وقت الصيام محدد بغروب الشمس ولا يختص ببلد دون آخر

وقت الصيام محدد  بغروب الشمس ولا يختص ببلد دون آخر

يعيش أكثر من 800 مسلم في مدينة ترومسو النرويجية الواقعة على خط 77 درجة شمالا داخل الدائرة القطبية وسط ظروف صعبة خلال شهر رمضان، ويأتي إلى هؤلاء في كل عام من يؤمهم ويعلمهم ما يشكل عليهم من أمور دينهم، ويعد الداعية مشعل همت واحدا من بين هؤلاء الذين يعانون الأمرين في هذا الشهر العظيم، حيث تجبره الظروف البيئية والمناخية هناك إلى صيام أكثر من 16 ساعة في كل يوم وهو عدد ساعات قليلة مقارنة بالأعوام السابقة والتي وصل فيها عدد ساعات النهار إلى أكثر من ذلك بكثير ففي الأيام الممتدة ما بين 21 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 21 كانون الثاني (يناير). لا يشهد سكان هذه المدينة أي بصيص من ضوء، حيث تظل الشمس غائبة عن الأفق طوال هذه الفترة الطويلة ومع ذلك فإن هناك الكثير من المسلمين في تلك المدينة والمناطق القريبة منها يقومون بأداء واجبهم الديني متبعين في ذلك تقسيما خاصا يحدد من خلاله الأوقات المناسبة للصلوات الخمس وتتيح لهم في الوقت نفسه القيام بأعمالهم ونشاطاتهم الحياتية العادية في وسط هذا الظلام الحالك الذي يلف المدينة طوال تلك الشهور بسبب غياب الشمس.
وعلى العكس من ذلك تماما تسطع الشمس وتظل كذلك 24 ساعة في الفترة من 21 أيار (مايو) إلى 21 تموز (يوليو) دون أن تغرب ولو لدقيقة واحدة ويتبع السكان خلال تلك الأيام الأسلوب نفسه في التكيف مع هذه الأجواء التي دفعتهم إليها ظروف الحياة للبحث عن لقمة العيش.
من المهم أن يعرف هؤلاء الذين يسكنون في تلك المناطق وكذلك غيرهم من المسلمين الكيفية التي يصوم بها المسلمون في المناطق التي تصل فيها ساعات الصيام إلى أكثر من 22 ساعة.
وقد تلقت رابطة العالم الإسلامي رسالة من أحد مبعوثيها في كوبنهاجن - الدنمارك – القريبة من مدينة ترومسو يسأل فيها عن كيفية الصيام في بعض جهات الدول الاسكندنافية التي يكون النهار فيها أطول من الليل بكثير على مدار السنة، حيث يكون الليل ثلاث ساعات فقط، في حين يكون النهار 21 ساعة، وذكر أنه إذا صادف أن قدوم شهر رمضان في الشتاء فإن المسلمين فيها يصومون مدة ثلاث ساعات فقط، وأما إذا كان شهر رمضان في فصل الصيف فإنهم يتركون الصوم لعدم قدرتهم عليه نظراً لطول النهار. وطلب فتوى تحدد مواعيد الإفطار والسحور، والمدة التي يصام فيها شهر رمضان لإعلانها إلى المسلمين في هذه البلاد.
وقد أجابت فتوى للجنة الدائمة كاملة، حيث أجابت بعد الدراسة بما يلي: شريعة الإسلام كاملة وشاملة قال تعالى: {?لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ ?لأسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3]، وقال تعالى: {قُلْ أي شيء أَكْبَرُ شَهَـ?دةً قُلِ ?للَّهُ شَهِيدٌ بيني وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَـ?ذَا ?لْقُرْءانُ لأنذركم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام: 19] الآية. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَـ?كَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} [سبأ: 28]، وقد خاطب الله المؤمنين بفرض الصيام فقال تعالى: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ امنوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ?لصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ?لَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، وبين ابتداء الصيام وانتهائه فقال تعالى: {وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لاسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ?لصّيَامَ إِلَى ?لَّيْلِ} [البقرة: 187]، ولم يخصص هذا الحكم ببلد و لا بنوع من الناس، بل شرعه شرعا عاما، وهؤلاء المسؤول عنهم داخلون في هذا العموم والله جل وعلا لطيف بعباده شرع لهم من طرق اليسر والسهولة ما يساعدهم على فعل ما أوجب عليهم، فشرع للمسافر والمريض - مثلا -الفطر في رمضان لدفع المشقة عنهما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـ?تٍ مِّنَ ?لْهُدَى? وَ?لْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ?للَّهُ بِكُمُ ?لْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ?لْعُسْرَ} [البقرة: 185] الآية، فمن شهد رمضان من المكلفين وجب عليه أن يصوم، سواء طال النهار أو قصر، فإن عجز عن إتمام صيام يوم وخاف على نفسه الموت أو المرض جاز له أن يفطر بما يسد رمقه ويدفع عنه الضرر، ثم يمسك بقية يومه وعليه قضاء ما أفطره في أيام أخر يتمكن فيها من الصيام.

الأكثر قراءة