الكويت: تباين حول ضخ سيولة من هيئة الاستثمار لدعم سوق المال
تباينت ردود فعل الخبراء في الكويت حول قرار الهيئة العامة للاستثمار بصفتها المديرة لصندوق الثروة السيادي للدولة بزيادة استثماراتها من خلال الصناديق الاستثمارية في سوق الأسهم المحلية بعد الانخفاض الحاد الذي شهدته سوق الكويت للأوراق المالية.
ففي حين أيد بعض الخبراء في أحاديث خاصة بـ "الاقتصادية" هذا الاتجاه معتبرين انخفاض البورصة فرصة للهيئة لتحقيق عوائد جيدة من مساهمتها في صناديق استثمارية ذات عوائد جيدة، إضافة إلى دعمها السوق والتعجيل بتصحيحها، ما سيؤدي أيضا للحفاظ على قيمة الأسهم المملوكة للهيئة من الهبوط الذي تشهده السوق مما يعتبر أثرا إيجابيا غير مباشر تحققه الهيئة من هذا التدخل، مؤكدين أن الهيئة تستثمر في جهات خارجية متعددة وبالتالي من الأولى بها أن تدعم السوق الكويتية.
وعلى الجانب الآخر يعارض البعض قرار الهيئة بالتدخل في السوق معتبرين أن الهيئة ليست منوطة بلعب دور المنقذ للأسواق، مؤكدين أن السوق لابد أن تترك لتصحح نفسها بنفسها وأن تعمل بآليات السوق الحر بعيدا عن أي تدخل، محذرين من تعرض أموال الهيئة للإهدار إذا قامت بضخها في هذا التوقيت.
بداية أوضح رئيس مجلس إدارة شركة أثمان الاستثمارية بدر بوراشد لـ "الاقتصادية" أن الهيئة العامة للاستثمار الكويتية معروفة بدورها الريادي في ضخ تفعيل الاستثمارات في الكثير من الأسواق العالمية وبالتالي من الأولى بها التدخل لدعم السوق الكويتية إذا ارتأت الحاجة لذلك.
علما بأنها قامت سابقا باستثمار ما يزيد على خمسة مليارات دينار كويتي في بنكين ويضيف بور راشد أن الأزمة الحالية التي تشهدها سوق الكويت للأوراق المالية تحتم وجود صانع سوق يقوم بإنقاذ البورصة من حالة الانهيارات التي باتت تتضح معالمها في ظل التداعيات السلبية المحيطة بأسباب التراجع وشح السيولة التي أفقدها الكثير من توازنها ومكاسبها والتي تجاوزت خلال فترة قصيرة لم تتجاوز ثلاثة أشهر أكثر من 1500 نقطة، كما أن استمرار انخفاض المؤشر السعري يمكن أن يهدد السوق بالانهيار إذا لم تتدخل جهة قوية لمساندته لافتا إلى أن الهيئة العامة للاستثمار هي أحق من يقوم بهذا الدور خلال ضخ بعض السيولة المتوافرة والمتاحة لديها.
أما المحلل المالي في شركة بيت الاستثمار العالمي جلوبال ميثم الشخص فرأى تدخل الهيئة العامة للاستثمار لدعم السوق الكويتية أمرا عاديا تقوم به معظم الدول، حيث قام البنك الأوروبي بضخ 30 مليار يورو في السوق الأوروبية وقامت بريطانيا بضخ خمسة مليارات جنيه في السوق البريطانية لافتا إلى أن الهيئة العامة للاستثمار يمكن أن تلعب دور صانع السوق في الكويت.
في حين وجد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المدينة للأوراق المالية على الموسى أن هناك حالة عامة من الهبوط تجتاح الأسواق بوجه عام ولا توجد مشكلة خاصة بالسوق الكويتية محذرا من تكريث فكرة وجود أزمة خاصة بالسوق الكويتية مما يزيد من حالة الهلع لدى المستثمرين ويفاقم من الأزمة.
واعتبر الموسى تدخل الهيئة العامة للاستثمار أو أي جهة أخرى لدعم السوق يتنافى مع آليات السوق الحر ويعد حلا مصطنعا يسير عكس اتجاه الأسواق وبالتالي لن يفيد بشيء، وطالب الحكومة الكويتية بالإسراع في ظهور هيئة سوق المال والتي من شأنها دعم السوق الكويتية وحمايتها من المخاطر.
المحلل المالي يعقوب الباش لا يعارض قيام الهيئة العامة للاستثمار بضخ أموال في سوق الكويت للأوراق المالية ويرى أن الهيئة يجب أن تزيد مساهمتها في الصناديق الاستثمارية التي مازالت متواضعة مقارنة بحجم الأموال المدارة من قبل الهيئة والتي تزيد على 250 مليار دولار أمريكي.
ويتحفظ الباش على تحرك الهيئة كرد فعل للسوق والذي لا يتناسب مع طبيعة عمل الهيئة، مؤكدا أن الهيئة العامة للاستثمار يجب أن تسعى لتحقيق عوائد سنوية جيدة وتتحرك طبقا لخطط استراتيجية مدروسة وأنها يجب أن تبتعد عن القيام بدور المنقذ للأسواق.
ويحذر الباش من ضخ الهيئة لأموال في الوقت الحالي والذي يمكن أن يؤدي لإهدارها موضحا أن الحل الحقيقي لأزمة السوق الحالية هو قيام الحكومة بطرح مشاريع جديدة تنعش السوق.
ويعتبر مدير عام شركة الدار لإدارة الأصول الاستثمارية عبد الرحمن الداود أن قرار الهيئة العامة للاستثمار بضخ سيولة في سوق الكويت للأوراق المالية لن يؤتي نتائجه المرجوة نظرا لعزوف كبار المستثمرين عن ضخ سيولة في الوقت الحالي، بالإضافة لافتقاد السوق الكويتية صانع سوق بالمعنى الحقيقي والذي يمكنه من السيطرة على مجريات الأمور قبل أن تتفاقم، ويحذر من توجيه اللوم للهيئة واتهامها بالمضاربة إذا تدخلت في شراء أسهم في الوقت الحالي ثم بيعها بعد ارتفاع أسعارها.
يذكر أن الهيئة العامة للاستثمار الكويتية تبحث الاستثمار في البورصة الإماراتية، التي انخفضت 16 في المائة خلال الشهر الجاري طبقا لما جاء في صحيفة "الفايننشيال تايمز" البريطانية التي أوضحت أن تحرك الهيئة العامة للاستثمار جاء وسط توقعات متزايدة بأن تقوم صناديق الثروة السيادية بالتدخل في الأسواق الخليجية التي تشهد هبوطا حادا، ودعم البنوك المحلية المتضررة، حتى لو نتج عن ذلك ارتفاع التضخم. وأشارت الصحيفة إلى أن الأموال الأجنبية خرجت من البورصات الخليجية بعدما اضطرت إلى تسييل مراكزها، في وقت تبعث ظروف بعض البنوك الإماراتية على القلق.