الاضطرابات المالية الأخيرة تُخفّض قيمة استثمارات مصارف المنطقة في السندات وصناديق التحوط

الاضطرابات المالية الأخيرة تُخفّض قيمة استثمارات مصارف المنطقة في السندات وصناديق التحوط

توقع عبد المحسن العمران رئيس شركة مكتب العائلة المتخصصة في إدارة الأصول والثروات المالية، أن يكون بعض بنوك المنطقة - إن لم تكن غالبيتها - تعرضت لانخفاض في قيمة استثماراتها العالمية المتعلقة بالسندات أو صناديق التحوط "على خلفية الاضطرابات الأخيرة في أسواق المال الأمريكية والعالمية، لافتا إلى أن ذلك سيؤثر في ربحية المؤسسات المالية والمصارف الخليجية، ويُفترض أن تظهر في حساب الأرباح والخسائر للربع الثالث ، أو قد يلجأ البعض لتضمين الأصول الخاسرة في حقوق المساهمين تفاديا لبيان الخسائر بصورة مباشرة.
ولم يستبعد في حديثه لـ "الاقتصادية" شراء الصناديق السيادية الصينية حصة في مصرفي "جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي"، لتمتعها بسيولة عالية ورؤوس أموال ضخمة، مرجحا أن تشتري الحكومة الأمريكية الديون المتعثرة التي أعلنت عنها ضمن خطة إنقاذ تقدر بنحو ثلاثة أرباع تريليون دولار، عبر إصدار سندات " من المؤمل أن تشتري معظمها الصناديق السيادية في العالم".
وقال العمران إن بعض بنوك المنطقة تعرضت لانخفاض في قيمة استثماراتها العالمية سواء المتعلقة بالسندات أو صناديق التحوط " في ضوء الأزمة المالية الناتجة عن تداعيات أزمة الرهن العقاري الأمريكي و لا سيما الأخيرة منها".
وتوقع - تبعا ذلك - أن تؤثر الخسائر في أسواق المال العالمية وبالذات الأمريكية، على ربحية المؤسسات المالية والمصارف الخليجية، ويُفترض أن تظهر في النتائج المالية للربع الثالث من العام الجاري الذي ينتهي في أيلول (سبتمبر)، منوها بأن بعض تلك المؤسسات قد تعمد للكشف عن ذلك في حساب الأرباح والخسائر، بينما قد يلجأ البعض الآخر لإعادة تقييم الأصول الخاسرة ضمن حقوق المساهمين تفاديا لبيان الخسائر بصورة مباشرة.
ورجح أن تشتري الحكومة الأمريكية "بثمن بخس" الديون المتعثرة التي أعلنت عنها أخيرا ضمن خطة إنقاذ بـ 700 مليار دولار، عبر إصدار سندات حكومية، مشيرا إلى أن الصناديق السيادية في العالم مرشحة للاستثمار وشراء معظم تلك السندات.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية اقترحت إنشاء صندوق قيمته 700 مليار دولار لشراء حصة كبيرة من الديون المشكوك في تحصيلها جرّاء أزمة الرهن العقاري.
ورأى العمران أن الخطة الأمريكية لتهدئة الأسواق وإنقاذ المؤسسات المالية والمصرفية وتحصين النظام المالي، ما زالت تحتاج لعدد من الإجراءات بينها موافقة الكونجرس الأمريكي، مؤكدا أن المسألة لا تقتصر فقط على ضخ السيولة،" وإنما تتطلب تعديل قوانين البنوك الاستثمارية والتجارية لتفادي المشكلة الأساسية وهي الإقراض بمستوى يزيد على حجم رأس المال".
واستشهد في مجال الإقراض المفرط ببنك "ليمان براذرز" حيث كانت قيمة المطلوبات إلى حقوق المساهمين 30 ضعفا، في حين لا تزال مؤسسات مثل "جولدمان ساكس" و "مورجان ستانلي" لديها مطلوبات بين 24 و 25 ضعفا من حقوق المساهمين، "ما يجعلها عرضة للتذبذب والمخاطر في مثل هذه الأوقات".
وكان العمران قد توقع في حديث لـ "الاقتصادية" في حزيران (يونيو) الماضي حدوث إعصار مالي يضرب الأسواق العالمية بدءا من الأمريكية في الصيف الحالي، بيد أنه قال "رغم حدوث الإعصار الذي توقعناه، إلا أن المفاجأة كانت في سرعته وحجمه، الذي يعد أكبر من الأزمة المالية التي تلاها كساد اقتصادي في 1929".
وتوقع استمرار التذبذب في الأسواق العالمية خلال الأشهر الستة المقبلة وتباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة التي يمثل سوقها أكثر من 30 في المائة من الاستهلاك العالمي، ما سينعكس بصورة جذرية على الاقتصاد العالمي والأسواق الدولية بما فيها أسواق الشرق الأوسط، غير أنه - مع ذلك - أبدى تفاؤله " فهناك ضوء في نهاية النفق وإن كان هذا النفق طويلا، حيث يمتاز النظام المالي الأمريكي بالمرونة وسرعة اتخاذ القرار"، وهو ما شاهدناه في طبيعة التصدي الأخير للاضطراب الذي حدث في أسواق المال الأمريكية".
ولم يستبعد العمران قيام الصناديق السيادية والبنوك الصينية بشراء حصص في مصرفي "جولدمان ساكس" و "مورجان ستانلي" انسجاما مع الفرص الاستثمارية التي خلقتها التطورات الأخيرة في أسواق المال، مرجعا ذلك إلى تمتع المؤسسات المالية والمصرفية الصينية بسيولة عالية ورؤوس أموال ضخمة ونظرة مستقبلية بعيدة المدى.
وكان "جولدمان" و "مورجان" قد حوّلا قبل أيام وضعهما المالي والقانوني ليصبحا شركتين مصرفيتين قابضتين، تمهيدا للسماح لهما بتلقي ودائع المستثمرين وجمع مزيد من الأموال لتجاوز أزمة الائتمان العقاري.
وقال إن الخليج جزء من المنظومة العالمية، وبالتالي فإن خسائر الأسواق الأمريكية والغربية بشكل عام تترك تأثيراتها في المنطقة، معتبرا أن شح السيولة في أسواق المال العالمية سينعكس على المؤسسات المالية في الدول الخليجية.
وتابع "قطاع المال والمصارف يعيش أصلا فترة من الشح في السيولة نتيجة للسياسات النقدية التي بدأت المصارف المركزية الخليجية تطبيقها قبل بداية صيف 2008 لمكافحة التضخم".
وذكر أن أسواق المال الخليجية شهدت تراجعا مع بداية الصيف الجاري في ضوء انخفاض سعر البترول ومن ثم تقلبات واضطراب أسواق المال العالمية التي جرفت معها السوق الخليجي لمستويات ضعيفة لم يتصور المستثمرون أنها ستحدث في فترة وجيزة ، ملاحظا أن ذلك السوق يعاني غياب النمو في الأرباح. ونصح المستثمر الخليجي بأن "يستمع" لذوي الخبرة والاختصاصيين وعدم اتباع الإشاعات، و"قراءة" التقارير والتحليلات الاقتصادية والميزانيات ، من دون "الطمع" عند تحقيق الربح، وتنويع استثماره وتفادي الإقراض العالي.

الأكثر قراءة