وعلى الإنترنت.
تستعرض مؤلفة الكتاب جوليت سكور، اعتمادا على الأبحاث التي أجرتها وخبرتها الكبيرة في مجال الإعلان، جهود التسويق المتعددة الأحجام والمجالات والفعالية التي يتربى عليها الأطفال، التي تجعل منهم كائنات مستهلكة منذ أولى مراحل وعيهم، فالإعلانات والرسائل الإعلانية التي تطلقها تؤثر على الأطفال وما يريدون أن يشتروه وكذلك على صورتهم وهويتهم الذاتية.
يدرس الكتاب توابع توجيه الإعلانات للأطفال وتعرضهم لها وتأثيراتها النفسية عليهم والتأثيرات الاجتماعية للإعلانات على النشء. من الصعب بالفعل كتم الإحساس بالغضب تجاه جشع وقوة وتأثير صناعة الإعلان كما يصورها الكتاب، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحويل الأطفال في سنوات طفولتهم الأولى إلى مستهلكين شرهين لكل المنتجات التي يتعرضون لهجوم إعلاناتها عليهم.
يمزج الكتاب بين بيانات الأبحاث التي قامت بها المؤلفة والحكايات التي تحكيها لشرح ونقل صورة الموقف للقراء. هناك من يقترح مواجهة قوة وابتكارات الثقافة الاستهلاكية والزخم الإعلاني بمجرد بعض الرقابة الأبوية ووضع قواعد لما يشتريه الأطفال وما لا يسمح لهم بشرائه. هذا الأسلوب ربما كان فعالا منذ عشر سنوات ولكنه الآن لا يكفي أبدا.
في الوقت الحالي، وطبقا لما يقوله الكتاب، فإن الطفل العادي الذي يبلغ العاشرة من عمره يمكنه تذكر نحو 400 علامة تجارية، والطفل العادي في روضة الأطفال يمكنه التعرف على 300 شعار إعلاني، أي أن الأطفال منذ نعومة أظفارهم يبدؤون في التفاعل مع الإعلانات ويتعرفون على الثقافة الاستهلاكية مبكرا لتصير فيما بعد متأصلة فيهم.
يعتبر البعض هذه العملية غسيل مخ، ويظنها آخرون تعبيرا عن عبقرية صانعي الإعلانات، إلا أنها في النهاية تتلخص في استهداف لأطفال الصغار مباشرة وباستمرار لاستغلالهم في تحقيق أرباح ومكاسب من بيع المنتجات لهم أو دفع أهاليهم لشرائها. كذلك تستهدف الإعلانات الموجهة للصغار زرع العلامة التجارية في رؤوسهم حتى يكونوا مستهلكين محتملين لها على المدى البعيد.
من العروض التلفزيونية إلى الألعاب وألعاب الفيديو والملابس والمأكولات المعلبة الخفيفة كالمقرمشات وغيرها، ينهمر على الأطفال سيل من الرسائل إلى عقلهم الباطن تدفعهم إلى الشراء والإسراف في الشراء. يشوه هذا الهجوم الإعلان فكرة الأطفال عن العالم من حولهم وعن ما هو مهم وغير مهم فيه.
تتضمن الأبحاث التي قامت بها مؤلفة الكتاب الكثير من المقابلات الشخصية مع شرائح كبيرة من الناس ذوي الصلة مثل المديرين التنفيذيين في شركات الإعلان ومديري التسويق وحتى الأطفال أنفسهم.